راجي مخول - خاص الأفضل نيوز
عندما ينتصر خيار سياسي على آخر نقيض أو مناهض في بلد مثل لبنان حيث الاستقطاب التنابذي الحاد، يدرك المنتصر أنه تلقائيًّا مقبل على حقبة ممتلئة بالمنافع والخدمات والحظوة السلطوية.
والمنتصرون في بلدنا صنفان:
الأول خاض غمار الصراع السياسي مستفيدًا من ظرف موضوعي حاسم متكئًا على قناعات إيديولوجية أو بالحد الأدنى رؤيا سياسية تحققت أهدافها وفرضت نفسها كآلية حكم وإدارة بعدة شغل تنسجم مع لون الفريق المنتصر.
الصنف الثاني: متلون حربائي النزعة والهوى يندمج بوقاحة مع كل جديد طاويًا قديمه تحت إبطه المثقل بالتوجهات والملامح التي تتواءم مع كل ظرف ومرحلة.
أما الخاسرون فأولئك الذين عبرت الأحداث فوق هاماتهم وذوَّبت حضورهم وشلت قدراتهم وهمشت وظائفهم وتهشمت صورهم وصاروا نسيًا منسيًا وركامًا سياسيًّا محنطًا في زوايا العتمة.
الشاطر اللماح الداهية المحصن بقدرات ذاتية وموارد مادية وبشرية، الثابت وسط الزعازع وعاتيات الرياح، هو ذاك المنبعث من بين حطام المتغيرات والتحولات والخسارات، العزيز الكريم المتوازن المنتصر على تجليات الوقائع المستجدة، بفعل أحداث فرضت نفسها بصورة تجاوزية لما سبق.
والحال إن حسن عبد الرحيم مراد... وسط هذه المناخات التي عصفت بلبنان والإقليم بقي أرزة راسخة تكيفت على ثبات دون مداهنة أو تماه مجبول بالشعور الدوني الهزائمي، كما صنف الرجال المائلين كلما مالت الريح.. والسؤال لماذا؟؟
قيل إن محور المقاومة الذي ينتمي إليه حسن عبد الرحيم مراد، هزم في لبنان وسوريا وإيران، وأنه من البديهي أن يتأثر مراد بهذا الواقع وتلفحه ريح الخسران والتراجع، فكيف استطاع الشاب الطموح المسكون بروح تنموية رائدة، زرعها في حناياه رجل الإنماء الأول عبد الرحيم مراد ليس في البقاع وحسب بل في لبنان، أن ينهض ماردًا في السياسة، متميزًا، فريدًا في التنمية، في عصر التراجعات السياسية والنكسات...
ربما بنظر كثيرين أن زوادة حسن مراد من عبد الرحيم مراد شكلت أساسًا راكم عليه الابن أضعافًا مضاعفة عما بناه الأب في زمن قياسي وعمر سياسي استوقف بتجلياته المتابعين والمهتمين.
في السياسة لطالما امتلأت صدور أخصام النائب حسن مراد بالنشوة والشماتة والظنون، بأن النجم السياسي الشاب ونهجه، صارا على محك الاضمحلال والتحلل بمواكبة حملات ممنهجة سيقت قديمًا وحديثًا ضده: زلمة إيران.. والفرس وبيت الاسد.. والمقاومةوووو... لتأتي الصدمة الكبرى أن حسن مراد الشاب الشجاع المتمرد، هو مارد حقيقي لم تقزمه التحولات، والسر في تعملقه وتقزم الآخرين، فقد صاغته سياسات وحظوظ ومرونة لديه، وضعته في مصاف رجال الدولة ودهاقنة السياسة والحكماء.
والحرز الحريز لحسن مراد، عروبة إنسانية واقعية، عرفت كيف تعبر بين المحاور دون المساس لا بالثوابت ولا بالعلاقات مع العرب في عز انشطار المواقف السياسية بين محورين وخطين متناقضين.
فكان صديقًا للمملكة العربية السعودية، ومتموضعًا في محور المقاومة، ولم تفسد الصداقة كما التموضع واحدًا من الخيارين اتجاه الآخر.
باختصار شديد من كان يأمل سقوط حسن مراد، واندثار حضوره السياسي، أصيب بخيبة أمل...
وما وضع حجر الأساس للمجمع الإسلامي في شتورا سوى صورة حية لما تقدم، حيث ثبت حسن مراد زعامته السنية والوطنية في آن ومن راهن على إقصائه أو تغييبه قسرًا جراء خيار سياسي اعتنقه، وأصيب بضربات وإخفاقات، تراه يلتقط أنفاسه ذهولًا، كيف أن المارد مراد ملأ لبنان وشغل الناس... وحط رحاله في قلب البقاع، جامعًا بين ظهراني البيئة السنية وقياداتها السياسية والروحية، أكبر حشد وطني في حفل وضع حجر الأساس للمجمع الإسلامي، مؤكدًا أنه على رقعة البقاع السهل كان ولمّا يزل جبلاً في سهل...