بكر حجازي - خاصّ الأفضل نيوز
في حياة الإنسان مراحل عمرية يمر بها كالطفولة والشباب والكهولة .
وفي مراحل تقدمنا الحضاري العروبي أيضاً يمر الإنسان العربي أيضاً بعدة مراحل ، هذا الإنسان الذي وجد على وجه أرض هذه المنطقة ليجد أن سرطاناً قابعاً بها ، يسهر عليه العديد من القوى العظمى في العالم كي يستمر في الأذية ونفث سمومه السرطانية في جسد الأمة المنهك.
فهذا الإنسان العربي الذي قاوم منذ ١٩٤٨ وجود الكيان الصهيوني المؤقت بقيادة عربية وعاد لينشط بحالة المقاومة الوحدوية بزعامة جمال عبد الناصر ،واستمر بعد رحيله في ١٩٧٣ ومع الختيار أبي عمار كرمز للقضية الفلسطينية ، حيث كانت القضية لا زالت تحظى بالدعم العربي مع أبي عمار. ولكن ومع رحيله وبروز حزب الله كحركة مقاومة في الجنوب اللبناني وحركة حماس في داخل فلسطين المحتلة وقطاع غزة بالتحديد، ظهر الدور الإيراني في دعم حركة المقاومة ، وتصديها للمشروع الصهيوني في المنطقة لينبري في المنابر المقابلة العرب المنكفئون الذين ما انفكوا عن كيل الاتهامات للمقاومة وخاصة حماس من حيث ارتمائها بالحضن الإيراني، ولذا كانت التصريحات على لسان خالد مشعل وممثلي حماس ، والتي أوضحوا فيها عدد المرات التي دقت بها أبواب العرب المعاتبين لحماس قبولها بالدعم الإيراني غير المشروط في مقابل تصريح هؤلاء العرب بأنهم غير قادرين على الدعم .
وهنا يأتي من كلامنا ضرورة تحقيق لحظة الوعي في صفوف النخبة العربية والذي يجب أن يعممّ على الشارع العربي، بأن إيران ليست عدوة ، ولو كانت تختلف معنا في الانتماء المذهبي، وأنها تدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، لأنها تريد قيادة المنطقة في وجه الغرب والصهاينة، ولا أعتقد أنه على أحد منا أن ينكر عليهم ذلك طالما يقف جميع العرب مستسلمين للصهاينة وأميركا ، ويسلمون رقابهم كالنعاج إلى مذبح الصهيونية الخادعة.
إن إيران والتي تحاول التقرب من الشارع السني العربي، بتبني نصرة فلسطين والوقوف في وجه الحلم الصهيوني اليوم لأفضل بكثير من الذين يسلمون كل شيء للصهاينة ، والذين حسب معتقدهم لن يرحموا أحداً من العرب، كل العرب وحتى ممالك الخليج، فموضوع أطماع الصهيونية ليس منوطاً فقط بدول الطوق والتي تعاني ما تعانيه .
أما غيرتنا العربية وحسرتنا أنه ليس في عروبتنا من ناصرٍ ولا معين بعدما قضى الأمريكان على من قضوا ، ممن كان يمكن أن يشكل ردعًا أو تهديدًا للصهاينة في منطقتنا .
إن غيرتنا وحميتنا العربية ونزعتنا المذهبية حيث لم نجد من أمة المليار أيضا لا تركيا، ولا باكستان أو ماليزيا أو إندونيسيا في محاولة لقيادة الحماية وتشكيل درع يحمي الأمة _ لا يجب أن تشكل عائقاً نفسياً نحو تقبل إيران في دعمنا بالصراع مع الصهاينة ، ولا يجب أن تضعنا في نفس الصف مع الصهيوني بحجة أنها إيران .
فالحكم دائماً يكون على النتائج وعلى الواقع الذي تولده حقيقة الصراع ، والحكم الصحيح أننا وفي لحظتنا هذه نستقبل أيضاً كوريا الشمالية وفيتنام وليس فقط إيران وكل من يدعمنا ، ويوقف السكين الصهيوني عن ذبحنا ، هذا السكين الذي إن لم يجد مقاومة في اليوم التالي سيقوم بذبح الجميع وأولهم المطبعين والمنبطحين ، أوَ ليس تاريخنا مع التتار شاهد ، أوَ ليس أغلب من ذبحوا هم من استسلموا وخنعوا وتواطؤا، ولكن التتار هزموا على يد من قاوموا بالرغم من التضحيات ، وبقي المقاومون ورحل الخانعون .
ومن المؤكد أن التاريخ خير معلمِ ، فسيذهب الخانعون والموجهون للصراع نحو الشعوبية النتنة حيث "لا فضل لإعرابي على أعجمي إلا بالتقوى"، وسيبقى ليؤسس الخير في هذه الأمة من قاوم وسيقاوم حتى تحقيق النصر ....