ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
ساعات حاسمة تفصل لبنان واللبنانيين عن تسلم توماس براك، الرد اللبناني الرسمي، المكتوب وما حوله من شفهي، على وقع ارتفاع منسوب المخاوف اللبنانية من جولة صراع جديدة مع إسرائيل، لدى البعض، مقابل تأكيدات "الترويكا" بأن لبنان اجتاز القطوع، رغم إقرار الجميع بأن الشيطان يبقى في التفاصيل، التي لم يقرأها براك بكاملها.
في كل الأحوال وبعيدًا عن الشكل النهائي "للوثيقة اللبنانية" بصفحاتها السبع، التي أبدى "اللبناني الأصل" امتنانه وإعجابه ورضاه، عنها شكلًا، باعتبارها أول ردٍّ رسمي لبناني كدولة وحكومة، على الوثيقة الأميركية، على ما أكد مطلعون على أجواء اللقاءات، مشيرين إلى أن أخطر ما حصل هو إسقاط اتفاق 27 تشرين الثاني بكل مندرجاته، وآلياته عن سابق إصرار وتصميم، وهو الفخ الذي وقعت فيه بيروت.
ووفقًا للمعلومات، فإن السفارة الأميركية في عوكر نقلت ورقة الرد اللبناني فور تسلمها إلى واشنطن، حيث ستعرض على الفريق الأميركي - "الإسرائيلي" المشترك، الذي يضم كلًّا من المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، ووزير الشؤون الاستراتيجية "الإسرائيلية" رون ديرمر، على أن يلتحق بهم توماس براك الأربعاء، مشيرة إلى أن تصورًا أوليًّا سيوضع على طاولة ترامب - نتنياهو في البيت الأبيض، تمهيدًا لصدور موقف أميركي رسمي من الملف اللبناني.
وأشارت المعلومات إلى أن الورقة اللبنانية سلمت إلى الجانب الأميركي باللغتين العربية والإنكليزية، تلافيًا لأي إشكالات مستقبلية حول الترجمة، كما كان يحصل في المرات السابقة، حيث أن براك لم يدخل في نقاش التفاصيل الواردة فيها، بل أعاد التأكيد على المواقف التي سبق وأعلنها، تحديدًا لجهة فشل اتفاق ٢٧ تشرين الثاني، الراعي لوقف النار حاليًّا، وبالتالي ضرورة الذهاب لإرساء قواعد جديدة وفقًا لاتفاق "متطور"، يسمح بتحقيق الأهداف المطلوبة، مؤكدًا أن واشنطن ستطلب بالتأكيد الكثير من الإيضاحات التي على الجانب اللبناني تسليم الردود بشأنها إلى السفير جونسون.
أوساط سياسية مقربة من المقرات الرئاسية، أكدت أن التحرك اللبناني في مواجهة "الهجمة الأميركية " وإن جاء بطيئًا، إلا أنه كان بخطوات ثابتة، نظرًا إلى حساسية الملف الاستثنائية ودقته، في ظلّ المتغيرات الإقليمية التي حصلت في المنطقة، التي تفترض إيجاد الصيغ التي تحفظ المصلحة الوطنية والاستقرار والسيادة اللبنانية من جهة، والمطالب الدولية "القاسية" من جهة ثانية، انطلاقًا من أن الوضع اللبناني الهش لا يحتمل أي خطأ، وبالتالي ضرورة أن تستفيد بيروت من المناخ الإقليمي والدولي، من خلال تخفيف الضغوطات عليها واستقطاب المساعدات والاستثمارات إليه، وهو جوهر الرسالة التي حملها الأمير بن فرحان.
وعليه، رأت الأوساط أن هناك أمورًا مطلوبة من حزب الله ولبنان، لكن في المقابل ثمة ما هو مطلوب أيضًا من الخارج، تحديدًا واشنطن و"إسرائيل"، من وقف للاعتداءات على الأراضي اللبنانية والانسحاب من الأراضي المحتلة، و"فك للحصار" الاقتصادي والمالي، ما يحقق التوازن من الجهتين، وهو أساس النجاح لأي حل، آملة أن يتفهم العالم "الخصوصية اللبنانية"، وحاجة السلطة للوقت لإنجاز الملفات خوفًا من أي دعسة ناقصة.
وختمت الأوساط آملة أن تتفهم واشنطن الموقف اللبناني ومنطلقاته، بدعم من أصدقاء لبنان في باريس والرياض تحديدًا، لتمرير المرحلة الحالية، إذ تمت صياغة الرد بشكل مدروس، كيلا يؤدي إلى تصعيد في المرحلة المقبلة بالتنسيق مع حزب الله، في ظل ضبابية الحلول في المنطقة وتسوياتها، مؤكدة أن الاختلاف مع الخارج يبقى في كل الحالات، أفضل من أي صدام داخلي أيًّا كان نوعه وأطرافه.
عشية وصوله إلى بيروت، وجّه المبعوث الرئاسي الأميركي توم براك رسالة واضحة إلى المسؤولين اللبنانيين، الذين يدرسون خريطة الطريق التي سلّمها لسحب سلاح حزب الله قائلًا: "الفرصة الآن".
الهوامش تضيق، و"سياسة العصا" حاضرة عبر استمرار الضربات "الإسرائيلية".
والمطروح الآن: هل اتفق المسؤولون على مخرج يحمي لبنان؟ وهل يعود براك بضمانات؟ أم بجولة مكوكية جديدة؟ الخوف كل الخوف ان تخفي الإيجابية الظاهرة لكلام براك، إجراءات قاسية خلفها، تمامًا كما حصل في زيارته السابقة، التي أغرق المسؤولون اللبنانيون بإيجابياتها ليستيقظوا على ورقة شروط ملغومة...