كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
كَثُر الحديث عن القصف الإسرائيلي بالفوسفور الأبيض المُحرَّم دوليًّا. ومع ذلك ما زلنا نشهده في القرى الجنوبيّة اللبنانيّة، في حربٍ يوازي خطرها، تلك التي يُحذَّر منها "أي الحرب الشاملة والموسّعة". كيف ذلك؟
إليكم الجواب بالتّفصيل في هذه السّطور...
يشتعل الفوسفور الأبيض تلقائيًّا في الهواء عند درجات حرارة تتخطّى الـ 30 درجة مئويّة، ويستمرّ في الاحتراق حتى يتأكسد بالكامل أو حتّى يُمنَع عنه الأوكسيجين، وينتج عن حرق الفوسفور دخانٌ كثيف أبيض اللون ومهيِّج يحتوي على خليطٍ من أكاسيد الفوسفور.
في هذا الإطار، لا بدّ من لفت الانتباه إلى درجات الحرارة التي تتخطّى معدّلاتها الموسميّة هذا الصيف نتيجة الاحتباس الحراري وما ينتج عنه من رطوبة مرتفعة تزيد من الشّعور بالحرّ، وبالتّالي تُفاقم التّداعيات السلبيّة لهذا القصف على صحّة وسلامة المواطنين.
ولمَن يجهل بعض المعلومات المهمّة عن الفوسفور الأبيض، يجب أن يعرف أنّه فور اشتعاله، يكون من الصّعب جداً إطفاؤه ويلتصق بالأسطح مثل الجلد والملابس وهو مضرّ للبشر أيًّا كانت طرق التعرّض له. ويضرّ الدخان الناتج عن حرق الفوسفور أيضاً بالعينين والجهاز التنفّسي بسبب وجود أحماض الفوسفوريك ومركَّب الفوسفين.
وأكثر من ذلك، إذ يُمكن أن يسبّب حروقاً عميقة وشديدة ويخترق العظام.
ومن المهمّ توخّي الحذر لتجنّب تعرّض العاملين في المجال الطبّي بسبب الاحتكاك بالضحايا الذين يعانون من حروق الفوسفور الأبيض، الذي يُمكن أن يشتعل مجدّداً أثناء العلاج الأولي أو بعده نتيجة تعرّضه للأوكسيجين.
هذا كلّه تؤكّده منظّمة الصحّة العالميّة، التي تُحذّر مراراً وتكراراً من استخدام هذا السّلاح في الحروب.
عدوانٌ بيئيّ وغذائيّ وصحيّ خطير
الفوسفور الأبيض يُمكن أن يقبع في التربة والمياه وحتّى الهواء لفتراتٍ طويلة من الزّمن ما يدمّر الثروة البيئيّة المحليّة، وله تداعيات صحيّة مميتة لكلّ من يتعرّض له.
فعلى صعيد التربة، تتغلغل بقايا الفوسفور التي لم تشتعل إلى أعماق التربة فتلوّثها وتدمّر النظم البيئيّة الجوفيّة ما ينعكس سلباً على المحاصيل الزراعيّة، وتخيّلوا عندها كيف يتأثّر غذاؤنا من طعام ومياه...
أمّا في الهواء، فتنفجر هذه القذائف مُسبّبةً الضّرر الأكبر لمياه الأنهر، ويحدث هذا عندما تجرف الأمطار والسيول أي بقايا من الفوسفور الأبيض التي لا تزال ناشطة كيميائيًّا، فتنقلها المياه إلى الأنهر والبحيرات.
في هذه الحالة، يتفاعل الفوسفور الأبيض مع الأوكسيجين الموجود في الماء ممّا يتسبّب في نمو مفرط للطحالب، وبالتالي نفوق أيّ ثروات مائيّة لا تزال موجودة.
فإذا لم يقضِ التلوّث البيئي عليها، يأتي الفوسفور الأبيض ليُحكم قبضته الأخيرة القاضية، التي تطال تلوّث الأسماك التي تُسلَّم إلى المصائد والمطاعم ثم إلى أطباق الناس!
هل الخطر فقط على أبناء الجنوب؟
طبعاً لا. الحقول التي يحرقها الفوسفور الأبيض والتربة والمياه التي يُسمّمها، لا ترتبط ارتباطاً جوهريًّا بأهالي الجنوب فحسب، إذ أنّ الزراعة يعيش منها هؤلاء من خلال بيع المحاصيل ونشرها في مناطق لبنانيّة عدّة لكسب لقمة العيش.
ماذا عن الأطفال والحوامل؟
العوارض التنفسيّة قد تكون خطرة ومميتة على هذه الفئات. والخطر الأكبر يتمثّل في قضاء الفوسفور الأبيض على الأجيال القادمة من خلال التسبّب في تشوّه الأجنّة إذا تعرّضت الحوامل لاستنشاق غازات سامّة على غرار الفوسفور.
"الفوسفور عادةً ما يُستخدم في صنع مبيدات القوارض"، بحسب وصف منظّمة الصحّة العالميّة، فكيف الحال إذا تعرّض البشر إليه؟!
وفي هذه الحالة، هل تُعتبر هذه الحرب بمثابة إبادة جماعيّة قاتلة للأجيال الحاليّة والمُقبلة؟!