كتب رضوان عقيل في "النهار":
يتابع الموفد القطري جاسم آل ثاني "أبو فهد" محطات لقاءاته مع المسؤولين ورؤساء الكتل النيابية واستمزاج مواقفها حيال الاسم الذي يفضله كل فريق وسط لعبة معقّدة مليئة بالضغوط والفيتوات المتبادلة. وإن كان نصيب طاولة الحوار عدم الالتئام، فإن كثيرين يطبّقونه "على الشاشات" وبصورة مشوّهة في تكرار للمواقف وتوجيه الرسائل التي لا تساعد في انتخاب رئيس الجمهورية.
وتحرص الدوحة على قيام مبعوثها في بيروت بالدور الذي يؤدّيه من دون ضجيج أو الدخول في التصريحات الإعلامية التي تنعكس سلباً على الخطة التي وضعتها في هذا الخصوص. وتهدف إلى عدم الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها الفرنسيون وأدّت إلى تطيير مبادرتهم الأم ليعملوا في ما بعد تحت مظلة "المجموعة الخماسية" التي لم تتفق دولها على رأي واحد ولم تمنح بدورها مهلة مفتوحة للموفد الفرنسي جان - إيف لودريان الذي ينتظره اللبنانيون مرة أخرى في تشرين الأول المقبل.
ولم تتعاطَ الدوحة على غرار باريس في تبنّيها المرشح سليمان فرنجية في وقت تعمل فيه الأولى على تقديم أكثر من اسم ومن دون تبيان حقيقة تخلّيها عن قائد الجيش العماد جوزف عون. ويرفض نواب يؤيدون انتخاب قائد المؤسسة العسكرية كل ما تردد عن أن الدوحة تخلّت عن تأييدها له، وأن ما يتعرّض له يدخل في إطار حرق اسم الرجل ويحمّلون النائبين باسيل ونائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب، رغم عدم تلاقيهما في التوجهات، بأنهما يقفان وراء هذه الحملة بغية حصار جوزف عون، وأن صاحب العلاقة لم يتلقَّ أي إشارة من هذا النوع من القطريين وغيرهم. وإن كانت الدوحة حريصة على لقاء مختلف الأفرقاء، فإنها تتوقف طويلاً عند موقف "حزب الله".
وفي معلومات لـ"النهار" أنها عرضت على قيادة الحزب العمل على تزكية مرشح شرط أن يكون "غير مستفز" لكلّ من الرياض وواشنطن. ولم يتلقَّ الموفد القطري أيّ ردّ من الحزب على هذا الطرح سوى تأكيد استمرار قولهم إنهم يؤيدون فرنجية وهو مرشحهم. وسمع الموفد القطري الكلام نفسه من الرئيس نبيه بري، لكنّ لدى الدوحة رأياً آخر وهو أن رئيس "تيار المردة" يواجه معارضة شديدة في الداخل والخارج وأن مرد هذا الكلام يرجع إلى خريطة توزّع القوى في مجلس النواب وأنه ليس لديها مشكلة مع الرجل، وفي حال انتخابه سيكون رئيساً لـ"تسيير أزمة" وسيستمر لبنان في هذه الحالة في المراوحة في أزماته المفتوحة.
أما بالنسبة إلى رئيس المجلس فقد استمع لـ"اقتراحات" الموفد القطري ولم يعطِ رأيه فيها بحسب معلومات لـ"النهار"، لكنه لا يعترض على مساعدة الخارج ولا يرفضها بعد معارضة محاولات الداخل التوجه إلى طاولة الحوار.
وإن كان القطري يركّز على الكتل النيابية الكبرى التي تملك مفاتيح تأمين نصاب الـ 86 صوتاً، فإن اتصالاته لم تنقطع مع مجموعة من النواب المستقلّين وهو على تواصل مع عدد من النواب "التغييريين". وقبل أسابيع جرى التواصل بين عدد منهم عبر "تقنية الفيديو" من السفارة القطرية في بيروت وتحدثوا طويلاً مع المسؤول المتابع في الدوحة في الملف الرئاسي. واعترض نواب من سرب "التغييريين" نفسه على التوجه إلى مبنى السفارة ومقاربة الانتخابات بهذه الطريقة التي تسيء إلى صورة البرلمان.
وفي انتظار محاولة الدوحة بعد تجارب فرنسا على مدار أكثر من سنة، لا يبدو أن هناك تعارضاً بينهما وإن اختلفتا حيال تزكية الاسم الذي تريده كل منهما، لكنهما تلتقيان اقتصادياً إزاء لبنان من خلال مشاركتهما في الاستكشاف عن المواد الغازية والنفطية في بحر الجنوب عند الحدود مع إسرائيل تحت مظلة شركة "توتال" الفرنسية.
وإن كانت قطر تتحرك بسهولة في بيروت من خلال حجم تأثيرها مع أفرقاء الداخل وتعزيزها في السنوات الأخيرة، فضلاً عن عامل علاقاتها الجيدة مع أعضاء" الخماسية" وكذلك طهران، فإن تسجيلها هدفاً رئاسياً في مرمى الشغور المفتوح لن يتحقق إلا بإشراف أميركي. وعلى قول سياسي متابع، إنه في خضم كل هذه الخلافات لن يبصر اسم رئيس الجمهورية المقبل النور قبل تبادل تلمّس رياح إيجابية بين واشنطن وطهران. هذا ما قاله الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وسيكرر الكلام نفسه عند استقباله الموفد القطري اليوم في انتظار التسوية الرئاسية التي لم تنضج ظروفها بعد.