حمل التطبيق

      اخر الاخبار  شعورٌ قاتلٌ... والعلاجُ الأفضلُ بين أيدينا!   /   مراسل "الأفضل نيوز": درون إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية باتجاه بلدة كفركلا   /   اليابان: المفاوضات جارية مع ‎أميركا ونحاول تجنب فرض رسوم جمركية أعلى   /   ‏بن غفير: أدعو رئيس الوزراء إلى التراجع عن مخطط الاستسلام والعودة إلى خطة الحسم   /   بن غفير: الطريقة الوحيدة للحسم واستعادة الأسرى هي احتلال كامل لقطاع غزة ووقف كامل للمساعدات وتشجيع الهجرة   /   زيلنسكي: مكالمتي الأخيرة مع ‎ترامب كانت الأفضل والأكثر فائدة   /   وفد إعلامي يزور "الغد الأفضل".. ودعوة لتعميم نموذج النائب مراد في الحكومة المقبلة   /   ‏إعلام إسرائيلي: الكابينيت سيناقش عملية للجيش في مناطق تمثل مركز ثقل لحماس   /   الرئيس الفلسطيني يعفي السفير أشرف دبور من مهامه في لبنان   /   ‏هيئة البث الإسرائيلية: الوسطاء متفائلون بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة   /   هيئة البث الإسرائيلية: نتنياهو قال لبن غفير وسموتريتش إن الحرب لن تنتهي بشكل دائم دون نزع السلاح في غزة   /   ‏القناة 12 العبرية: رصد إطلاق صاروخين من خانيونس في قطاع غزة   /   هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل لم ترفض رد ‎حماس بشكل شامل وترى أن هناك ما يمكن العمل عليه   /   إعلام إسرائيلي: الكابينت سيناقش مساء اليوم رد حماس   /   لامي: شاهدت التقدم الملحوظ الذي أحرزه السوريون في إعادة بناء حياتهم وبلدهم   /   المفتي دريان: نهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه   /   المفتي دريان: لا خلاص للبنان إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي التزاما بوثيقة الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية وما زالت تواكب لبنان وشعبه ومؤسساته بعناية مخلصة   /   معلومات الجديد: الرد الرسمي اللبناني على ورقة برّاك تمت صياغته بشكل مدروس كي لا يؤدي إلى تصعيد في المرحلة المقبلة وأتى بالتنسيق مع حزب الله   /   حماس: قدمنا إلى الوسطاء ردنا الذي صيغ بالإجماع وبروح إيجابية بعد المشاورات مع الفصائل   /   حماس: الاتصالات مع الفصائل أسفرت عن توافق وطني موحد داعم لموقف قوى المقاومة الفلسطينية   /   حماس: أجرينا اتصالات مع الفصائل للتنسيق بشأن ردنا على ورقة الإطار لوقف العدوان على غزة وآليات تنفيذه   /   أكسيوس نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: من المتوقع أن يرسل نتنياهو مفاوضين إلى الدوحة لإجراء محادثات غير مباشرة مع حماس   /   عون: الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض ضرورة بقاء "اليونيفيل" من أجل تطبيق القرار 1701   /   الرئيس عون: استمرار الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب يصعب على الدولة بسط سلطتها الكاملة وحصر السلاح بيدها   /   قائد شرطة ولاية تكساس: ارتفاع عدد قتلى الفيضانات إلى 27 واستمرار جهود البحث   /   

إلغاء مهمة اليونيفيل: نحو جنوبٍ بلا مظلة دولية !

تلقى أبرز الأخبار عبر :


إلياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز

 

في تصريح لافت صدر عبر الإعلام الإسرائيلي، جرى الكشف عن توافق أميركي إسرائيلي على إنهاء مهمة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل). هذا الإعلان، وإن بدا أوليًا وكأنه مجرّد موقف إعلامي أو تسريب اعتيادي، إلا أنه يعكس تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا في النظرة الدولية إلى الواقع الأمني والسياسي في جنوب لبنان، ويطرح جملة من التساؤلات حول التوقيت والأهداف والنتائج المحتملة لمثل هذا القرار، في لحظة إقليمية مشحونة بالمواجهات المفتوحة والسيناريوهات المتأرجحة بين الحرب والتسوية.

 

لطالما شكّلت اليونيفيل منذ عام 1978، وبخاصة بعد تعديل تفويضها في أعقاب حرب تموز 2006 بموجب القرار 1701، صمّام أمان نسبيًّا في الجنوب اللبناني، ليس بفعل قدرتها الفعلية على منع الأعمال العدائية، بل بفعل رمزيتها الدولية التي تمثل حضورًا أمميًا يضبط إيقاع التوتر، ويُدخل العامل الدبلوماسي في حسابات أي تصعيد. غير أن إسرائيل، ومنذ سنوات، عبّرت مرارًا عن امتعاضها من أداء اليونيفيل، متهمة إياها بالعجز عن كبح نشاط حزب الله، وبغض الطرف عن أنشطته الاستخباراتية والعسكرية في القرى الجنوبية، أو حتى عن رصد الأنفاق التي تقول تل أبيب إن الحزب يحفرها باتجاه الداخل الإسرائيلي. من جهة واشنطن، فإن مقاربتها لمسألة قوات حفظ السلام باتت تميل إلى تقليص الأعباء المالية والعملياتية للمنظمات الدولية التي لا تخدم بشكل مباشر أهداف الأمن القومي الأميركي أو أجندة حلفائها.

 

الموافقة الأميركية على إنهاء مهمة اليونيفيل تعكس بالتالي تقاطعًا بين الرؤية الإسرائيلية التي ترى في البعثة الأممية عائقًا شكليًا لا قيمة له، وبين نزعة أميركية متزايدة لتقليص الانخراط الأممي في ساحات النزاع، ما لم يكن هذا الانخراط أداة مباشرة للضغط السياسي أو العسكري. لكن هذا التوافق لا يمكن قراءته فقط من زاوية الكلفة والفعالية، بل يجب أن يُفهم في سياق أوسع، يتعلّق بتبدّل قواعد الاشتباك جنوب لبنان، ومحاولة إسرائيل الدفع نحو إعادة رسم البيئة الميدانية والسياسية استعدادًا لمواجهة محتملة مع حزب الله، في ظل استمرار التوتر على طول الخط الأزرق، منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.

 

إنهاء وجود اليونيفيل، أو حتى تقليص حجمها وتعديل تفويضها، يعني فعليًا نزع الغطاء الدولي عن الجنوب اللبناني، وترك الدولة اللبنانية أمام معادلة صعبة: إمّا القبول بتحول حزب الله إلى القوة الوحيدة المتحكّمة بالحدود، أو الانخراط في صدام داخلي مكشوف لن تملك مؤسساته الدستورية أو الأمنية القدرة على تحمّل تبعاته. وهذا الوضع قد يُوظّف من قبل إسرائيل على أنه دليل إضافي على أن لبنان صار “رهينة إيرانية” بالكامل، ما يبرر – من منظورها – أي عملية عسكرية واسعة النطاق في الجنوب، تحت شعار “الحق في الدفاع عن النفس”، وبلا أي قيد أممي.

 

لا يمكن فصل هذا التطور عن السياق الجيوسياسي الأوسع. إذ إن الضربات المتتالية التي تتلقاها المنظمات الدولية العاملة في الشرق الأوسط، من الأونروا في فلسطين، إلى بعثات المراقبة في العراق وسوريا ولبنان، تعكس مقاربة أميركية – إسرائيلية جديدة تقوم على تقويض شرعية الأجسام الأممية التي لا تتماهى بالكامل مع السياسات الغربية. فاليونيفيل، رغم أنها لا تعارض فعليًا المصالح الأميركية، إلا أنها تمثل بالنسبة إلى إسرائيل عنصر إزعاج دبلوماسي، يحول دون شن هجمات ميدانية “نظيفة” من الناحية القانونية.

 

ثمّة بُعد فرنسي لا يمكن تجاهله هنا. ففرنسا كانت ولا تزال من أبرز المساهمين في قوات اليونيفيل، وترى في الجنوب اللبناني ساحة نفوذ تقليدي لها، تحاول عبره الحفاظ على دورها في المشرق، وإلغاء المهمة الأممية سيُضعف الحضور الفرنسي في لبنان، ويقوّض قدرة باريس على لعب دور الوسيط أو الضامن، في أي تسوية مستقبلية بين لبنان وإسرائيل، أو حتى في الملف الرئاسي اللبناني. وبالتالي، فإن هذا التوجه الأميركي – الإسرائيلي يحمل في طياته أيضًا رسالة أوروبية واضحة: إما أن تتماشوا مع مقاربتنا الأمنية، أو تُستبعدوا من الحسابات بالكامل.

 

من منظور حزب الله، فإن غياب اليونيفيل قد يُفسَّر على أنه مؤشر إلى قرب اندلاع مواجهة كبرى، ما يدفعه إلى رفع درجة الجهوزية والتمركز الاستباقي، وربما إلى تعزيز انتشاره في عمق الجنوب، بعيدًا عن أعين الرقابة الدولية، في ما يشبه الاستعداد النفسي والعسكري لـ “اليوم الكبير”. أما من منظور الدولة اللبنانية، فإن هذا القرار يُشكّل إنذارًا مبكرًا بانكشاف الساحة أمام الضغوط، ويفرض على مؤسساتها، ولا سيما الجيش ووزارة الخارجية، التحرك العاجل لحشد دعم دبلوماسي دولي يبقي على الحد الأدنى من الضمانات.

 

في الخلاصة، لا يمكن التعامل مع خبر إنهاء مهمة اليونيفيل بوصفه مجرّد تعديل في مهمة مراقبة، بل يجب فهمه كجزء من إعادة رسم المشهد الإقليمي برمّته، وكمؤشر إضافي إلى أن الجنوب اللبناني دخل مرحلة جديدة، لا مكان فيها للحياد الرمزي أو للضمانات الأممية. إننا أمام لحظة فارقة، تتطلب قراءة دقيقة ومتأنية، لأن أي خطأ في الحسابات قد يكلّف لبنان والمنطقة مواجهة واسعة النطاق، لن تقتصر تداعياتها على الخط الأزرق فقط، بل ستتردد أصداؤها في كل الاتجاهات.