يحيى الإمام - خاص الأفضل نيوز
عندما يدخل اللّص إلى بيتك ويريد أن يسرقَ حتى أوراقَك الثبوتيةَ وينتحلُ اسمَك وصفتَك ويتنعم بخيراتِ أرضك ويطرحك وأسرتَك خارج منزلك بالقوة، فلا مجالَ لأن تحاورَه بالحجة والمنطق ولا سبيل لأن تقنعَه بحقك في البقاء وماذا يعني لك بيتُك وكرامة أسرتِك لأن ذلك لن يغيّرَ شيئاً، وإذا غلبَك بفائض قوته وطردَك من دارك فصرت تنظر إلى دارك من البعيد ولا تستطيع الاقتراب منها، فما عليك إلّا أن تذهبَ إلى أقرب نادٍ لتتدرب وتبني عضلاتك وتطرده من دارك مستعيناً بمن يتعاطف معك من الأقربين والأبعدين.
هكذا علَّمنا جمال عبد الناصر حين قال: "إن الاستعمارَ لن يحملَ عصاه على كاهله ويرحل بالإقناع والمنطق، كذلك فإن إسرائيل لا يمكن أن تنزاحَ من الأرض العربية بالإقناع والمنطق"...
أما الذين يعادون إيران "الفارسية" وحزب الله العربي اللبناني "الشيعي" وحماس والجهاد وكل من يحالف إيران في محور المقاومة ويتوجسون منهم خوفاً بحق أو بغير حق وبإعمال للعقل والتفكير أو دون إعمال فهم في الحقيقة غير معنيين بالقضية الفلسطينية أولاً ولا يدركون بأن إسرائيل هي لا تشكل تهديداً وجودياً لهم، وهي ليست خطراً على فلسطين والمنطقة العربية فحسب وإنما هي خطر على الإنسانية جمعاء.
لا ينبغي أيها العربي المسلم أن تكون مع إيران أو ضدها، بل من الواجب أن تقدرَ وتشكرَ كل من يقف معك في محنتك، وتذكّر دائماً بأننا نحن أهل القضية وأهل الراية، وكل من يعادي إسرائيل هو أخ لنا ولو كان من جنوب أفريقيا أو من كولومبيا، وكل من يحالف إسرائيل ويسعى إلى خدمتها وإرضائها هو عدو لنا ولو كان عربياً مسلماً أو سنياً شافعياً يسكن في حيّنا... واحفر في دماغك أيضاً أن إيران لا تعمل من أجل خدمتنا ولا ينبغي بل هي دولة حيّة ولها الحق في أن تدافعَ عن مصالحها وتبني قدراتها، وهي شجرة خضراء معطاء تفرش ظلها في المحيط ولا يحق لغير الشجرة الخضراء المعطاء أن تفرش ظلالاً أو تعطي ثماراً أو أن تعمم ثقافة اليباس، بل كل ما يحق لها هو الاجتثاث من جذورها لأن الحلم باخضرارها وعطائها هو صعب المنال بل هو ضرب من ضروب المستحيل...
نعم إن المقاومة انطلقت بحقها المشروع في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات وكل من يقف معها على اختلاف لونه أو دينه أو عرقه هو مشكور ومبرور وله من أحرار أمتنا كل التقدير والعرفان بالجميل، فعندما طرد وزير خارجية فلسطين محمود الزهار من العواصم العربية ولم تدعَ حماس المنتخبة من شعبها إلى مؤتمر الخرطوم، قلت في إحدى قصائدي:
( يا قدسُ عفوَكِ ذاكَ الشرقُ فاتجهي
صوبَ النجادِ عظيم الفرس واحتفلي
لو زارَه جعفرُ الطيارُ ثانيةً
لعاد يحمل في يمناه سيفَ علي...).
صحيح أن التضحيات في غزة وفي جنوب لبنان كبيرة جداً، وصحيح بأن الأوجاع كثيرة، ولكن الصحيح أيضاً أن إسرائيل تألم اليومَ أكثر من أي وقت مضى وتنهار فعلاً وحقاً وصدقاً ولأول مرة منذ ستة وسبعين عاماً من الاحتلال رغم كل الدعم العربي والغربي، فها هو المحلّل الإسرائيلي "تسفي برئيل" يقول لصحيفة (هآرتس): إسرائيل لا تملك استراتيجية للخروج من الحرب، وهي تخشى حرباً مفتوحة مع حزب الله في الشمال بعد أن أنهكت في الجنوب، وأقصى ما تريده إسرائيل إخراج حزب الله مِن هذه الحرب "اللَّعينة". والصحيح الذي لا شك فيه قول الله سبحانه في محكم التنزيل:
(إن تكونوا تألمونَ فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون).