إسلام جحا - خاصّ الأفضل نيوز
لم يكتفِ الاحتلال الصّهيوني باجتياح شمال قطاع غزة ومحاصرته من كلّ الاتجاهات، نسَفَ المنازلَ وهدَّ المؤسّسات.. وجرَف الأرض.. واقتحم المستشفيات وأحرق مراكز الإيواء؛ ظنًا منه أنه بذلك يُخفي جريمته... لكن هيهاتَ هيهاتَ... مهما عبثت يداه الآثمتان بمعالم الأمكنة فستبقى الحقيقةُ وحدَها الثابتة عن عدوٍّ هُزم فانتقم...!.
في الشمال، حيث لا يزال الفلسطينيون متمسّكين بأرضهم وذكرياتهم تغيّر وجه المنطقة، لكنّ وجوهَ هؤلاء بقيت كما هي.. تروي للأجيال حكاياتٍ من الصّمود والإصرار والكفاح. بقيت لتشهدَ على اعتداءاتٍ وَثقتها ألسنةُ اللّهب وأعمدةُ الدّخان الناجمةُ عن الحرائق التي لم تهدأ بعد.
قواتُ الاحتلال نفّذت مئاتِ الاقتحامات في أقلّ من شهرٍ لإخراج السّكان من ديارهم أو من أماكنَ أوَوْا إليها.. اقتحاماتٌ قتلت خلالها المئاتِ، وتركت جثامينهم في الشوارع متفحّمةً وملقاةً دون انتشال.. وخلّفت بيوتًا تفحّمت.. بهدف إزالة كلّ ما يتعلق بهم على مدى عامٍ ونيّف من حربٍ لم يترك العدوُّ خلالها شيئًا إلا وفعله.
سياسة الحرق هذه تمثل العقليّة المتطرفة التي توقظها بشكلٍ مستمرٍ النّزعة الصهيونية حيال الشّعب الفلسطينيّ، والتي تمارسها قوات الاحتلال أو المستوطنون المحميّون بقوة السّلاح. وتمتدّ هذه الجريمة من القطاع إلى الضفة والقدس المحتلّتين من خلال إحراق المنازل والممتلكات وتجريف الأراضي واقتلاع الأشجار، لخلق مناطقَ عسكريةٍ وتوسيعِ المستوطنات وتهجير الفلسطينيّين وضمان أغلبيّة ديمغرافيّة يهوديّة، وفرضِ سيطرة أمنية وسياسية على أكبر مساحة فلسطينية ممكنة.
هذه العقيدة لا تتوقف عند إحراق الممتلكات، إذ تجاوزت كلّ الخطوط الحُمر خلال سنةٍ من حرب الإبادة، فأحرقت خيام النازحين في المواصي أكثر من مرة، وفي محيط مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
والتاريخ مع الاحتلال شاهدٌ على إحراق الطفل محمد خضير الذي اختطفته قوات الاحتلال من أمام منزله في حيّ شعفاط عام 2014 ممارسةً بحقه أبشعَ أنواع التعذيب والتنكيل والحرق حيًّا في جريمة هزّت العالم، إضافة إلى إحراق عائلة دوابشة في قرية دوما في نابلس بعد عام واحدٍ فقط، حيث ألقى مستوطنون صهاينة زجاجاتٍ حارقةً على منزلهم ما أدى إلى استشهاد ثلاثة من العائلة بينهم طفل يبلغ 18 شهرًا.
هؤلاء وسواهم أحرقهم الاحتلال أحياءً دون رحمة.. وأحرقهم العالم ثانية لحظة صمته المطبق عن جريمةٍ تدلل على وحشية محتلّ لا بدّ سيزول..!.