ترجمة - الأفضل نيوز
رحل الرئيس السوري بشار الأسد من سوريا في وقت مبكر من يوم الأحد بالتوقيت المحلي بعد تقدم خاطف لتحالف من الجماعات المعارضة أدّى إلى نهاية مفاجِئة لحكم دام 50 عاماً من قبل عائلة الأسد. أثارت الأخبار الابتهاج في شوارع دمشق، ولكن أيضاً عدم اليقين الهائل بشأن مستقبل البلاد المضطربة بشدة.
شهد الهجوم المذهل، بقيادة جماعة "هيئة تحرير الشام" الإسلامية، سيطرة المسلحين على المدن الرئيسية في حلب وحماة وحمص في أقل من أسبوعين بينما تراجعت قوات الحكومة السورية - المحبطة والفوضوية بعد سنوات من القتال - بسرعة. وفي الوقت نفسه، يبدو أنّ أقوى حلفاء الأسد قد فوجئوا بالتقدّم السريع.
لقد دفع الانهيار غير المتوقع لحكومة الأسد الدبلوماسيين إلى التسرع في مواكبة الأحداث، وفهم العواقب المحتملة للفراغ المفاجئ في السلطة في بلد حيث كانت الجماعات المسلحة والقوى الأجنبية تتنافس منذ فترة طويلة على النفوذ.
قال غير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، يوم الأحد إنّ هناك "رسائل متناقضة" صادرة من دمشق، لكنه أكّد على الحاجة إلى "تجنب إراقة الدماء"، ودعا إلى الحوار والاستعداد لهيكل حكم انتقالي.
ويُعتقد على نطاق واسع أنّ تركيا أعطت الضوء الأخضر للهجوم الذي تقوده "هيئة تحرير الشام" - على الرغم من أنها تنفي رسمياً تورطها - بعد أن شعرت بالإحباط من رفض الأسد التعامل مع أنقرة. إنّ الوكيل الرئيسي للحكومة التركية بين قوات المعارضة المنتصرة هو "الجيش الوطني السوري"، وهو تحالف من الميليشيات التي تربطها علاقة معقدة مع "هيئة تحرير الشام"، وأنقرة على استعداد لممارسة نفوذ كبير في سوريا للمضي قدماً.
وقال فيدان، الذي أضاف أنّ الحكومة التركية لم يكن لها اتصال بالأسد: "يجب إنشاء الإدارة السورية الجديدة بطريقة منظمة. يجب ألا يتم المساس بمبدأ الشمولية أبدًا. يجب ألا تكون هناك رغبة في الانتقام أبداً".
وفي إشارة إلى واحدة من الديناميكيات المعقّدة العديدة التي من المرجح أن تتجلى في الأسابيع والأشهر المقبلة، قال فيدان إنّه لا يرى أي مجال لـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الكرد في مستقبل البلاد. تعدّ تركيا هذه المجموعة، التي تدعمها الولايات المتحدة وتسيطر على ما يقرب من ثلث أراضي البلاد في شمال شرق سوريا، امتدادًا لعدوها اللَّدود، حزب العمال الكردستاني. يواجه الكرد في سوريا، مثل البلاد بشكل عام، طريقاً لا يمكن التنبؤ به في المستقبل.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في كلمة ألقاها في منتدى الدوحة في قطر، يوم السبت، إنّ موسكو تبذل قصارى جهدها لضمان عدم تمكن "الإرهابيين" من الانتصار في سوريا، في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام"، التي صنّفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة كجماعة إرهابية، لكن قادتها سعوا إلى تقديم موقف أكثر اعتدالاً في السنوات الأخيرة.
التقى لافروف نظيريه الإيراني والتركي على هامش القمة، يوم السبت، لمناقشة الوضع في سوريا. والتقى المسؤولون من الدول الثلاث، التي سعت جميعها إلى تشكيل الأحداث في سوريا في السنوات الأخيرة، مرة أخرى في المساء مع وزراء خارجية خمس دول عربية، حيث اجتمعوا حتى وقت متأخر من الليل في غرفة اجتماعات في فندق "شيراتون".
وفي بيان مشترك صدر بعد الاجتماع، دعا الوزراء إلى إنهاء العمليات العسكرية والتوصل إلى حل سياسي للأزمة بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي تم تبنّيه في عام 2015 والذي دعا إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية.
وبحلول صباح الأحد، كان الأسد قد رحل، وقد تأكد رحيله عن البلاد في وقت لاحق في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية. وذكرت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية في وقت لاحق من يوم الأحد، نقلاً عن مصدر لم تسمه في الكرملين، أنّ الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو وحصلوا على حق اللجوء في روسيا "لأسباب إنسانية".
وقال تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن: "من ناحية، من المدهش واللافت للنظر أنّ أحد أسوأ مجرمي الحرب منذ فترة طويلة قد تم إبعاده عن الطريق. ولكن، هذا أيضاً فتح علبة ديدان لا أحد لديه رؤية لها في الوقت الحالي بصراحة". ولم تتم إدانة الأسد بارتكاب جرائم حرب، لكن الأدلة الواسعة النطاق التي جمعتها منظمات حقوق الإنسان والعديد من الحكومات الأجنبية وثقت الانتهاكات الواسعة النطاق لنظامه.
في يوم السبت، وصف ترامب سوريا بأنّها "فوضى" ولكنها ليست "صديقة" للولايات المتحدة. وكتب في منشور على X: "لا ينبغي للولايات المتحدة أن يكون لها أي علاقة بها. هذه ليست معركتنا".
وفي حين يظل مستقبل سوريا غير مؤكد إلى حد كبير، فإن الوضع له أيضاً "تداعيات هائلة" على لبنان المجاور، كما قال آموس هوكستين، المبعوث الرئيسي لإدارة بايدن في محادثات وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحزب الله، في حدث أقيم في منتدى الدوحة يوم السبت.
كذلك، قال شالوم ليبنر، المستشار السابق لعدد من رؤساء الوزراء الإسرائيليين، إنّ "إسرائيل" متفائلة بحذر بشأن انهيار الأسد، ولكنها ستراقب عن كثب السباق لملء الفراغ في السلطة الذي خلفه. قال ليبنر: "من الواضح أنّ هناك كل أنواع المخاوف بشأن من قد يتولى السلطة بمجرد أن تنتهي هذه الأزمة. أعتقد أنّ هذا ليس مجرد قلق إسرائيلي، إنه قلق دولي".