إسلام جحا - خاصّ الأفضل نيوز
لا يزال الكلام الذي وصَّف به وزير الصّحّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض واقعَ مرض السّرطان في لبنان يترك صدًى مقلقًا، في ظلّ التّزايد الكبير في أعداد المصابين، وسط أزمةٍ اقتصادية تضيّق فرص العلاج لدى المرضى.
السرطان في لبنان يرتفع بنسبة 30٪ سنويًا
في اليوم العالميّ للسّرطان، يواجه لبنان أرقامًا مقلقةً تعكس تزايدًا مستمرًا في حالات الإصابة والوفيات المرتبطة بهذا المرض. ووفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن الوكالة الدّوليّة لبحوث السّرطان التابعة لمنظمة الصّحّة العالميّة، سُجّل في لبنان بين عامَي 2017 و2022 أكثر من 33,500 إصابة بالسّرطان، منها 13,000 حالة جديدة في عام 2022 وحده، مع تسجيل 7,307 وفيات في العام نفسه، أي بنسبة ارتفاع بلغت 30٪ سنويًا.
وفيما تغيب الأرقام الدّقيقة للعام 2024، وثّقت وزارة الصّحّة تلقّيها 90 حالةً جديدةً للسّرطان خلال الأسبوع الأخير من كانون الثاني الماضي. وبناءً على هذه الإحصاءات، يُقدَّر أن العدد الإجماليّ للمصابين بالسّرطان في لبنان حتى أواخر عام 2024 يتجاوز 30,000 حالة.
أسباب يمكن تفاديها
وتُعزى هذه الزيادة إلى عدّة عوامل، يأتي التدخين في طليعتها، إذ تسجّل منظمة الصّحّة العالميّة رقمًا قياسيًا لنسبة المدخنين في لبنان، وهي النّسبة الأعلى في العالم متخطّيةً الـ70٪ من أعداد اللّبنانيّين، الأمر الذي ينعكس ارتفاعًا في نسب المرضى المصابين بسرطان الرّئة.
التلوّث الحاصل في لبنان وتغيّر نمط الحياة والغذاء، والتاريخ العائلي والطفرة الجينية، كلّها أسبابٌ يضيفها المختصّ بالأمراض السّرطانية والباطنيّة الدكتور سامي عمر الذي تحدّث لموقع الأفضل نيوز عن غياب الكشف المبكر للمرض، لافتًا إلى أن المراحل الأولى لاكتشاف الورم من شأنها أن تخفّف معاناة المرضى، وتوفّر عليهم تكاليف العلاج وعلى الدولة أعباء آلاف المرضى ممن وصلوا إلى مراحل متقدّمة من المرض.
تكاليف باهظة
وتتراوح تكلفة الجلسة العلاجية الواحدة بين 3,000 و5,000 دولار، ويحتاج المريض عادةً إلى جلسة كل ثلاثة أسابيع، مع تدهور الوضع الاقتصادي، أصبح من الصّعب على المرضى تحمل هذه التكاليف، بالإضافة إلى ذلك، انخفضت ميزانية وزارة الصّحة المخصصة لأدوية السّرطان من 53 مليون دولار في عام 2017 إلى نحو 17 مليون دولار حاليًا، مما أثر سلبًا على توفر الأدوية.
وزير الصّحة اللّبنانيّة أوضح خلال عرضه مراحل تنفيذ الخطة الوطنية الخمسية لمكافحة السرطان أنّه "بموجب برنامج تم تنفيذه مع الهلال الأحمر القطري، تمت توسعة أقسام العلاج النهاري للسّرطان في عدد من المستشفيات الحكومية. وتمّ افتتاح سبعة أقسام جديدة، على أن يُفتَتح قسمان جديدان، فضلًا عن تعزيز الأقسام التي كانت موجودة في السابق.
وسمح ذلك للمرضى بالحصول على العلاج في أماكن قريبة من سكنهم بدلًا من التنقل مسافات طويلة لهذه الغاية، وذلك بكلفة أقل بكثير من الكلفة التي يتكبدها المريض في المستشفيات الخاصة، مع الحصول على الدّواء المجاني وجلسة علاج لا تتعدّى تكلفتها الـ3 ملايين ليرة لبنانية.
تحدّيات الحصول على الدواء
ويواجه المرضى صعوبةً في الحصول على الأدوية بسبب ارتفاع أسعارها ونقصها في الأسواق اللبنانية وخصوصًا خلال الأعوام الخمسة الماضية. على سبيل المثال، ارتفع سعر دواء كان يُباع سابقًا بـ270 دولارًا إلى 281 دولارًا، ولكن بالليرة اللبنانية، ارتفع السعر من 400 ألف ليرة إلى 19 مليون ليرة بسبب انهيار العملة المحلية. ولذلك، عمد ذوو المرضى إلى شراء الأدوية المستوردة التي لا تخضع لشروط التخزين والنقل فتصل غير صالحة حسب ما أشار الطبيب سامي عمر لموقعنا.
وفي هذا الإطار، تقدمت وزارة الصّحّة بمناقصة استوردت من خلالها كمياتٍ أكبر من الدّواء نتيجة لتوفير تكلفة العلاجات بنسبة أقلّ بـ38٪، ممّا أتاح للتجار شراء كمياتٍ أكبر، على أن تبدأ من النصف الأول من شهر شباط الحالي بتغطية حالات لم تكن مغطاة في البروتوكولات الموجودة.
وتقول الوزارة: "إنّ مستودعات وزارة الصّحة العامّة تحتوي في الوقت الراهن على أدوية سرطان تكفي على الأقل لمدة خمسة أشهر مقبلة. وهذا الأمر يحصل للمرة الأولى بما يكفل استمرارية تأمين الدواء للمرضى الذين يعالجون بحسب البروتوكولات المتبعة.
تتطلّب هذه التّحديات استجابةً سريعةً من الجهات المعنية، بما في ذلك زيادة ميزانية وزارة الصّحّة، وتعزيز برامج التوعية للكشف المبكر، وتوفير الأدوية بأسعار معقولة، لضمان تقديم الرعاية الصحية اللازمة لمرضى السرطان في لبنان.