كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
ما تسرّب من معلومات عن مصادر لبنانيّة وإسرائيليّة وأميركيّة وأوروبيّة، حول توصل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، إلى صيغة حلِّ ناقشها مع رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو ووزراء ومسؤولين معاونين له، بعد أن زار لبنان وأمضى يومين فيه، وبحث مع الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون، بالورقة الأميركيّة التي وضع المسؤولون اللبنانيون ملاحظاتهم عليها، وأبرزها التّقيّد التَّام بالقرار ١٧٠١ دون زيادة أو تعديل عليه، وأن لبنان غير معني مطلقًا بما سمّي المقترحات الإسرائيليّة من ١٣ نقطة التي تسلب لبنان سيادته وقراره المستقل، وتقيم احتلالًا مقنّعًا في لبنان، عبر التّحرّك فيه، عندما يشعر العدوُّ الإسرائيليُّ بأنَّ خطرًا يتهدَّده، وأنَّ "حزب اللَّه" أعاد بناء قوَّته العسكريّة من جديد، إضافة إلى الرقابةِ على تنفيذ أي اتفاق لوقف إطلاق النار، والتي حصرها العدوُّ الإسرائيليُّ بأميركا وبريطانيا وألمانيا، واستبعد فرنسا منها، لأنَّ الأخيرة لا تشاركه ما ذهب إليه في حربه على لبنان، والتي أبدتها بمرحلتها الأولى، في دفاع إسرائيل عن نفسها ووجودها، بعد عملية "طوفان الأقصى".
لذلك فإنَّ هوكشتاين لم يتمكّن من تليين موقف نتنياهو، وهو لم ينقل إليه أي تحذير أميركي، بضرورة وقف الإبادة الجماعية للشعب في فلسطين ولبنان، لا بل أن واشنطن تتطابق في الأهداف مع تل أبيب، لجهة القضاء على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وأبرزها "حزب اللَّه" و"حماس" الموصوفتان بأنَّهما منظَّمتان "إرهابيَّتان"، وأنَّ القضاء عليهما، حصل على إشارة مرور للعدوِّ الإسرائيليِّ، الذي لم يتمكّن من تحقيق أهدافه في الميدان، فهو يلجأ إلى أن يحصل عليها بالسياسة، عبر الموفد الأميركي، الذي يمارس الانحياز لصالح الكيان الصّهيونيِّ،وهو الذي ولد فيه، وخدم في جيشه، فكيف سيكون وسيطًا نزيهًا؟
من هنا، فإنَّ ما تردَّد عن تفاؤل بالوصول إلى وقف لإطلاق النَّار، كانت تصدر من جانب العدوِّ الإسرائيليِّ، وهذا أسلوب الخداع الذي مارسه في غزّة، ويكرِّره في لبنان، الذي تؤكِّد مصادر الرَّئيس برّي، بأنَّ هوكشتاين لم ينقل أجواء إيجابيّة من الكيان الصهيوني، وهو غادره مباشرة إلى واشنطن، لأنَّه لم ينجح في الحلِّ الذي قدَّمه إلى لبنان، باقتناع قادة العدوِّ الإسرائيليِّ به، لجهة وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيليِّ الفوري من بعض البلدات التي دخلها، ليقوم الجيش مع القواتِ الدوليّة بتوسيع انتشارهما، في وقت يصرُّ العدوُّ الإسرائيليُّ على أن يبقى ستة أشهر في شمال الليطاني ليتأكد من أن الجيش قام بإخلاء المنطقة من مقاتلي "حزبِ اللّه"، ودمَّر كلَّ الأنفاق، ومنع عودة بيئته الحاضنة إلى المدن والبلداتِ والقرى التي تهجَّروا منها.
هذه الشُّروط الإسرائيليّة، لم يتزحزح عنها العدوُّ الإسرائيليُّ، ولم يقم هوكشتاين بممارسة الضغط عليه، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، بل ومنذ أن غادر الموفد الرِّئاسي الأميركي تل أبيب، حتّى قام العدوُّ الإسرائيليُّ بتصعيد عسكري، فشنَّ غارةً على حي البسطة في بيروت، وهي المرة الثامنة التي يقصف فيها العاصمة، متذرِّعًا بوجود مسؤولين من "حزبِ اللّه"، ليثبت عدم صحة تلفيقاته، وأن الشهداء والجرحى من المدنيينَ، مما يؤكد أيضًا، أن بنك أهدافه لم يعد فيه رصيد سوى التدميرِ والمجازرِ.
ولو أرادت الإدارة الأميركيّة الحالية والمنتهية ولايتها، والتي ستحلُّ محلَّها ولاية جديدة برئاسة دونالد ترامب، وقف الحرب، كانت بدأت في غزّة، التي ما زالت واشنطن تستخدم "الفيتو" الأميركي ضدَّ أي وقف للحرب، أو العمل لتطبيق قرارات دوليّة صدرت لصالح غزّة، وهي لم تفعل في القطاع، ولن تعمل للبنان، الذي ما زالت الحرب مستمرّة فيه.