جاء في النهار:
لا تختلف انطباعات رئيس مجلس النواب نبيه بري وهواجسه عن تلك التي تسكن صديقه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ولو ان كلا منهما يعبر عن مخاوفه على طريقته. لكن الأكيد أن الرجلين باتا مقتنعين بدقة المرحلة وحساسيتها، وبالحاجة الملحة إلى ممارسة أقصى الضغوط العربية والدولية لتجنيب لبنان الانزلاق إلى الحرب الموسعة مع إسرائيل، كذلك يلتقيان على عدم الارتياح أو الاطمئنان إلى المبادرة الأميركية وجدية واشنطن في التعامل مع إسرائيل لدفعها نحو التزام وقف النار في غزة، بما ينسحب على لبنان.
لا يتحدث بري أمام زواره عن حرب موسعة، بل عن اعتداء تهدد إسرائيل بالقيام به، فيرد بأنه سيكون في الصفوف الأمامية إلى جانب “حزب الله” للدفاع عن لبنان. وكلام بري يتناغم مع كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بأن حزبه على جهوزية كاملة للرد “إذا فُرضت علينا الحرب”.
إذا، لا مبادرات من الجانب اللبناني في اتجاه إسرائيل على طريقة ٢٠٠٦، بل التزام لقواعد الاشتباك التي تخرقها إسرائيل نفسها لا الحزب، على ما يقول بري أمام زواره.
لكن هذا وحده غير كافٍ للجم تل أبيب إذا ما وجدت حاجة، بعد الانتهاء من عملياتها في رفح، للتحول إلى الجبهة اللبنانية. والواقع أن مخاوف بري وتحذيراته من شهر حاسم، لا تنبع فحسب من التهديدات الإسرائيلية المتنامية أو الاعتداءات المتصاعدة الوتيرة، بل مما يحمله هذا الشهر من استحقاقات دولية مهمة، على ما تقول الأوساط القريبة منه. فالأميركيون يستعدون لخوض انتخابات رئاسية حامية جداً، والخميس سيشهد العالم على المناظرة الرئاسية بين المرشحين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.
أما على المقلب الأوروبي، فستخوض كل من فرنسا وبريطانيا انتخاباتهما، مع كل ما يمكن أن ترتّبه هذه الاستحقاقات من تغيير ربما على مستوى السلطات والسياسات الخارجية. يدخل بعدها العالم عطلة الصيف، فتتعطل كل المبادرات ويصبح لبنان خارج دائرة الاهتمام الدولي.