ليلى نقولا
لعل الأخطر هو ما كشÙÙ‡ بوتين عن نيّة أوكرانيا، وعبر دعم من ØÙ„٠الناتو، امتلاك Ø£Ø³Ù„ØØ© نووية، وهي التي تمتلك بنية ØªØØªÙŠØ© لذلك منذ Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي.
· أرسل بوتين ÙÙŠ خطابه رسائل ÙÙŠ اتجاهات عدّة، ولكنّه بدا موجهاً ÙÙŠ الأساس إلى الشعب الروسي.
كان خطاب الرئيس الروسي Ùلاديمير بوتين الذي أعلن Ùيه الاعترا٠بجمهوريات الدونباس خطاباً تاريخياً بكل معنى الكلمة. لقد أرسل Ùيه رسائل ÙÙŠ اتجاهات عدّة، ولكنّه بدا موجهاً ÙÙŠ الأساس إلى الشعب الروسي، سواء الذي يعيش ÙÙŠ روسيا، والذي سو٠يتØÙ…Ù„ نتائج العقوبات التي Ø³ÙŠÙØ±Ø¶Ù‡Ø§ الغرب على البلاد، ليقنعه بأن ما يتØÙ…له هو نتيجة لشرÙÙ‡ وكبريائه والØÙاظ على سيادته وقيمه، أو إلى الروس المنتشرين ÙÙŠ العالم، للتأكيد أن روسيا لن تنسى أبناءها ÙÙŠ ØØ§Ù„ تعرضهم للمجازر، وهو أيضاً رسالة إلى العالم بأن "أمن روسيا" خط Ø£ØÙ…ر، ولا يمكن لدولة أن تتذرع بسيادتها، ÙØªÙ‚وم بتقوية أمنها على ØØ³Ø§Ø¨ أمن الآخرين.
ÙˆÙÙŠ ما يلي تقييم للرسائل التي تضمّنها الخطاب:
أولاً - قراءة جديدة للتاريخ الروسي
Ø£ - Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي "دولة شمولية"
بعكس ما ÙŠÙØ´Ø§Ø¹ ÙÙŠ الغرب من أن بوتين يمجّد إرث Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي ويريد استعادته، خصَّص الأخير الجزء الأول من خطابه (يعادل ما نسبته أكثر من 25%) للهجوم على السياسات الشيوعية منذ الثورة البلشÙية (وصÙها بالانقلاب) ولغاية سقوط Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯.
يبدو أن بوتين أقرب إلى روسيا القيصرية وسياساتها، ولا يؤيد السياسات التي كانت متبعة خلال Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، إذ اعتبر أن Ø§Ù„Ø¨Ù„Ø§Ø´ÙØ© أسسوا دولة "شمولية" لا تتلاءم مع الإمبراطورية الروسية وتقاليدها، ولا تشبه Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø§ÙØ© الروسية، وتمّت السيطرة عليها من قبل ØØ²Ø¨ وأقلية ØØ²Ø¨ÙŠØ©.
وص٠بوتين ما ÙØ¹Ù„Ù‡ Ø§Ù„Ø¨Ù„Ø§Ø´ÙØ© بأنه كان يهد٠إلى الØÙاظ على السلطة بأي ثمن، Ùقد قام لينين بإعطاء القوميين المتعصبين ÙÙŠ دول الجوار ما يريدون، واقتطع مع ستالين الأراضي مع سكانها من روسيا، وقدماها لدول أخرى شبه مستقلة، مع إعطائها ØÙ‚ Ø§Ù„Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„ عن الدولة Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ÙŠØ© ساعة تشاء من دون أي شروط، كما ÙØ±Ù‘طا بأراضي روسيا عبر Ø§ØªÙØ§Ù‚ية "برست Ù„ÙŠØªÙˆÙØ³Ùƒ".
وسرد بوتين نظرته الخاصة إلى سقوط Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ØŒ وردّه إلى الأزمة الاقتصادية وعدم القدرة على تلبية Ø·Ù…ÙˆØØ§Øª الشعوب، والأهم أن المتصارعين على السلطة ÙÙŠ Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الشيوعي قاموا بتشجيع النزعات Ø§Ù„Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„ية عبر "كلام ÙØ§Ø±Øº ØÙˆÙ„ توسيع الديمقراطية"... ÙˆØÙŠÙ† Ùقدوا القدرة على الØÙاظ على آليات القمع للØÙاظ على السلطة، قاموا Ø¨ÙØ±Ø· Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ قبل سنتين من ØØµÙˆÙ„ التÙكّك.
ب - روسيا: المظلومية التاريخية
ØªØØ¯Ø« بوتين عن روسيا وما قدمته من مساعدات للدول التي استقلت عن Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، وكي٠تØÙ…ّلت Ø¨Ù…ÙØ±Ø¯Ù‡Ø§ وزر الديون على Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯. ÙÙŠ المقابل، بادلها هؤلاء بالجØÙˆØ¯ØŒ ومنهم أوكرانيا ØªØØ¯ÙŠØ¯Ø§Ù‹ØŒ التي قامت بالابتزاز وبسرقة الغاز. وتتمّ معاملة الشعب الروسي ÙÙŠ أوكرانيا كأنه جالية أجنبية، وتتم Ù…ØØ§Ø±Ø¨Ø© اللغة الروسية، ومعاقبة الكنيسة الموسكوÙية، وانتهاك ØÙ‚وق المسيØÙŠÙŠÙ† الأرثوذكس.
ÙˆÙÙŠ إطار آخر، ØªØØ¯Ù‘Ø« عن Ø¯ÙØ§Ø¹ الجنود الروس ÙÙŠ القرن الثامن عشر عن مناطق أشاكو٠على السواØÙ„ الجنوبية ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¨ØØ± الأسود، والتي أطلق عليها "Ù†ÙˆÙØ§Ø±ÙˆØ³ÙŠØ§" (روسيا الجديدة)ØŒ بينما يقوم الأوكران اليوم Ø¨Ø§Ù„Ø³Ù…Ø§Ø Ø¨Ù‚Ø§Ø¹Ø¯Ø© عسكرية أميركية ÙÙŠ ذلك المكان، وبتدمير التماثيل التذكارية للقادة الروس الذين Ø¯Ø§ÙØ¹ÙˆØ§ عن المدينة.
ثانياً - التهديدات الجيو-استراتيجية لروسيا
Ø£- ÙÙŠ أوكرانيا
ØªØØ¯Ø« بوتين بإسهاب عن سيطرة الغرب، وخصوصاً Ø³ÙØ§Ø±Ø© الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø©ØŒ على القرار السياسي ÙÙŠ ÙƒÙŠÙŠÙØŒ وعلى Ø§Ù„Ù…Ø±Ø§ÙØ¦ والدولة، وكش٠أن هناك وثائق لدى روسيا بأن كيي٠تقوم - بدعم غربي - بتأسيس مجموعات تخريبية لتدمير البنى Ø§Ù„ØªØØªÙŠØ© ÙÙŠ القرم، وتأسيس خلايا إرهابية سرّية لجرّ روسيا إلى نزاع مع أوكرانيا، ما يؤدي إلى مواجهة جيو-استراتيجية بين أوكرانيا وروسيا.
ÙˆØªØØ¯Ø« عما يقوم به ØÙ„٠شمال الأطلسي من تجسس على روسيا عبر الأراضي الأوكرانية، وكي٠يقوم بتثبيت أقدامه ÙÙŠ الأراضي المجاورة لروسيا ÙÙŠ أوكرانيا، وتأسيس مراكز Ø¨ØØ±ÙŠØ© Ù„Ù…ØØ§Ø±Ø¨Ø© الأسطول الروسي ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¨ØØ± الأسود. وبما أن الدستور الأوكراني ÙÙŠ المادة 17 لا ÙŠØ³Ù…Ø Ø¨ØªØ£Ø³ÙŠØ³ قواعد عسكرية ÙÙŠ أوكرانيا، Ùهم ينشرون قواعد أطلسية ويسمونها بعثات عسكرية.
ولعل الأخطر هو ما كشÙÙ‡ بوتين عن نيّة أوكرانيا، وعبر دعم عسكري من ØÙ„٠الناتو، امتلاك Ø£Ø³Ù„ØØ© نووية، وهي التي تمتلك بنية ØªØØªÙŠØ© لذلك منذ Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، كما كش٠أن الناتو يهد٠إلى نشر Ø£Ø³Ù„ØØ© دمار شامل ÙÙŠ أوكرانيا، وأن روسيا لا يمكن إلا أن تردّ على هذا التهديد Ø§Ù„Ù…ØØªÙ…Ù„ØŒ معتبراً أن كيي٠ستتØÙˆÙ„ إلى "Ù…Ø³Ø±Ø Ø¹Ù…Ù„ÙŠØ§Øª ØØ±Ø¨ÙŠØ© بقيادة أطلسية مباشرة".
ب - ÙÙŠ دول Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي السابق
يعتقد بوتين أن أوكرانيا وجورجيا - بعكس ما يتم تأكيده - لن تنضما إلى ØÙ„٠الناتو، وأن التاريخ يشي بأن الناتو لا يصدق وعوده. لقد وعد أعضاء الناتو السوÙيات بأنهم لن يتوسعوا إلى الشرق مقابل توØÙŠØ¯ ألمانيا، بينما ÙØ¹Ù„وا العكس. وقام الØÙ„٠بخمس موجات متتالية من التمدد، ØØªÙ‰ Ø£ØµØ¨Ø Ø¹Ù„Ù‰ ØØ¯ÙˆØ¯ روسيا مباشرة، معتبراً أن السياسة الثابتة للولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© هي عدم وجود روسيا كدولة قوية.
الأهم أن الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© تعتمد مبدأ الضربة Ø§Ù„Ù…ÙØ§Ø¬Ø¦Ø©ØŒ ما يعني أن الروس سيكونون ÙÙŠ مرمى واستهدا٠الناتو الذي يمكن أن يوجه ضربة Ù…ÙØ§Ø¬Ø¦Ø© من أوكرانيا Ø¨Ø§Ù„ØªØØ¯ÙŠØ¯ØŒ وأن الصواريخ يمكن أن تصل إلى الأراضي الروسية، وصولاً ØØªÙ‰ Ùولغوغراد، وأن تسيطر على Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¡ الروسي وصولاً ØØªÙ‰ الأورال.
التهديد الخطر للأمن الروسي مردّه إلى إمكانية وصول صواريخ الناتو إلى موسكو خلال 35 دقيقة، ومنها ما يصل إلى موسكو خلال 7 - 8 دقائق، وأخرى ØªØØªØ§Ø¬ إلى Ùقط 4 - 5 دقائق، وأكد بوتين أن "توسع الناتو إلى الشرق كان يهد٠إلى هذا الأمر من الأساس".
ج - ÙÙŠ الداخل الروسي
يخشى الروس دائماً الاختراق الغربي. لذا، يعتبرون أن المعارضة هي جزء من Ù…ØØ§ÙˆÙ„ات الغرب لتقويض روسيا وإضعاÙها. وأورد بوتين مرتين ÙÙŠ سياقين مختلÙين ÙÙŠ الخطاب اتهاماً إلى كل من الناتو وأوكرانيا بدعم المتطرÙين والمتعصبين ÙÙŠ شمال القوقاز، ÙˆØ¨Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© تشجيع المتطرÙين على تقويض روسيا من الداخل.
ثالثاً - رسالة إلى الداخل: المسّ بالشر٠والكبرياء الروسي
لطالما Ø¹ÙØ±Ù الشعب الروسي بأنه مؤمن بعظمة بلاده ومستعدّ للتضØÙŠØ© Ø¨Ø±ÙØ§Ù‡ÙŠØªÙ‡ ÙˆÙ…ØµÙ„ØØªÙ‡ من أجل Ø§Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© العليا للبلاد. ÙˆÙÙŠ هذا السياق، أتت عبارات Ù„Ø§ÙØªØ© ÙÙŠ خطاب بوتين تخاطب هذا Ø§Ù„ØØ³Ù‘ الجماعي الروسي؛ ÙÙÙŠ سياق Ø§Ù„ØØ¯ÙŠØ« عن توسع ØÙ„٠الناتو إلى الشرق، أورد عبارات "بصقوا علينا"ØŒ ردّوا على مطالبنا بـ"الكلاب ØªÙ†Ø¨Ø ÙˆØ§Ù„Ù‚Ø§Ùلة تسير"ØŒ "الأمن ØÙƒØ± Ùقط على أعضاء الأطلسي، وليس من ØÙ‚ روسيا".
واعتبر أن الغرب ÙŠØ±ÙØ¶ ØÙˆØ§Ø±Ø§Ù‹ Ù…ØªÙƒØ§ÙØ¦Ø§Ù‹ مع روسيا، وسيرد على تطور روسيا Ø¨ÙØ±Ø¶ العقوبات من دون أي ØØ¬Ø©ØŒ وذلك Ùقط "لأننا موجودون ÙˆÙ†ØØ§ÙˆÙ„ أن Ù†ØØ§Ùظ على سيادتنا وقيمنا"ØŒ وأن الغرب الذي يسمي Ù†ÙØ³Ù‡ "العالم Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ" يسكت عن المجازر التي ترتكب بØÙ‚Ù‘ الروس القاطنين ÙÙŠ أوكرانيا، والّذين لا ÙŠÙØ³Ù…Ø Ù„Ù‡Ù… بالعيش ÙÙŠ أرضهم والتكلّم بلغتهم.
المصدر: الميادين