غدير عدنان نصرالدين - خاصّ الأفضل نيوز
…مما لا شكّ فيه أنّ الصناعة اللبنانية تُعدّ حجر الأساس في الاقتصاد الوطني، إذ لا زالت تعكس روح التحدي التي لطالما ميّزت لبنان على مدى العقود. ومع ذلك، لم تكن بمنأى عن الأزمات المتعاقبة التي ألمّت بالبلاد، حيث تأثرت باضطرابات سياسية متلاحقة، وصولاً إلى الحرب الأخيرة، إضافة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في السنوات الماضية، وتأثير جائحة كورونا، وغيرها من العوامل التي زادت من صعوبة المشهد الصناعي المحلي.
فمن المؤسف القول إنّ الصناعة اللبنانية واجهت تحديات كبيرة أعاقت نموها، بدءاً من تراجع الإنتاج وارتفاع تكاليف التشغيل، وصولاً إلى صعوبة النفاذ إلى الأسواق الخارجية بفعل انهيار العملة الوطنية وضعف القدرة التنافسية أمام المنتجات الأجنبية. رغم ذلك، لا يزال الأمل قائماً، حيث يسعى الصناعيون اللبنانيون إلى التكيُّف مع الظروف عبر ابتكار حلول للحفاظ على حيوية القطاع الصناعي الذي يشمل صناعات متنوعة مثل الأغذية، النسيج، والأثاث... وقد تجسّد هذا السعي في "معرض الصناعة والأغذية"، الذي نظمته وزارة الصناعة في الـ “Forum de Beyrouth” من 15 إلى 19 من الشهر الجاري بهدف دعم الصناعة المحلية.
وخلال جولة أجراها "الأفضل نيوز" في المعرض، أكد عدد من الصناعيين أنّ ما يميز المنتجات اللبنانية هو جودتها العالية، مما يخولها منافسة الأسواق العالمية، إلى جانب التزامهم المستمر بتطوير المنتجات المحلية، حتى باتت الصناعة اللبنانية رمزاً بارزاً في الشرق الأوسط.
فإلى أي مدى يمكن أن تسهم جهود وزارة الصناعة ومصلحة الصناعة الإقليمية في تذليل العقبات أمام الصناعيين وتعزيز التنمية الصناعية في لبنان؟
التراخيص الصناعية وتسهيلات وزارة الصناعة: هل تعزز الإنتاج المحلي؟
وفي سياق متصل، أكد رئيس مصلحة الصناعة الإقليمية في النبطية، المهندس حمزة رمال، خلال مقابلة مع "الأفضل نيوز"، أن القطاع الصناعي في لبنان يشمل الإنتاج المحلي إلى جانب الاستيراد والتصدير. وشدد على أن وزارة الصناعة تواصل جهودها لتبسيط الإجراءات أمام الصناعيين الراغبين في تأسيس مصانع جديدة، إذ يتطلب أي مصنع الحصول على ترخيص من الوزارة، التي تعمل على تسهيل هذه العملية. كما أشار إلى حرص الوزارة على تحديد المناطق الأكثر حاجة إلى التنمية، ساعيةً لتقديم الدعم وتيسير الإجراءات وفق الإمكانيات المتاحة.
واستذكر رمال برنامجًا سابقًا وضعته وزارة الصناعة، والذي يهدف إلى تصنيف الأراضي وتخصيص مناطق صناعية لتعزيز هذا القطاع الحيوي.
إضافةً إلى ذلك، أشار رمال إلى أن إنشاء المصانع يخضع لشروط تنظيمية أساسية تُحدد قبل بدء عملية الإنشاء، بما يشمل اختيار الموقع، سواء كان في منطقة صناعية أو ضمن نطاق سكني أو في خِراج البلدة. وبعد اكتمال الإنشاء، تخضع كل صناعة لمعايير صحية تفرضها وزارة الصحة، مثل إجراء جولات رقابية، توفير غرف مخصصة للعمال، وتأمين المنتفعات الصحية داخل المصنع، فضلاً عن شروط بيئية تُعنى بضمان سلامة العمال وحماية البيئة المحيطة ومنع التلوث.
ولفت رمال إلى أن لكل نوع من الصناعات متطلبات خاصة يجب الالتزام بها لضمان تشغيل المصانع وفق المعايير المعتمدة.
اختتم رمال حديثه بالتأكيد على ارتباط مصلحة الصناعة الإقليمية في النبطية بالمديرية العامة للصناعة، حيث يجري تنسيق دائم بين الجهتين على المستويين الفني والإداري وفقاً للتسلسل الإداري، إلى جانب التعاون مع المحافظ في بعض الجوانب اللوجستية. كما دعا المواطنين إلى الالتزام بالمسار القانوني في عمليات الترخيص وتسوية أوضاعهم مع وزارة الصناعة، مشدداً على أن الوزارة تعمل على توجيه الصناعيين ضمن مصانعهم، بما في ذلك تقسيم المعامل واعتماد أساليب توفر الطاقة، وذلك ضمن سياستها القانونية ورعايتها للقطاع الصناعي.
"واقع" دعم الصناعة اللبنانية: قرارات محدودة وتأثير غائب
ومن جهته، بيَّن مصدر من وزارة الصَّناعة لـ "الأفضل نيوز"، أنه ومن المؤسف القول، الإجراءات التي تقوم بها الوزارة لتعزيز ودعم الصناعة المحلية خصوصاً مع وجود منتجات مستوردة خجولة جداً هذه الفترة فلا يوجد دعم فعلي من الوزارة للمنتجات المحلية، ولكن فيما يخص الإجراءات الحالية التي تقوم بها الوزارة شدَّد أنها شيء لا يذكر وهي ضمن إطار الألمينيوم حيث كان من المفترض الحصول على إجازة لاستيراد الألمينيوم من الخارج، لكن الآن قد أُلغيت إجازة الاستيراد واكتفاء المورد بإعطاء المعلومات ومن ثم استيرادها.
وفي الختام، أكد المصدر أن الدعم المقدم لهذه الصناعة يظل محدودًا، حيث تقتصر الإجراءات على تحركات بسيطة تخص المصانع المتضررة جراء الحرب. يتمثل ذلك في قيام صاحب المصنع المتضرر بتقديم ملف يُثبت حجم الأضرار، مصحوبًا بصور توثيقية إلى الوزارة المعنية، إلا أن هذه الإجراءات لم تُترجم بعد إلى خطوات عملية فعلية لتعزيز القطاع الصناعي.
في المحصلة، تبقى الصناعة اللبنانية أمام اختبارٍ صعب، بين غياب الدعم الفعلي والتحديات المتراكمة التي تعيق نموها. ورغم الجهود المبذولة من الصناعيين لاستمرار الإنتاج ومنافسة الأسواق العالمية، فإن الخطوات الحكومية ما زالت دون التأثير المطلوب فهل يحمل المستقبل حلولًا عملية تُعزّز هذا القطاع أم تبقى العراقيل قائمة؟