نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
عاد الجدل حول طبعة الدولار القديمة في لبنان إلى الواجهة مجدداً، بعد تحذيرات صريحة أطلقها حاكم مصرف لبنان، ملوّحاً بإمكانية الملاحقة القضائية لأي جهة أو فرد يرفض التعامل بهذه الطبعة.
هذا الموقف الرسمي، الذي جاء في ظل أزمات اقتصادية متراكمة، أحدث بلبلة واسعة في السوق النقدي، خصوصاً مع انتشار شكاوى من رفض بعض المحال التجارية والمؤسسات المالية قبول الدولار القديم، رغم صلاحيته القانونية في الأسواق العالمية.
في بلد يعاني من انهيار مالي متواصل منذ عام 2019، يُعدّ أي توتر إضافي في السوق النقدي عاملاً حساساً قد يؤثر بشكل مباشر على استقرار التعاملات اليومية وثقة المواطنين بالنظام المصرفي.
تعاظمت مخاوف الناس من إمكانية رفض الدولار القديم في المعاملات أو المصارف، ما أدى إلى اضطراب مؤقت في سوق النقد، وتراجع نسبي في التداول بهذه الأوراق.
تداعيات هذه الأزمة لا تقف عند حدود الورقة النقدية بحد ذاتها، بل تنعكس على مجمل المشهد الاقتصادي، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة الدولة على ضبط السوق، وضمان استقرار التعاملات النقدية، في ظل تراجع الثقة الشعبية وغياب حلول جذرية تنظم العلاقة بين المواطن والمؤسسات المالية.
من هذا المنطلق، يؤكد الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين لـ "الأفضل نيوز" أن "القرار الصادر بشأن التعامل بالدولار القديم يحمل أهمية كبيرة، ويعكس مدى المسؤولية في التعامل مع الواقع النقدي المعقد في لبنان"، كما ويشير إلى أن "لبنان لا يقوم بطباعة الدولار، بل يستورده من الخارج، مما يجعل موضوع تداول هذه الطبعة القديمة حساساً للغاية".
وفي السياق عينه، يضيف: "ما حدث في السابق كان جزءاً من احتكار نقدي ومالي أدى إلى سوء التعامل مع المواطنين، نتيجة ممارسات بعض الصرافين والمصارف الذين استغلوا هذا الوضع، متورطين في نوع من الشراكة غير القانونية في السوق النقدي"، مشدداً على أنه "من غير المقبول السماح بممارسات استنسابية أو فرض قوانين خاصة بشكل منفرد من قبل بعض الأطراف، لأن هذا يعرض حقوق الناس للسلب ويخل بنظام السوق".
وعليه، يرى ناصر الدين أن "قرار مصرف لبنان بهذا الخصوص يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية المواطنين والسوق اللبناني من الممارسات غير القانونية، ما يُعد خطوة إيجابية نحو استعادة النظام والشفافية، معتبراَ أن الوضع النقدي في الأشهر المقبلة قد يشهد تحسناً ملحوظاً نتيجة هذه الإجراءات، إلا أن الأسواق والمواطنين والموظفين في حاجة ماسة إلى من يحمي مصالحهم ويضمن سلامة تعاملاتهم المالية".
وفي سياق متصل، يوضح أن "الواقع النقدي والمالي في لبنان لا يمكن حمايته إلا من خلال قوانين واضحة وتعاميم صارمة تصدر عن المصرف المركزي، وهذه القوانين والتعاميم هي الأداة الأساسية لضمان استقرار الأسواق المالية ومنع أي تجاوزات أو ممارسات استنسابية قد تضر بالمواطنين والاقتصاد بشكل عام، إذ يُعتبر القرار الأخير للمصرف المركزي خطوة حيوية وواقعية تهدف بشكل مباشر إلى حماية المجتمع اللبناني من الاستغلال المالي الذي مارسه بعض الصرافين والمصرفيين الذين حاولوا استغلال الأوضاع الصعبة لمصالح شخصية على حساب المصلحة العامة؛ فهذه الفئة الاستغلالية لم تكتفِ بتحقيق أرباح غير مشروعة، بل كانت سبباً رئيسياً في زعزعة ثقة الناس بالسوق النقدي والمالي".
أمام كل هذه المعطيات، يختم ناصر الدين: "إن الدور الرقابي والتوجيهي للمصرف المركزي أصبح ضرورة قصوى، ولا يمكن الاستغناء عنه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان الاقتصادي، حيث يجب أن تكون هناك شفافية وعدالة في التعاملات المالية تحمي الحقوق وتمنع أي ممارسات تخالف القوانين والتشريعات المعمول بها".