نبيه البرجي - خاصّ الأفضل نيوز
للشاعر التركي ناظم حكمت هذا القول الذي ينطبق علينا "يا الهي ... الى أين يمضي بنا هذا الشراع الذي بمائة سارية ؟" .
هل يفترض بالرئيس جوزف عون أن يقف في خندق واحد وكما دعا أحد النواب ، مع بنيامين نتنياهو لاجتثاث أي أثر للمقاومة إن من الأرض اللبنانية أو من الأجندة اللبنانية ،لنسأل أين هي أوراق القوة في يدنا لصد تلك الذئاب المجنونة التي تجثم بالأقدام الهمجية ، على امتداد الخريطة اللبنانية وليس فقط في التلال الخمس أو في المنطقة التي تحولت بالأمر الواقع الى منطقة عازلة ؟
لا أحد يطلب من ذلك النوع من اللبنانيين التفاعل مع القضية الفلسطينية (التراجيديا الفلسطينية) . ولكن على الأقل أن يدركوا أي نوع من البرابرة وبتلك الحمولة الإيديولوجية، الذين لا يرون في الآخرين سوى مخلوقات ما دون الكائنات البشرية ، على تخومنا أو على أرضنا .
الفيلسوف الهولندي اليهودي باروخ سبينوزا لم يعثر على الله في التوراة في الليتورجيا اليهودية استنساخ ميكانيكي للإله الذي يرشق من كهفه السابلة بالحجارة !
رئيس الجمهورية يتصرف بمنطق رجل الدولة وبمنطق الجنرال الذي يعرف ما هي إسرائيل وكيف يفكر الإسرائيليون، وهذا ما يعوز اللبنانيون في الوقت الراهن ، لا الرئيس الآتي من ثقافة الصومعة ، أو من ثقافة الغيتو ، أو من ثقافة الزنزانة .
ما نلمسه لدى أولئك الساسة الذين يزرعون حوله الشكوك والأشواك، تلك الأفكار التوراتية، دون أن يدركوا مدى هشاشة الوضع اللبناني على المستويات كافة ،ومدى قابليته للانفجار وحاجته ، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، الى رئيس استثنائي ، يدرك ما الحالة اللبنانية . تالياً قيادة الشراع الذي بمائة سارية الى خارج جهنم . حتى الآن لا نزال في جمهورية جهنم ... ما صدمنا ، كأبناء أرض واحدة ، ومصير واحد ، نوع الأفكار التي طرحها أولئك الساسة أمام مورغان أورتاغوس التي زينت عنقها لا اصبعها ، هذه المرة ، بنجمة داود(هكذا لكي تدوس على جثثنا) . شيء ما يشبه الوعد ببناء الهيكل الثالث بعظام اللبنانيين الذي واجهوا بصدورهم ،وبدم أبائهم ، قبائل ياجوج وماجوج . عدنا الى السيرة الذاتية للسيدة الأميركية . كل مواصفات راقصات المعبد . هنا ... راقصات الهيكل !
قد نكون ضد "حرب الاسناد" ،مع أن ما يحدث في غزة يهز الجبال . لا هولاكو فعل ذلك ، ولا هتلر فعل ذلك . بطبيعة الحال مع حصرية السلاح في يد الدولة . ولكن كيف يمكن الإصرار على نزع سلاح المقاومة بالقوة ، وبضغط الطائرات الإسرائيلية التي تغتال المقاومين ، وهم يحملون أطفالهم ، لا في الخنادق ، ولا في ساحات النار ، وأمام سيل التهديدات الإسرائيلية بإزالة أي أثر للدولة اللبنانية ؟ أهم من كل ذلك . أي لبنان تريد إسرائيل , وأي سوريا , بل أي عالم عربي تريده إسرائيل ؟
ما يحدث في الشرق الأوسط لا نظير له في أي منطقة أخرى من الكوكب . إدارة دونالد ترامب نقلت قاذفاتها النووية من الشرق الأقصى وحيث التنين ينتصب وسط الباسيفيك ، أي على أبواب لوس أنجلس ، وسان فرنسيسكو ، الى الشرق الأوسط . أي موقف كوميدي حين تظهر قاذفات"B ـ 2 " بالحمولة النووية الهائلة على مقربة من الأجواء الإيرانية ؟ لماذا ؟ الأميركيون والإسرائيليون كانوا يشتكون من التمدد الجيوسياسي الإيراني الذي أدت الحرب الأخيرة إضافة الى التغيير الذي حصل في سوريا الى انحساره على نحو كامل .
إضافة الى ذلك . تقرير وكالات الاستخبارات الأميركية قال إن إيران ليست في صدد صنع السلاح النووي . القادة الإيرانيون أكدوا ذلك المرة تلو المرة وهم على دراية بمدى الاختلال في موازين القوى، ثم أنهم أبلغوا وسطاء بمن فيهم فلاديمير بوتين ، بعدم رغبتهم في أي مواجهة مع الأرمادا الأميركية . لا أحد من الرؤساء الأميركيين يتجرأ على الإشارة الى الترسانة النووية الإسرائيلية بعدما اغتال الموساد جون كنيدي في 22 تشرين الثاني 1963 ، لأنه قرر ايفاد بعثة للتفيش على مفاعل ديمونا في النقب عشية "ولادة" القنبلة النووية الإسرائيلية .
لطالما قلنا أن نتنياهو يريد تجريد كل بلدان الشرق الأوسط من السلاح . لبنان والأردن ، بإمكاناتهما المحدودة خارج اللائحة . البداية من سوريا ، ثم إيران ، ومصر إذا ما عدنا الى كلام صحيفة "إسرائيل هيوم" في هذا الصدد وصولاً الى تركيا التي رفض نتنياهو دعوة ترامب له بالتعامل بـ"عقلانية" معها . الأميركيون الذين بلغت صادراتهم من السلاح في العام المنصرم (2024 ) 200 مليار دولار لهم نظرتهم الخاصة في موضوع السلاح في المنطقة .
لا قنبلة نووية ولا بندقية إلا بيد الحاخامات . من يعترض يعاقب بإزالته من الوجود . غزة المثال . أكثر بكثير من أن تكون هيروشيما . أكثر بكثير من أن تكون الجحيم . الآن باستطاعتنا أن نستعيد قول التشيكي بالسوداوية المترامية فرانز كافكا "العالم مقبرة" . هل يمكن أن يباد شعب بتلك الطرق البربرية دون أن ينعقد مجلس الأمن الدولي الذي وجد أساساً للحيلولة دون المجانين وإدارة البشرية ؟
الرئيس جوزف عون أمام مهمة شاقة ومعقدة . كلنا داخل الإعصار (أم داخل المتاهة ؟) . في هذه الحال كيف يكون بناء الدولة وصون الدولة بلغة الغريزة لا بلغة القلب . من عقود قالت الأم تيريزا "العالم بحاجة الى قلب" . هكذا لبنان بحاجة الى قلب لا الى الغربان بالياقات البيضاء ..