واصل معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في نسخته السادسة والستين فعالياته وسط زحمة لافتة من الزوار والطلاب، حيث سجّل اليوم الثاني حضور نحو 1000 طالب من 25 مدرسة ومعهد وجامعة من مختلف المناطق اللبنانية، بالتوازي مع سلسلة ندوات فكرية وثقافية، حفلات توقيع كتب، وأمسية شعرية، ونشاطات ترفيهية للأطفال.
طرابلس في الذاكرة: روّاد النهضة تحت الضوء
شهدت قاعة الندوات ندوة بعنوان "رواد نهضويون من طرابلس" نظمها النادي الثقافي العربي، قدّم خلالها الدكتور مصطفى حلوة والدكتورة جمانة الشهال تدمري شهادات حيّة حول أعلام طرابلس الذين ساهموا في النهضة الثقافية والوطنية. أدار الجلسة الكاتب والناشر سليمان بختي.
شدّدت تدمري على أهمية توثيق تراث المدينة ونقل إرثها إلى الأجيال، معتبرة أن طرابلس ما زالت تُهمّش رغم إرثها الحضاري الغني.
من جهته، قدّم حلوة عرضًا لمسيرته التوثيقية الممتدة منذ عام 2016، والتي توّجها بإصدار "رواد نهضويون من طرابلس"، واصفًا الكتاب بأنه شهادة سادسة لزمنٍ ومدينة ومجتمع، بعد سلسلة مؤلفات تناولت رموز المدينة من مفكرين وأطباء وأدباء.
الذكاء الاصطناعي في التعليم: بين التحديات والرؤية المستقبلية
وفي ندوة بعنوان "الذكاء الاصطناعي والتربية"، بالتعاون بين النادي الثقافي العربي ومكتب اليونسكو في بيروت، ناقش المشاركون تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاع التعليم العربي.
شارك في الندوة النائب سليم الصايغ، رئيسة المركز التربوي د. هيام إسحق، ود. ميسون شهاب من اليونسكو، بحضور شخصيات أكاديمية بارزة.
أجمعت المداخلات على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُستخدم لتعزيز دور المعلم لا استبداله، مع التشديد على ضرورة تشريعات حوكمة شاملة، وسدّ الفجوة التمويلية التي تتجاوز 230 مليار دولار سنويًا عربيًا.
شوقي عبد الأمير و"أحجار تفضح الصمت"
وأحيا الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير أمسية شعرية بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس، قدّم خلالها ديوانه الجديد "أحجار تفضح الصمت".
عبّر عبد الأمير عن حنينه لبيروت، وقرأ قصائد عن غزة، جنوب لبنان، والراحل ميشال. واختتم الأمسية بقصيدة "الصعود إلى طور السنين"، قبل أن يوقّع ديوانه وسط حضور نوعي من محبي الشعر والثقافة.
الإعلام البديل تحت المجهر
في ندوة نظمتها دار الجديد بعنوان "ما وراء الحملة على الإعلام البديل"، تناول الصحافيان حازم الأمين وهنا نصر الدين التحديات التي تواجه المنصات الإعلامية المستقلة، خصوصًا في ظل حملات تشويه ممنهجة، على خلفية تحقيقات استقصائية طالت ملفات مالية حساسة.
وأكد الأمين أن الحملة ضد الإعلام المستقل غير مسبوقة، وتُظهر فزع المنظومة المالية من كشف الحقائق.
"همس الرحيل": صوتٌ شعريّ نسائيّ حرّ
وأطلقت دار الفارابي ندوة حول ديوان "همس الرحيل" للدكتورة غنوة الدقدوقي، أدارها الإعلامي د. يقظان التقي وشارك فيها عدد من الأدباء والنقاد، من بينهم هدى عيد وسالم المعوش.
شهدت الندوة مداخلات عن رمزية الديوان وخصوصيته، كما ألقت الكاتبة عيد قصيدة "أنا بيروت"، وتحدثت الدقدوقي عن تجربتها الشعرية مستعينة ببيت محمود درويش: "وقفت على ناصية الحلم أحارب".
في فكر الإمام الصدر: حتى ينجو الوطن
أما ندوة "حتى ينجو الوطن" التي نظمها مركز الإمام موسى الصدر، فقد جمعت نائب رئيس الحكومة د. طارق متري، المونسينيور عبدو أبو كسم، ود. طلال عتريسي.
انطلقت الندوة بكلمة للسيد صدر الدين الصدر، مؤكدًا أن استعادة تجربة الإمام الصدر ضرورة لفهم الحاضر وبناء المستقبل، خاصة في ظل ما يشهده العالم من احتجاجات تضامنية مع غزة.
وتحدّث أبو كسم عن الإمام كرمز للوحدة الوطنية والمصالحة، بينما اعتبر عتريسي أن الصدر قدم مشروعًا إصلاحيًا مبكرًا لا تزال الحاجة إليه قائمة حتى اليوم.
وقد شهد المعرض نشاطًا ترفيهيًا مخصصًا للأطفال تراوح بين المسرح والتفاعل البيئي، حيث قُدمت مسرحية دمى بعنوان "صديقتي الشجرة" من تأليف روز مطر وأداء الكاتبة المتخصصة بأدب الطفل ماري مطر. وقد جذبت المسرحية، التي عُرضت بتقنية الماريونيت، عشرات الأطفال من الفئات العمرية بين 3 و10 سنوات، وسط تفاعل ملحوظ مع رسائلها البيئية الهادفة.
كما عرضت مطر مسرحيتها الثانية "الديك والقمحة" التي تناولت بأسلوب مبسط مفهوم الغذاء وفوائد الزراعة، ونالت إعجاب الطلاب الحاضرين. وتستمر العروض أيام الجمعة والسبت من هذا الأسبوع والأسبوع المقبل ضمن البرنامج العام للمعرض.
أما على صعيد تواقيع الكتب، فقد شهد المعرض زخمًا كبيرًا بتوقيع أكثر من ثلاثين مؤلفًا ومؤلفة لإصداراتهم الجديدة، في أجنحة دور نشر متعددة. ومن أبرز الأسماء المشاركة: الإعلامية غادة عيد، الشيخ الدكتور أسامة شعبان، الكاتبة فاطمة فنيش، الكاتبة لينا مرهج، والدكتور محمد جعفر. كما وقّع عدد من الشعراء والباحثين أعمالهم الفكرية والأدبية ضمن أجنحة دور بارزة.
وفي إطار البرنامج الثقافي، يُنتظر يوم السبت 17 أيار سلسلة ندوات أبرزها لقاء مع الفنان جورج خباز، وندوات حول الاتحاد العربي، السينما اللبنانية، صراع الهويات، وتفكك الدول، إضافة إلى لقاءات أدبية وحوارية متعددة.