عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
الضربات الجوية العنيفة التي عاشها الجنوب على مدى ليلتين (الخميس و السبت) كان الهدف منها شل قدرات المقاومة الصاروخية وعدم السماح لها بالرد أو توسيع مديات النار لتبلغ حدوداً غير معهودة ضمن النطاق العملياتي الحالي بالنسبة إلى المقاومة. وعلى صورة ما حصل قبل وقت قصير من تنفيذ المقاومة ردها على اغتيال الشهيد فؤاد شكر، ادعى العدو أن الهدف من الهجمات، لاسيما تلك التي شنت نهار السبت، هو إخراج صواريخ المقاومة من المعادلة وتدمير أكبر عدد منها. أكثر من ذلك، ادعى بعض قادة العدو قبل شن تلك الهجمات ليل السبت، أنهم يمتكلون معلومات حول أن حزب الله في وارد الرد على الاعتداءات الأخيرة بقصف إسرائيل بكميات كبيرة من الصواريخ. إذاً يفهم أن المقاومة كانت تعمل في بيئة مكشوفة نظريًّا، وأن العدو كان في أداء حربي استباقي لإفشال المقاومة.
ماذا حدث؟
تمكنت المقاومة من إرسال 15 صاروخاً (بحسب التقدير الاسرائيلي) من نوعيات غير حديثة لكنها معدلة ولم تستخدم في هذه المعركة، وقد أصابت أهدافها بدقة، لتسقط معها كل السردية الإسرائيلية القائمة على التمكن من إضعاف حزب الله أو إخراجه من حدود النار.
القصة في الـ15 صاروخًا تتصل أيضاً بالرقم. كان في مقدور المقاومة إرسال عدد أكبر من المقذوفات التي أطلقت عليها اسم "فادي 1" و "فادي 2"، وهي تركيبات معدلة على أساس صواريخ "فجر" القديمة التي استخدمت من قبل المقاومة عام 2006، لكن الغاية كانت في تقديم رسالة إلى العدو تؤكد تمكن المقاومة من خلال عدد قليل من الصواريخ أن توصلها إلى المناطق المستهدفة وأن تحقق أهدافها، وقارب فعل المقاومة كما أنه عبارة عن test محدود لكن بفاعلية عالية.
يقال إن الصواريخ التي استهدفت محيط حيفا وقاعدة رمات دافيد الجوية ومعامل رافاييل للانتاجات العسكرية، كلها انطلقت من منطقة جنوب الليطاني، أي المنطقة التي تم استهدافها بوابل كثيف من الغارات الجوية على مدى أيام. ويتردد أيضاً، أن منطقة شمال الليطاني شاركت في عملية إرباك القبة الحديدية ومقلاع داوود وغيرها من الأنظمة، وذلك من خلال إطلاق كم غزير من وسائل التعمية (المقذوفات).
عملياً، كان الإعلام الحربي للمقاومة قد كشف أن الصواريخ المستخدمة في قصف منطقة حيفا التي تبعد عند الحدود حوالي 50 كيلومترًا هي صواريخ "نقطوية" وليست حديثة بل سبق استخدامها عام 2006، ما يؤكد أنها خضعت لتعديلات من جانب المقاومة حولتها إلى صواريخ نقطوية تنفع للاستخدام الحالي، أي صواريخ دقيقة. وبحسب خبراء عسكريين، إن الصواريخ النقطوية عادة تستخدم أنظمة مثل الـ"جي بي اس" لتحديد أهدافها مما يعني تمتعها بحيز كبير من الدقة، والذي يجدر أن يترافق مع مسألتين أساسيتين: كبر الحجم والعيار وهذا يساعد في إعطاء مدى أبعد للصاروخ، وبشكل متزامن يخدم الحجم تحميله رأسًا متفجرًا بأوزان كبيرة الحجم، بما يفوق الـ80 إلى 100 كلغ من المواد المتفجرة.
سبق أن أدرجت المقاومة مدينة حيفا مقابل مدينة صور في حال تم شمل الأخيرة في عمليات القصف الإسرائيلية، وضمن هذه المعادلة مثلت عكا أو عملياً محيط عكا مقابلاً لاستهداف محيط مدينة النبطية. كان يفهم على مدار الأشهر الطويلة أن العدو لا يرغب في استهداف صور خشية من استهداف حيفا. الآن اسقطت المقاومة هذه المعادلة التطبيقية العملاتية المعتمدة منذ الثامن من تشرين، بعدما باتت حيفا منطلقاً للرد على قصف مناطق لبنانية معينة، من دون أن يعني ذلك فتح المجال أمام العدو للانتقال في ضرباته إلى صور.