مفيد سرحال - خاصّ الأفضل نيوز
لما تزل خطط برنارد لويس المؤرخ الإنكليزي اليهودي الأشكينازي الأصل حاضرة على طاولة لعبة الأمم يتم الاستئناس بخرائطها من قبل حكومة العالم الخفية كلما سنحت السوانح وتشكلت الظروف الموضوعية لاستثمار اللحظة كقابلة دولية مصالحية لاستيلاد المشاريع الجيوسياسية بما يتناسب مع برامج العالم الإنغلو ساكسوني في التوسع والسيطرة وبسط النفوذ ومصادرة الموارد ومن دون شك في مقدمها مصالح الكيان العبري (الحارس) كأولوية لدى الغرب الجماعي في هذا المضمار.
لقد تحدث برنارد لويس عن حدود الدم كمصطلح يعكس اسقاطات المنازعات وأشكال الاحتراب كما يرسم الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط الحبلى بالتناقضات الطائفية والمذهبية والإثنية وسوى ذلك من التمايزات الحضارية والثقافية.
يبدو أن إسقاط سوريا البيدق الأول في دومينو برنارد لويس ومترجمي خططه شكل زلزالا مدويا ستكون آثاره تدميرية على المنطقة برمتها نظرا لما تمثله سوريا من موقع جيوسياسي بالغ الأهمية كواسطة عقد المحور المناهض للكيان الصهيوني وأطماعه ونزوعه لإخضاع المنطقة برمتها لنفوذه وسطوته سواء مباشرة أو بالواسطة .
صحيح أن المقاومة في غزة ولبنان تعرضت لهجمة شرسة وضربات قاصمة تركت ندوبا عميقة في جسمها الجهادي وبيئتها وبنيتها العسكرية لكنها حتما لم تنهر ولم تتلاشَ، وبالقدر الذي تضررت بالمقابل أيضا ألحقت بالعدو خدوشا بليغة بالأمن والاقتصاد والروح المعنوية وعدم الأمان وعدم الشعور بالاستقرار لدى قطعان المستوطنين ، أي ضرب فكرة الاستيطان الإحلالي في جذورها وصلب الكينونة الدولتية.
ولعل مسارعة نتنياهو لوقف الحرب مع لبنان دلالة واضحة على المأزق الوجودي للكيان في وقت كانت المقاومة قد حضرت نفسها لحرب استنزاف طويلة متجاوزة بمرونة فائقة الأضرار التي لحقت بها .
لقد خرجت إيران من سوريا ومعها روسيا التي لطالما اعتبرت سوريا بمثابة أمن قومي لموسكو ...وسقوط دمشق يعني سقوط عاصمة الاتحاد الروسي.
لقد انقلب المشهد وتبدل اللاعبون على المسرح السوري حيث باتت تركيا بطموحها الأردوغاني العثماني المتجدد في مواجهة الكيان الصهيوني المتربص دوما والساعي للقضم والتوسع والتمدد في الأرض العربية .
الأتراك الذين ساندوا هيئة تحرير الشام يريدون سوريا موحدة تحت عباءتهم وهذا يعني إجهاض المشروع الكردي الانفصالي المدعوم من أميركا وتباركه الدولة العبرية.. وهذا ما شكل "نقزة" كبيرة للغرب الجماعي الحريص على الكرد والمذعور من اتساع عباءة أردوغان بمشروع "أخونة" المنطقة على غرار الربيع العربي، فتنتقل التجربة السورية إلى الأردن ومصر أي حلفاء أميركا الأساسيين في الإقليم والتجربة حاضرة في ليبيا ومسارعة تركيا لمصالحة أثيوبيا والصومال على حدود مصر وتموضعها في اذربيجان وووو.....
أما نتنياهو وبعد إقرار يهودية الدولة وحديثه عن الشرق الأوسط الجديد أي المتشظي المجزأ المتصدع يسعى جاهدا لتدعيم كيانه المهزوز ومسح آثار طوفان الأقصى و عجز فرقه السبع عن مواجهة سباع المقاومة في جنوب لبنان عبر إطلاق مشروع تفتيت سوريا إلى كيانات تدور في فلكه وكلامه واضح في آخر زيارة له للجولان السوري المحتل عندما وضع خطا"أحمر تحت جماعة:(الدروز المسيحيين والكرد ) وهذا يعني تشليع سوريا ولبنان و ضربة في الصميم للاستراتيجية التركية في سوريا التي تقوم على وأد الكيان الكردي المستقل والتمدد إسلاميا .
إذا تركيا تهدد مصالح أميركا بنقل الإسلام السياسي إلى ديار حلفائها إذا ما استمر الأميركي بدعم الكرد وبالمقابل تقسيم سوريا وفق المنطوق الصهيوني إلى كيانات طائفية وعرقية من شأنه نقل العدوى إلى داخل تركيا عبر تحريك الكرد والعلويين فيغدو مشروع عرقنة تركيا متاحا وتهب الرياح باتجاه العراق ومصر ووو...حتى ينقسم الهواء لا الأرض وحسب.
برنارد لويس لا زالت شياطين أفكاره حاضرة علما أنه رحل عام 2018 عن عمر ناهز 101سنة .
الروس يضعون أيديهم على رؤوسهم خوفا من تحرك الجمهوريات الإسلامية الآسيوية فتشتعل مواقد الحطب في حضنهم ...الإيرانيون يترقبون ويعاينون المتاهة غير أنه من السذاجة بمكان القول أنهم خسروا....!!!! فلننتظر نتائج الكباش التركي الإسرائيلي وأي ذراع من الذراعين سيلوى وفي ضوء ذلك يتحدد مصير المنطقة لا بل العالم.