محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
تكاد تكون الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة الأهم بتاريخ أميركا الحديث، نظراً لوقوعها في زمن الحروب العسكرية من روسيا وأوكرانيا إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، ولذلك تكتسب أهمية خاصة، ليس لدى الأميركيين وحسب بل لدى اللاعبين الدوليين المؤثرين على الساحة الدولية، وهنا سيكون الحديث عن روسيا، إسرائيل وإيران.
لا شكّ أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفضل وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة بسبب مواقف الرجل المعروفة من العلاقة مع روسيا ومواقفه من استمرار الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا لاستمرار صمودها بالحرب مع الروسي، مع العلم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما كان رئيساً لم يكن رؤوفاً مع الروس بما يتعلق بالعقوبات، ولكن في زمن الحرب العسكرية فكل المقاربات تختلف، حتى أن بوتين لم يخف انحيازه إلى ترامب ولو أن كلامه كان على سبيل السخرية من هاريس وقبلها بايدن، عندما قال: "إن روسيا ترغب في فوز كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بسبب ضحكتها "المُعدية".
في إسرائيل، اتخذ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قراره بالانحياز إلى ترامب أيضاً، والسبب ببساطة ليس الدعم الذي ينتظره نتانياهو من ترامب لاستمرار حربه، كون المرشح الجمهوري طلب من نتانياهو استمراره بالحرب إلى حين فوزه بالرئاسة فقط، إنما لأنه يعتبر أن ترامب من المتشددين للغاية في رفض قيام الدولة الفلسطينية، ومن العاملين الجديّين على خط الاعتراف بالأراضي المحتلة كجزء من إسرائيل، وهو ما سيعني دعم نتانياهو لاستمراره على رأس السلطة التنفيذية في الكيان.
طبعاً يُدرك بايدن وإدارته أن نتانياهو لم يعد بوارد تقديم أوراق قوة للحزب الديمقراطي تتعلق بوقف الحرب، ولكن، لا يبدو أن الإدارة الأميركية الحالية، التي تدعم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في وارد الذهاب بعيداً في الضغوط على نتانياهو، لا بل يمكن القول إنها لم تبادر إلى أي ضغط جدي منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الأمر الذي يضع تساؤلات أساسية أمام إمكانية مبادرتها إلى ذلك في الفترة المقبلة، بهدف الوصول إلى اتفاق يقود إلى تعزيز حظوظ هاريس الانتخابية.
من حيث المبدأ، لا يبدو أن الإدارة الأميركية في هذا الوارد، لكن في حال بادرت إلى ذلك، أي إلى فرض الضغوط الجدية على حكومة العدو، فإن لدى نتانياهو بعض الأوراق التي قد يلجأ إليها، منها المبادرة إلى التصعيد الذي قد يفتح الجبهة اللبنانية على مصراعيها، خصوصاً أن العديد من الأصوات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تدعو إلى ذلك، وبالتالي فإن نتانياهو مصرّ على استمرار الحرب ليكون لاعباً بالانتخابات الأميركية، ولا يبدو أن باستطاعة الحزب الديمقراطي الضغط عليه لأن الحزب يدرك أهمية حصوله على دعم اللوبي الصهيوني في أميركا.
وأخيراً، إيران، التي لا تتخذ موقفاً سياسياً وحسب من الانتخابات الرئاسية بل تسعى لأن تكون، كما نتانياهو، لاعباً فيها، فهي بالتأكيد تدعم وصول الديمقراطيين الذين أظهروا مرونة بالتعامل مع الملفات الإيرانية واستعداداً للتفاوض، على عكس ترامب الذي سحب الموافقة الأميركية على الاتفاق النووي ومارس حرب عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
تلعب الجمهورية الاسلامية في ايران دورها كمؤثر في الانتخابات من خلال دعم إنهاء الحرب في المنطقة، والأهم استمرار التواصل مع الأميركيين بغية تبريد الجبهات ومنع اندلاع الحرب الشاملة التي قد تشكل مقتلة للديمقراطيين في الانتخابات، وتأمل إيران أن تصل هاريس على البيت الأبيض، وهي التي عندما كان جو بايدن مرشحاً لم تكن ترى أن فرصه قائمة لذلك كانت ترفض قيام أي نوع من أنواع التفاهمات معه، كونها ستكون بلا جدوى، أما اليوم مع تواجد هاريس في السباق الرئاسي تعتقد ايران أن فرصها حاضرة، وهي تعمل لزيادة هذه الفرص.