مارينا عندس- خاصّ الأفضل نيوز
منذ مطلع العام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية خانقة صنّفها البنك الدّولي بواحدة من أسوأ الأزمات منذ عام 1850.
ومنذ أربع سنواتٍ تقريبًا، بدأ التضخم بالتراجع للمرة الأولى، وأصبحت الشركات والمحلات التجارية تسعّر سلعها، بشكلٍ متزايدٍ بالدولار بدل استعمال العملة الوطنية.
أمّا أسعار الاستهلاك في لبنان، ارتفعت بحوالي الـ70.4% على أساسٍ سنويٍ، بحسب ما أكدته مؤشرات الشهر الماضي في جهاز الإحصاء الحكومي، مقارنةً مع 123% في شهر شباط، بحسب وكالة "بلومبرغ".
وارتفعت أسعار السلع الغذاية بشكلٍ كاملٍ وتمت دولرتها مع خسارة الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها السوقية، وفق وكالة "فرنس برس".
ويفيد البنك الدولي بأنّ نسبة التضخم في لبنان ارتفع حوالي 332% منذ كانون الثاني 2021 حتّى تموز 2022، وهي الأعلى في العالم.
"الدولرة" تهدد بتفاقم الصعوبات
صحيح أنّ الدّولرة خففت من التضخم، ولكنها هدّدت بتفاقم الصعوبات التي يواجهها الأشخاص الذين ما زالوا يتقاضون أجورهم بالليرة اللبنانية ولا يستطيعون الوصول إلى العملات الأجنبية. وهذا ما حصل في السنوات الأخيرة مع فنزويلا وزيمبابوي.
في لبنان، المُشكلة تكمُن في دولرة المصروف لا المدخول، لاسيّما على مُستويات النّفقات الأساسيّة، وكلّ التّكاليف التي على المواطن اللّبناني دفعها. ومن أكثر القطاعات التي تضرّرت بسبب عدم استقرار سعر الصّرف، هما قطاع المحروقات والقطاع الإستشفائي.
من هُنا، يمكننا القول إنّ القطاعات اللّبنانية بأكملها انضربت، والسّبب الأساسي يكمن في عدم استقرار سعر صرف الدّولار.
القطاع الإستشفائي أول المصابين بهذه المشكلة.
وفي حديثها لموقع "الأفضل نيوز"، أكّدت الممرّضة كريستين في أحد مستشفيات البقاع، "إنّنا لا نستطيع سدّ ربع تكاليف المُستشفى"، مشيرةً إلى أنّ المُستلزمات الطّبية مفقودة للأسف، وإذا كان المريض لا يحمل الأوراق الخضراء، حتمًا سيبقى على عتبة باب المُستشفى.
واعتبرت أنّ باستطاعة المريض اختيار القطاع الحكومي لو صَعُب عليه دفع ما يتوجّب عليه في المُستشفى الخاصّ، لكنّنا نعلم سويًّا أنّ العديد من المُستشفيات الرّسميّة باتت مهدّدة بالإقفال، والسّبب الرئيسي يعود لانهيار اللّيرة اللّبنانية، وعدم الاستقرار في سعر صرف اللّيرة. وبدوره يشكو المريض من انقطاع الدّواء، ومن جلوسه في العتمة أثناء فترة تمريضه، حتّى أبسط احتياجاته اليوميّة أصبحت مفقودة، مثل الصّابون وأوراق الحمّام والكهرباء... إلخ.
وأشارت الممرّضة إلى أنّ المشكلة الأساسية، تكمن في دولرة القطاع ومستلزماته ومصاريفه، من دون الأخذ بعين الإعتبار بحال المريض.
وختمت: حتّى الدّواء، بات من الصعب الوصول إليه. في السابق، كان الطّلب على شراء الدّواء المحلّي أعلى من الدّواء الأجنبي، كونه الأرخص سعرًا والأعلى جودةً. أمّا اليوم، بات الدّواء المحلّي أغلى أضعافًا من ذلك الأجنبي، أولًا بسبب دولرته وثانيًا بسبب ارتفاع أسعاره من دون أي حسيبٍ أو رقيب.
أين تقع المسؤولية؟
على الحكومة أن تسيطر على الأسعار وأن تقوم بعملية ضبط لاستهلاك الدولار وخصوصًا التهريب والاحتكار اللذين ساهما في استهلاكٍ كبيرٍ للدولار. والحل الوحيد لمنع هذه "النّطات" المُرعبة لدى الدّولار، هي بيد مصرف لبنان. ولنستردّ الثقة، علينا إيقاف التّهريب، وإعادة هيكلية القطاع المصرفي لضمان عودة النّشاط الاقتصاديّ، والعمل على الاستثمارات لخلق النمو الاقتصادي.