غدير عدنان نصرالدين - خاصّ الأفضل نيوز
مع بداية فصل الصيف، تتجه الأنظار مجددًا نحو القرى والبلدات الجنوبية في لبنان، التي تسعى جاهداً إلى إنعاش الحركة السياحية كمحرك اقتصادي ضروري في ظل الأزمات المتلاحقة. وفي وقتٍ تشهد فيه العاصمة بيروت موسمًا سياحيًا طبيعيًا، يبقى الجنوب تحت المجهر، حيث يخيّم القلق على أصحاب المؤسسات السياحية من فنادق ومطاعم، في ظل الوضع الأمني المتقلب منذ اندلاع طوفان الأقصى عام 2023 وصولًا إلى الحرب الأخيرة التي خلّفت أضرارًا مدمرة.
هذا الترقب يرافقه تخوّف حقيقي من عودة القطاع السياحي إلى حالة الجمود، ما يهدد مصدر الدخل الأساسي للمنطقة.
وفي ظل هذه التحديات، تتكثف الجهود الرسمية والأهلية لتحضير موسم صيفي يليق بالجنوب وبمحافظة النبطية تحديداً، وسط تساؤلات تُطرح حول مدى التنسيق بين مكتب الاستعلامات التابع لوزارة السياحة في النبطية، الوزارة المركزية، والبلديات المعنية، لضمان موسم ناجح يعيد الحياة إلى الجنوب.
وفي سياق متصل، أشار رئيس دائرة الموظفين في وزارة السياحة، والمكلّف بمتابعة شؤون مكتب الاستعلامات السياحية في النبطية، زاهر شعيتاني، في حديث لـ "الأفضل نيوز"، إلى أن المكتب كان من المفترض أن يتحوّل إلى قسم يُعنى بتلبية طلبات المواطنين ومتابعة ملفاتهم، بما في ذلك منح التراخيص وتصديق الأسعار، وذلك ضمن خطة الوزير، وليد نصار، الهادفة إلى تطبيق اللامركزية السياحية على مستوى لبنان، إلا أن غياب المراسيم التشريعية اللازمة حال دون تنفيذ هذا التوجه بشكل رسمي، ما جعل دور المكتب يقتصر حالياً على تقديم المعلومات والإرشادات للسياح، إضافة إلى المساعدة في ما يتعلق بالتراخيص من خلال تقديم الاستشارات والسندات المطلوبة عبر الموظفين المتواجدين حسب ما فسَّر شعيتاني.
كما تطرق إلى السابع من أكتوبر 2023، مع بدء حرب الإسناد، حيث زار وزير السياحة المنطقة ضمن جولة رسمية، إذ تم عرض خطة متكاملة لتنفيذ عدد من المشاريع السياحية، وقد بدأ العمل فعليًا على بعض منها. وخلال فترة حرب الإسناد، وبرغم الظروف الصعبة، أشار شعيتاني إلى عدة فعاليات أُقيمت برعاية وزارة السياحة، شملت إدراج معالم أثرية ودينية على الخارطة السياحية في لبنان، مثل الجامع القديم في النبطية وكنائس في النبطية الفوقا والكفور، التي كانت تُجهَّز لتكون محطات رئيسية ضمن المسارات السياحية المستقبلية، مؤكداً أن الحرب علّقت هذه الجهود مؤقتًا، ومع انتهائها، عاد الحديث عن إطلاق مؤتمر سياحي في المنطقة، في خطوة تؤكد تمسّك الأهالي بالحياة الطبيعية رغم الأوضاع الأمنية المتوترة والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وقد شدد شعيتاني على التنسيق الفعّال بين مكتب الاستعلامات التابع لوزارة السياحة في النبطية وبلدية المدينة لتنظيم الأنشطة والفعاليات، خاصة أن موظفي المكتب يتمتعون بصلاحيات تفتيشية تخوّلهم اتخاذ الإجراءات القانونية وتنظيم محاضر ضبط عند الضرورة. كما أن هناك تعاونًا وتكاملًا بين مختلف الوزارات المعنية، مثل الصحة والاقتصاد والسياحة، التي تعمل بتنسيق موحّد لضمان حسن سير العمل والالتزام بالقوانين.
وخلال حديثه، لفت شعيتاني إلى التحضيرات الحالية لعقد مؤتمر سياحي جديد في إطار الجهود المستمرة لدعم هذا القطاع الحيوي، حيث تُظهِر وزيرة السياحة، لورا الخازن لحود، اهتمامًا بالغًا بالواقع السياحي في لبنان، حيث تقوم بجولات ميدانية شاملة في مختلف المناطق اللبنانية، وتشرف شخصيًا على رعاية وتشجيع الأنشطة السياحية. تأتي هذه الخطوات ضمن خطة وطنية شاملة تُعدّ من أولويات الوزارة، وتعمل الوزيرة الحالية على تنفيذها بهدف تنمية وترويج السياحة في لبنان، إلى جانب دعم المؤسسات السياحية وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني.
وختم شعيتاني بالتأكيد على أهمية تشجيع المواطنين على الصمود في ظل الظروف الراهنة، وضرورة مساندة المؤسسات السياحية للنهوض مجددًا، مُفسِّراً أن هذا القطاع يُعدّ من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني، إذ يُدرّ على البلاد ما بين 6 إلى 8 مليارات دولار سنويًا. وذكّر بأن السياحة والمغتربين كانوا من أبرز العوامل التي ساهمت في إبقاء لبنان واقفًا خلال جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية، وخلال ثورة 17 تشرين، مؤكدًا في الوقت نفسه أن القطاع السياحي يمتلك القدرة على قيادة عملية النهوض، لكنه بحاجة إلى دعم جماعي وتكاتف وطني، لا إلى مزيد من الضغوط أو العرقلة.