مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
البقاع، حيث كانت الأرض تثمر وتفيض... يتحوّل اليوم إلى ترابٍ عطِش تذروه الرياح.
في مشهدٍ صادم لمن يعرف السهل الخصيب، تتراجع المساحات الخضراء في البقاع يومًا بعد يوم، ويزحف التصحر بهدوء لكنه بثبات. الأشجار تذبل، المحاصيل تقل، والغبار يحلّ محلّ السنابل. إنها ليست مجرد أزمة بيئية، بل ناقوس خطر يُنذر بانهيار دورة الحياة في منطقة تشكّل عماد الأمن الغذائي في لبنان.
بحيرة القرعون تعيش أصعب أيامها
بحيرة القرعون، التي لطالما كانت فخرًا للقطاع الزراعي ومصدرًا حيويًّا لمياه الري والطاقة، تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت وطأة الجفاف والتلوّث والإهمال. مياهها انحسرت، وروائحها باتت خانقة، والأسماك التي كانت تسبح في أعماقها اختنقت بسموم الصرف الصحي والصناعي.
ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة مياه، بل انهيار بيئي خطير يهدد التنوع الحيوي، الأمن الغذائي، وصحة سكان المنطقة. فمن سيحلّها؟
وما هي الأسباب الرئيسية التي أودت بنا إلى هذا الطريق؟
قلّة الأمطار والثلوج وتراجع معدّلها، أثّر على المياه الجوفية والسطحية.
الاستهلاك الزائد، بسبب الكثافة الزراعية العالية في البقاع، يُستخدم جزء كبير من المياه للري (أحيانًا بطرقٍ غير فعّالة للأسف).
ضعف البنية التحتية لأن هناك تسرّبًا كبيرًا في شبكات المياه، ونقصًا في محطات المعالجة، ما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة.
تلوث المياه الجوفية والسطحية وتعرّضها للتلوث من مياه الصرف الصحي غير المعالجة والمبيدات الزراعية.
اللجوء السوري، لأنّ الزيادة السكانية الناتجة عن النزوح السوري أدت إلى ارتفاع استهلاك المياه بشكلٍ ملحوظٍ.
تداعيات الأزمة
تهديد الزراعة التي تشكل النشاط الأساسي في البقاع.
انخفاض مستوى المياه الجوفية، ما يزيد من كلفة استخراجها.
مشاكل صحية نتيجة الاعتماد على مصادر مياه ملوثة.
هجرة سكان الريف إلى المدن أو إلى خارج البلاد بحثًا عن فرص أفضل.
وفي السياق، يشير رئيس تجمّع الفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي، إلى أنّ "معدّلات العام هذا، كانت متدنية كثيرًا فلم نصل إلى 30% من معدّل الماء الطبيعي، فإذا كان المعدّل 600 ملم في تل عمارة، هذا العام لم تصل المياه إلى أكثر من 220 ملم. وهنا في هذه الحالة، ما من تغذية في الينابيع والأنهر ولا الآبار الارتوازية، فمن شهر 2 و3 كنّا متوقّعين أننا سنصل إلى هذه المصيبة. بالإضافة إلى آثار الحرب التي أثرت أيضًا على المساحات الخضراء".
وأضاف:" المشكلة أن المزارع بقي متأملًا رغم تواجد مصائب بقاعية مثل تدنّي مستوى المياه في بحيرة القرعون لأدنى مستوى منذ تاريخ بحيرة القرعون وصولًا لليوم.
من 50 عامًا، مارسنا العمل الزراعي ولم نشهد هذا الشح من الأخبار".
كيف أثّر ذلك على الزراعة؟
الترشيشي يعتبر أنّ الشح في المياه أثّر على الزراعة، من خلال" رفع كلفة إنتاج الرّيّ من 7 % إلى 30%. ومن هنا ستزداد الخسائر لدى المزارع، وبالتالي الكثير من المزارعين (20% منهم) عانوا من تلف في مزروعاتهم، و30 % سقوا أراضيهم نصف الكمية المطلوبة، لذلك الإنتاج لم يكن كافيًا. و50% سقوا مزروعاتهم بالكمية المطلوبة ولكن بكلفة عالية جدًا مع خسارة في رأسمال. واليوم، مع قلّة تصريف الإنتاج وكساد الأسعار مثل البطيخ، البطاطا والبصل باتت أسعارها أقلّ من كلفتها بكثير. لذلك، علت صرخة المزارع أكثر وأكثر.