نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
تشكل تحويلات اللبنانيين المغتربين إحدى المصادر المهمة لدخول الأموال إلى لبنان، خصوصًا وسط الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها البلاد منذ سنوات طوال، والتي أسهمت ولو بشكل جزئي بتقديم القليل من الدعم.
ووفق الأرقام الصادرة عن البنك الدولي، فإن تحويلات المغتربين اللبنانيين انخفضت في عام 2024 إلى أدنى مستوياتها منذ سنة 2007 بما يقارب الـ25.5%، لتصل لأول مرة إلى 5.8 مليار دولار بعد أن تجاوزت سابقًا الـ7 مليار دولار، وعلى الرغم من هذا الانخفاض، لا تزال هذه التحويلات تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني. فما مصير تحويلات المغتربين؟
في هذا الإطار، توضح مصادر لموقع "الأفضل نيوز" أن " هناك عدة عوامل لتراجع التحويلات من قبل المغتربين اللبنانيين إلى الداخل، انطلاقًا من الأزمة الاقتصادية العميقة مترافقة مع انهيار الليرة اللبنانية وتفاقم التضخم، ما أدى إلى انخفاض قدرة اللبنانيين على إرسال الأموال إلى وطنهم، سواء بسبب تراجع قدرتهم على جمع المدخرات أو بسبب ارتفاع تكاليف الحياة في دول المهجر، حيث تراجعت الآمال مع استمرار الأزمة الاقتصادية وعدم وجود آفاق واضحة للتحسن".
وتضيف: "الوضع السياسي في لبنان يؤثر بشكل كبير على ثقة المغتربين في إرسال الأموال إلى البلد، فالتوترات السياسية والاضطرابات الاجتماعية وغياب الاستقرار قد تدفع العديد من المغتربين إلى تقليص تحويلاتهم أو تحويلها إلى أماكن أكثر استقرارًا، ومع اشتداد وطأة الحرب على لبنان مؤخرًا ربما كانت من العوامل التي عرقلت بعض التحويلات وأثرت على مسارها".
وتشرح المصادر نفسها أن "إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، ما أدى إلى خلق صعوبة كبيرة في عمليات التحويل، هذا وبالإضافة إلى ارتفاع تكاليف إرسال الأموال إلى لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، أيضًا من الأسباب المهمة في هذا الخصوص".
ومن منا لا يعلم أن انخفاض تحويلات المغتربين إلى لبنان له العديد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر بشكل كبير على الأوضاع العامة للبلاد.
من هنا، تشرح المصادر أن "التداعيات كثيرة وتبدأ من تدهور الاقتصاد المحلي وانخفاض في قيمة الليرة اللبنانية، إلى جانب التضخم الكبير وزيادة المعاناة على اللبنانيين، إلى جانب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن ما يؤدي تلقائيًا إلى زيادة نسبة الفقر وارتفاع نسبة البطالة، لأن الكثير من الأسر اللبنانية تعتمد على أموال المغتربين لدعم مستوى معيشتهم واستمراريتها".
وتتابع: "كل هذه التداعيات التي تم ذكرها ستنعكس تلقائيًا على الوضع الاجتماعي للمواطن، فإذا قلص المغتربون حجم التحويلات أو توقفوا عن إرسال الأموال، قد تجد الأسر في لبنان صعوبة أكبر في تلبية احتياجاتها الأساسية مثل التعليم والصحة والإيجارات وغيرها، كما وتفاقم الأزمة المالية وأزمة الدين العام".
وتختم المصادر: "تداعيات انخفاض تحويلات المغتربين إلى لبنان هي تداعيات عميقة ومترابطة وكثيرة، تؤثر على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية".
وفي خلاصة الأمر، وعلى الرغم من أن انخفاض التحويلات يعتبر مؤشرًا سلبيًا نسبةً للدور الحيوي الذي تلعبه في الاقتصاد اللبناني، إلا أن ثمة جانبًا إيجابيًا لهذا التراجع، حيث يجعل اللبناني يعتمد على الاقتصاد المحلي بدلاً من التحويلات الخارجية، وكل ذلك عبر إصلاحات هيكلية شاملة لدعم القطاعات الإنتاجية وتوفير بيئة اقتصادية فعالة، فهل يشهد الاقتصاد اللبناني تحوّلاً ملحوظًا في العام 2025؟!