عبد الله قمح- خاص الأفضل نيوز
للمرة الثالثة على التوالي يقع الثنائي الشيعي ضحية للانقلابات، مع تسجيل رئيس الحكومة المكلف نواف سلام توقيعه على مرسوم الخروج عن التزام كان قد أكده لبري في التشارك وإياه بالتعاون مع رئيس الجمهورية جوزاف عون في تسمية الوزير الشيعي الخامس. وبعد أن أوصل بري بالتواتر اسماً يعود لأحد القضاة الى سلام دون أن يعارضه الأخير، تفاجأ بري الذي حل ضيفاً على قصر بعبدا اليوم بدعوة من رئيس الجمهورية، أن سلام انقلب على التفاهم معه، بعدما حضر الى القصر دون أن يصطحب معه المسودة الحكومية بزعم أنه لم يكن يتوقع الاتصال به من القصر، ليسارع ويطلب من يأتيه بها. فيما بعد وبعد فتح باب المناقشات بين الرؤساء الثلاثة، صدم بري أن سلام لم يأخذ في طلبه، وسمى الدكتور لميا المبيض للحصة الخامسة من دون التشاور معه، ما أزعجه بشكل كبير معلناً رفضه السير بها أو في الحكومة بشكل عام، ليختار الخروج من القصر غاضباً.
أسلوب سلام مع بري لم يكن الأول من نوعه. فعل نفس الأمر تقريبا مع النواب السنة، حين وعدهم أنه في صدد الأخد في اقتراحاتهم للتوزير. من جهة ثانية كان سلام يبحث في الأسماء مع منصة "كلنا إرادة" ويتعاون مع نواب غير سنة في تأمين البحث عن وزراء للسنة، يكونون من حصته، وهو ما عاد وأبلغه بمزيد من التأكيد إلى أكثر من نائب سني فيما بعد، من أنه وكيل حصة السنة طالما أنه رئيس للحكومة، وما ينسحب على أسلافه ينسحب عليه. الطامة الكبرى تبقى في اختياره توزير سيدة مارونية (وفقاً لسجلات النفوس) وهي حنين السيد في موقع مخصص للطائفة السنية وكممثلة عنهم، علما أنها مجنسة بفعل زواجها من رجل أعمال لبناني مسيحي.
تقلبات سلام لم تقف عند حد التلاعب في التمثيل الشيعي أو احتكار التمثيل السني، بل تجاوز ذلك الى مد اليد على حصة التيار الوطني الحر المسيحية ووهبها الى كل من رئيس الجمهورية والقوات اللبنانية. مع ذلك، لم يبد رئيس التيار جبران باسيل أي انزعاج لغاية اللحظة، تاركاً الاشتباكات تدور في مكان آخر، ما يجعله يضمن أن الحكومة وفقا للصيغة الحالية غير ميسرة، فلماذا يتحمل مسؤولية التسبب في عرقلتها.
لكن ذلك وعلى أهميته، يبقى يصور جانباً من شخصية سلام العرضة للتقلبات الدائمة. ولم يكن من مصلحة له لافتعال أزمة مع مدير ومالك محطة mtv ميشال المر، حيث ينقل عن أكثر من مصدر أن الأخير كان موعودا بحصة تذهب إليه في الحكومة أو الى شخص ما يسميه، وهو ما لم يحصل نتيجة الانقلابات نفسها، مما أدى بالمر الى فتح أبواق وسائله الإعلامية والمقربين منه للهجوم على سلام حيث شهدت الساعات الماضية تحريكاً للجيوش الالكترونية على أكثر من جهة.
وعلى الرغم من كل الإشكالات والمناورات التي يفتعلها سلام، ثمة من يشير الى أيادٍ أخرى تتلاعب في المشهد بالنيابة عن رئيس الحكومة المكلف دون اعتراض منه، حيث أنه بات ملزما بسقف سياسي وضع له للتأليف. ولا تخفي الأوساط أن سلام تلقى تحذيرات من جانب دول معينة من مغبة الذهاب الى حكومة فيها تمثيل صريح لحزب الله أو لحلفائه، مع تفضيل إعطاء مهلة إضافية للتأليف لغاية أواخر الشهر الجاري.