مفيد سرحال - خاص الأفضل نيوز
مرتا مرتا،إنك تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين،إنما المطلوب واحد..إنجيل لوقا 38/10_42.
ما من عاقل صاحب بصيرة متخفف من أثقال الأحكام المسبقة واعتمالات التاريخ وتقيؤاته إلا ويدرك تمام الإدراك أن مخاوف الغرب الجماعي من الجمهورية الإسلامية في إيران ليس لنزوع إمبراطوري أو امتلاك برنامج نووي أو طموح جيواستراتيجي في المنطقة .
كل هذا مجرد هذيان لا بل غثيان سياسي جرى تصنيعه كفكرة يتم مضغها في دوائر الإعلام والسياسة الدولية وامتصاص حلوها لتلقح على العقول بمرارة تستحكم بمفاتيحها وتستغلق عل عصبيات بغيضة تحرف الأمور عن مساراتها وسياقاتها الطبيعية والموضوعية.
الغرب شبيه (مرتا ) يهتم بأمور كثيرة والمطلوب واحد ....أمن الكيان العبري واستدامة تفوقه العسكري والأمني في المنطقة العربية كذراع ممدودة للبطش والقتل وسحق أصحاب الأرض الأصليين تجذيرًا للاستيطان الإحلالي التوسعي .
لا شك أن الكيان اليهودي فقد في صراعه مع محور ال.م .قاwمة منذ ما بعد طوفان الأقصى مناعته الوظيفية التي أنشئ من أجلها كحارس للمصالح الغربية وفزاعة.. وثبت بالوقائع أن نجدة الغرب انتشلته من زوال محتوم كما انفضح أخلاقيا أمام العالم كقاتل سادي لا يشبع من دم الأبرياء في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا وبالتالي كل حديث عن الظلم الذي لحق باليهود في العالم كان مجرد كذبة للابتزاز والاستعطاف ولا هولوكوست غير هولوكوست غزة وأخواتها في بقية دول المحور التي مانعت وحاربت مشروع الهيمنة الصهيوني.
راهنا يظن نتنياهو وحكومة حربه أن إنجازاته في ساحات وجبهات المساندة والمواجهة حفزته للانقضاض على الجبهة السابعة أي إيران التي وقفت إلى جانب قوى المقاومة ومدتها بعناصر القوة على قاعدة أن توجيه الضربة للرأس بعد تهشيم الأجنحة سيفتح الباب أمام إسرائيل الكبرى والهيمنة على الشرق الأوسط بمقدراته وممراته الحيوية.
لكنها إيران المساحتان الجغرافية والديمغرافية الهائلة فالهجوم المباغت عقب حفلة تضليل أميركية إسرائيلية متناغمة فجر الثاني عشر من الجاري صحيح كان قاسيًا بنتائجه وخساراته لكنه لم يسقط الدولة وأجهزتها بل ساعات قلائل كانت كفيلة بامتصاص الصدمة الهجمة وملء الشواغر والذهاب الى ضربات موجعة لقلب الكيان العبري لا زالت مستمرة حتى اليوم وبوتيرة متصاعدة متناسبة تدرجية ونشطة من دون تهور.
لقد جرَّت إيران الكيان العبري إلى مستنقع الاستنزاف الطويل والذي بحد ذاته مقتلة سواءً دخلت أميركا الحرب أم لم تدخلها .
فالكدمات المتبادلة بين إيران والكيان العبري رغم التفوق الجوي والادعاء بالسيطرة على أجواء إيران إلا أن الصواريخ الإيرانية المجنحة أيضا فرضت معادلة السيطرة على سماء فلسطين المحتلة بدليل قدرات إيران الصاروخية العصية على الإسقاط رغم القبب ومنظومات الدفاع الجوي الأحدث في العالم الموضوعة بتصرف تل أبيب إلى جانب أحدث وأخطر وأعقد وأدق ما وصل إليه الغرب الجماعي من قدرات مذهلة في عالم التكنولوجيا والتقانة.
إذا حتى الآن التضارب بالقفازات التقليدية وفي هذا المضمار تمكنت إيران من إحقاق توازن ردعي بدليل الصراخ المتعالي من حناجر المستوطنين العاجزين عن مواجهة صواريخ إيران رئيس بلدية حيفا نموذجا ااا والهجرة المفتوحة في البحر إلى قبرص واليونان على متن الزوارق في مشهدية تختصر حجم المخاطر والخسران الذي لحق بالكيان جراء ضربات إيران الباليستية الجراحية التي تحفر عميقًا ليس في الأبنية والعمارات والمنشآت بل بالعقل الصهيوني المهجوس بالفرار من أرض ليست ملكه ولا بد أن يغادرها طوعًا أو تحت النيران والمهجوس لاهوتيا بخراب ثالث للكيان.
والحال فالأميركي يتخبط في مستنقع الخطب الترامبية المتناقضة والتهديدات والمهل المعطاة لإيران للتوقيع على صك الاستسلام ويبرز دخول ترامب المتردد إلى المعترك حماية للكيان العبري كأمر وارد وطبيعي لكنه محفوف بمخاطر توسع دائرة النار كما يخشى رغم حرصه على الكيان توريطه في معمعة يرغبها نتنياهو لاستنقاذه من الوحل لكنها لا تتساوق مع كل شعاراته التي خاض على أساسها الانتخابات الرئاسية حول وقف الحروب والارتداد الى الداخل الأميركي لمعالجة معضلاته الاقتصادية وسواها من ملفات.
أسئلة كثيرة الآن تطرح من قبيل التطلع لفهم ملامح وطبيعة المرحلة القادمة ومآلات الحرب.
والسؤال الأهم والأبرز ماذا لو وضعت إيران القنبلة النووية على الطاولة وأعلنت في ضوء الضغوط والحرب التدميرية التي تشنها( اسرا ئيل) على منشآتها المدنية والعسكرية والخطط المعدة مع الداخل والخارج للقضاء على الدولة والنظام.؟؟ ما موقف أميركا والغرب الجماعي وهل يستسلم الإيراني أو مجرد التفكير بالرضوخ للشرط الأميركي إذا ما كان يمتلك مثل هذه القوة النوعية المزلزلة علمًا أن إيران بقدراتها التقليدية لا زالت قادرة على إيلام إسرائيل ودفعها هي للخيارات الصعبة خاصة إذا ما كانت هذه الحرب آخر الحروب بنظر كثيرين وخواتيمها ستعيد رسم خارطة العالم ...والعرب كما الدول الإسلامية باتوا يدركون أن في تدمير إيران بداية ترجمة لمخطط برنارد لويس الهادف الى تجزئة كامل المنطقة العربية والإسلامية الى فرق أثنية وطائفية ومذهبية والمقص التجزيئي حينذاك لن يرحم أحدا؟؟ ولنفرض أن إيران تلقت ضربات غير تقليدية ... ألا تبتلعها الجغرافيا في حين آثارها ستطال أمما وشعوبا محيطة ؟؟.
إزاء ما تقدم إيران ستفرض شروطها بصرف النظر عما تملك حلالًا كان أم حرامًا من أسلحة فتاكة وستبقى فلسطين سر إيران ونبض نضالها التحرري من رقبة الهيمنة الأميركية والغربية وهذا بحد ذاته يلتقي مع الطروحات العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في مسار حل الدولتين.
لذا نحن على شفا أيام فاصلة لا مناص فيها أمام نتنياهو سوى الرضوخ فالرجم الصاروخي اليومي بوتائره الإيرانية المدروسة والمدوزنة كما ونوعا قادرة على إغراق ال12 ألف كلم مربع من الكيان المأهول و قدرة الكيان على الاستمرار أشبه بمعجزة كما استحالة قدرة الكيان ومعه الغرب تغطية مليون و600 ألف كلم مربع من مساحة إيران. وبالتالي حائك السجاد بتؤدة وصبر قادر على الصمود أما كيان الأنبوب المصطنع مهما تلقى من جرعات سيصعب عليه البقاء على قيد الحياة تحت وطأة عوامل عسكرية واقتصادية ستجبره على النزوح كما نزول نتنياهو مرغما عن شجرة عتوه وعلوه وغطرسته.. عندها يسقط تلقائيا المشروع الاستعماري ومعه تزول الدولة المارقة.