حسين المكحل - خاصّ الأفضل نيوز
انقضى الشهر السادس منذ أن بدأ جيش الاحتلال حرب الإبادة ضد قطاع غزة، تحت عنوان "القضاء على حماس" واستعادة الأسرى، في ظل سكوت وصمت عربي وعالمي عن المجازر والمذابح التي يرتكبها الاحتلال يوميًّا بحق المدنيين العزل والنساء والأطفال، لا بل بدعم وتأييد ومساعدة أيضاً.
وفي ظل هذا السكوت والمساعدة للكيان الغاصب، سطع شعاع ضوءٍ وسط غياهب الظلام، تمثل بعمليات عسكرية بأحجام وطرق مختلفة، نفذتها قوى المقاومة في لبنان والعراق واليمن، ضد الكيان الصهيوني والمصالح الأمريكية و"الإسرائيلية" في المنطقة، تحت عنوان "جبهات المساندة لغزة".
لسنا هنا في معرض الدفاع، أو مناقشة الجدوى من العمليات التي نفذتها جبهات الإسناد حتى الآن، فسيد الكلام والحجة السيد "حسن نصرالله" أسهب في شرح وتفصيل نتائج وتداعيات هذه الجبهات وإنجازاتها، بل سنبيّن بالأرقام ما قدمته هذه الجبهات على مدى ما يزيد عن مائتي يوم من الحرب.
أولاً: جبهة لبنان
نفذت المقاومة الإسلامية في لبنان ١٦٣٧ عملية ضد مواقع ومستعمرات العدو انطلاقاً من الحدود اللبنانية -الفلسطينية وصولاً إلى حيفا أمس.
ونفذت المقاومة ١٤٠٤ عمليات استهداف لمواقع وثكنات العدو بمختلف أنواع الأسلحة الموجهة والمدفعية والصاروخية، بمختلف المديات ومنها صواريخ بركان الشديدة التدمير.
كما استهدفت المقاومة الإسلامية مستوطنات العدو ومدنه ١٨٢ مرة، برشقات صاروخية من مختلف المديات والأنواع.
جويًّا، نفذت المقاومة ٥٢ عملية استهداف جوية عبر مسيرات انقضاضية وهجومية، إحداها أسفرت عن إصابة ومقتل نحو ١٩ ضابطاً وجنديًّا، بينهم نائب قائد سرية في عرب العرامشة.
كما أسقطت المقاومة أكثر من ١٠ طائرات للعدو منها ٤ طائرات من نوع "هيرمز" الأكثر تطوراً لدى جيش العدو.
خسائر جيش العدو في جبهة لبنان بلغت حتى نهاية شهر آذار المنصرم ٢٣٥ قتيلاً، وأكثر من ألف جريح بحسب وسائل إعلام العدو، علماً أن جيش العدو دائماً ما كان يخفي عدد قتلاه في كل الحروب تحت عنوان "الرقابة العسكرية*.
ودمرت المقاومة ما يزيد عن ألفي وحدة سكنية ومصنع، في حين اعترف رئيس بلدية المطلة أن نحو ٤٥% من منازل المستوطنات الحدودية أصبحت مدمرة بشكل كامل أو غير قابلة للسكن.
ثانياً: جبهة اليمن
بدأت القوات المسلحة اليمنية عملياتها بإطلاق عدد كبير من المسيرات والصواريخ المجنحة باتجاه الأراضي المحتلة، ثم أكملت عملياتها لتشمل البحر الأحمر، وتمكنت خلال إحداها من السيطرة على سفينة "إسرائيلية" واقتادتها إلى الموانئ اليمنية، ولاحقاً، وسعت القوات اليمنية عملياتها لتشمل منع أي سفينة "إسرائيلية" أو السفن المتجهة من وإلى كيان الاحتلال من المرور في البحر الأحمر والمحيط الهندي وصولاً إلى رأس الرجاء الصالح، ما جعل موانئ فلسطين المحتلة شبه متوقفة عن العمل.
وبالأرقام، نفذت القوات اليمنية ٩٨ عملية استهداف بحرية، و١٨ عملية استهداف للكيان الصهيوني معظمها استهدف مدينة إيلات الاستراتيجية، كما أسقطت طائرتين للجيش الأمريكي فوق الأراضي اليمنية.
ثالثاً: جبهة العراق
بدأت المقاومة الإسلامية في العراق عملياتها باستهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، ثم توسعت لتشمل ضرب أهداف داخل الكيان الصهيوني المحتل، وفي الأرقام الدقيقة، نفذت المقاومة العراقية ٩٠ عملية استهداف للقواعد الأمريكية في العراق، ٨٨ عملية استهداف للقواعد الأمريكية في سوريا، و ٦٥ عملية استهداف داخل الكيان الغاصب، وتنوعت العمليات بين استهدافٍ بطائرات مسيرة وصواريخ مجنحة وباليستية.
رابعاً: الجمهورية الإسلامية في إيران
قادت إيران منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على غزة، معركة ديبلوماسية وسياسية كبرى لدعم غزة والمقاومة الفلسطينية، في مقابل الدعم الغربي والأمريكي للكيان الصهيوني، وبمعزل عن الحقيقة البديهية المسلم بها، بأن السلاح والعتاد الذي تستخدمه المقاومة الفلسطينية في تصديها للعدوان الصهيوني قدمته إيران، فقد دخلت إيران للمرة الأولى في مواجهة مباشرة مع كيان الاحتلال، بعد استهداف الطائرات الصهيونية للقنصلية الإيرانية في دمشق، واستشهاد عدد من المستشارين الإيرانيين.
وأطلقت الجمهورية الإسلامية أكثر من ٥٠٠ طائرة مسيرة وصاروخ مجنح وباليستي باتجاه الكيان الصهيوني، ورغم مشاركة القوات الأمريكية والبريطانية وبعض الدول العربية في محاولة اعتراضها، أصاب عدد كبير من الصواريخ الإيرانية أهدافا حساسة في كيان الاحتلال، وللمرة الأولى منذ نشأته، دوت صافرات الإنذار في كل مدن ومستوطنات الكيان من شماله إلى جنوبه، ودخل كل سكانه إلى الملاجئ لساعات طويلة في حدث لم يشهده الكيان الصهيوني منذ نشأته واحتلاله لفلسطين.
في المحصلة، قد تختلف سياسيًّا مع محور المقاومة أو تؤيده، لكن الحقيقة الثابتة الواضحة بأن هذا المحور وقف وحيداً يساندُ غزة ومقاومتها، كلٌّ على طريقته وحسب إمكاناته وحساباته الداخلية التي لا يمكن التغاضي عنها أو إنكارها، في وقت تخلى العالم بأسره عن فلسطين، وخذلها إخوانها العرب وشارك بعضهم في تجويع أهلها، ومع أن بعض التافهين ما زالوا يصفون جهاد وتضحيات ساحات المساندة "بالمسرحية"، فإن محور المقاومة جعلنا للمرة الأولى نحلم بمسرحية كبرى تنهي احتلال الكيان لفلسطين -كل فلسطين، ليكون المشهد الأخير منها صلاةً جامعة في المسجد الأقصى.