ليديا أبو درغم – خاصّ الأفضل نيوز
يبدو أن قلق الإدارة الأميركية السابقة من منافسة مجموعة "البريكس"، التي يبدو أن دولها قد انتقلت في عملها للمواجهة الحقيقية والفاعلة، لسياسات الهيمنة الجيو-سياسية والاقتصادية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، والدفع باتجاه تحول في السياسة العالمية، قد ينسحب إلى إدارة ترامب، الذي هدّد بأن بلاده ستفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على أي دولة تتبنى سياسات مجموعة البريكس "المعادية لأميركا"، بعد أن صرّحت الـ "بريكس" لأول مرة وبشكل علني، بأن سياسة القطب الواحد في العالم انتهت.
فبعد فشل الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي ظل الانقسامات التي تعاني منها تكتلات اقتصادية مثل مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين، ونهج الرئيس ترامب "أميركا أولاً"، قدّمت مجموعة "البريكس" خلال فعاليات قمتها الـ 17، في ريو دي جانيرو، نفسها على أنها ملاذ للدبلوماسية المتعددة الأطراف في خضم الصراعات العنيفة والحروب التجارية، بعد أن أصبحت تمثّل ما يزيد على نصف سكان العالم و40 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، وبعد تأييد قادتها خططاً لتجريب مبادرة "ضمانات (بريكس) المتعددة الأطراف" في بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، بهدف خفض تكاليف التمويل وتعزيز الاستثمار والتعاون في الدول الأعضاء، وتوسيع استخدام العملات المحلية، والتكامل في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة.
وتأتي أهمية القمة، التي شكّلت تحدياً كبيراً، إذ سيختبر القدرات الاقتصادية والدبلوماسية لأعضائها، إضافة لمتانة علاقاتهم، في عالمٍ يزداد فيه الانقسام، وسط اضطرابات اقتصادية ضربت سلاسل التوريد العالمية، جراء رسوم جمركية أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي حذَّر "بريكس"، بشكلٍ علني، من تبنّي عملة موحدة والتخلي عن الدولار، رغم أن إصدار عملة البريكس الموحدة ليست أمراً وشيكاً.
في الأمد البعيد، إذا استطاعت "بريكس" تعزيز آليات العملات المحلية، وبناء بنية تحتية مالية موثوقة، وتعميق التجارة البينية بين دولها، فقد تتراجع الهيمنة النسبية للدولار تدريجياً، لا سيما في دول الجنوب العالمي، وهذا سيعتمد على قدرة الكتلة على ترجمة هذه الطموحات إلى تماسك عملي واستجابة الولايات المتحدة لهذه المسألة.