عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
ما زال رئيس الجمهورية جوزاف عون، حتى لحظة كتابة هذا التقرير، يخوض مواجهة دبلوماسية لتثبيت انسحاب العدو الإسرائيلي إلى الحدود الدولية، دون أن يتلقى سوى الوعود.
في الموازاة، يعترف مقربين من "الرئيس" بصعوبة المواجهة، فيما بعضهم، يصارح بكل هدوء، أن المشكلة تعود إلى عدم امتلاك لبنان لأوراق تساعده في دعم تحقيق أهدافه أو تعزيز موقفه التفاوضي، وإن أكثر ما يُركن إليه هذه الأيام، هي علاقات تاريخية قديمة بين لبنان وبعض الدول، كفرنسا مثلاً، ومحاولة إقناع بعض "اللوبيات السياسية" اللبنانية في أوروبا التحرك في هذا الصدد لدعم موقف الرئيس في مستهل عهده، أو علاقات سبق لرئيس الدولة أن نسجها إبان وجوده في قيادة الجيش.
إذاً الإخلال الإسرائيلي مردّه إلى استضعاف لبنان، عسكرياً وسياسياً، وإلى معرفة أن هذا البلد ليس في وارد المضي في الحرب
يقول مصدر سياسي مؤثر، إن ما أسهم في تبلور هذه الصورة أكثر، البيان الثلاثي الذي ذهب إليه قادة الدولة خلال اجتماعهم في قصر بعبدا الأسبوع الماضي، حيث رفع من اعتبار "المعركة الدبلوماسية" لتحرير الأرض عن تلك "العسكرية" إنما أزال أي فرضية عسكرية في الواقع، وهو ما دفع العدو إلى هذا التصلب، من زاوية اعتباره أنه انتصر على لبنان وأن في إمكانه فرض الشروط على حكومة هذا البلد
ليس ثمة من يشك إطلاقاً بأن المقاومة التي كانت (وما زالت) تمثل الإطار العسكري اللبناني المواجه لإسرائيل، تلقت ضربة كبيرة وغير سهلة، ما قد يجعل، لغايته، الركون إلى معادلة العسكرة في الجنوب صعبة. رغم ذلك، ثمة من يطرح نظرية مضادة، إزاء التعنت والتملص الإسرائيليين من التعهدات والالتزامات، قوامه العودة من ضمن إطار ضيق إلى دور المقاومة وليس شن الحرب بإطارها العسكري الواسع، ما قد يُعزز من الأوراق لدى المفاوض اللبناني، تماماً كما سبق أن حصل خلال قصف تل أبيب في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام الماضي، ما أسس إلى الذهاب صوب توقيع الاتفاق. غير أن الموقف الرسمي، بكل أسف، يقف حائلاً أمام هذا الموضوع، لا بل في وضعية الإعلان التي شهدها قصر بعبدا عبر البيان الوزاري، يكون قد أزال هذه الفرضية، أو عملياً تنصل من الوقوف خلفها، أو الاستفادة من مرجعيتها، أو يمكن أن يتجاوزها ويعتبر أنها غير مؤثرة في جدوى التفاوض، تحت الشعار الدائم بالخشية على الدولة اللبنانية من الحرب، مع العلم أن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على هامش تشييع الأمينين العامين للحزب الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين تاركاً احتمال العودة إلى الفعل العسكري متاحاً وبالتالي أزال إحراجاً كبيراً عن ظهر الفئة السياسية
يقول مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، إن ما يخوضه لبنان ضمن إطار الحرب الدبلوماسية جيد إنما ممتاز، لكنه يفتقد إلى الدور العربي المؤثر، حيث الانهماك الحالي في تتبع مجربات "خطة ترمب" بالنسبة إلى الفلسطينيين (سواء في قطاع غزة المدمر أو في الضفة الغربية الجريحة) حول اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونشرهم في دولٍ عربية كالسعودية ومصر والأردن، حيث يبرز هنا الاهتمام الأساسي بالنسبة إلى هذه الدول، التي تعتبر أنها لا تتحمل الأثمان المترتبة عن الصراع. في هذا الحال، يغدو الملف اللبناني "بنداً ثانياً" على جدول الأعمال وربما أبعد، وما يزيده حالة النزاع في لبنان، والتي، حسب أقوال الدبلوماسي، حاول لبنان أن يتجاوزها عبر "إعلان بعبدا الثلاثي".