حمل التطبيق

      اخر الاخبار  مسيّرة إسرائيلية معادية تحلق على علو منخفض في أجواء الضاحية الجنوبية   /   وصول الموفد الاميركي توم براك والوفد المرافق الى قصر بعبدا للقاء الرئيس عون   /   حركة المرور كثيفة على اوتوستراد خلدة باتجاه انفاق المطار   /   حركة المرور كثيفة على اوتوستراد ‎خلدة باتجاه أنفاق ‎المطار   /   وكالة الأنباء السورية: الرئيس أحمد الشرع يتوجه في زيارة رسمية إلى دولة الإمارت   /   معلومات ‎الجديد: الرد اللبناني بصيغته التي سُربت بالأمس كان قد أُرسل الى توم بارّاك الذي طلب بعض التعديلات عليه ما دفع اللجنة الرئاسية الى العمل على تعديل بعض البنود   /   ‏القناة 14 الإسرائيلية: نتنياهو سيبدأ سلسلة اجتماعات مع ترامب وروبيو وكبار أعضاء الكونغرس   /   وصول المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت   /   الخارجية الصينية: لا فائزين في الحروب التجارية ومعارك التعريفات الجمركية ونعارض استخدامها كأداة للإكراه والضغط   /   ‏المنظمة الدولية للهجرة: 450 ألف أفغاني غادروا إيران منذ مطلع حزيران الماضي   /   درون إسرائيلية مُعادية تلقي قنبلة صوتية باتجاه بلدة الناقورة   /   ‏الجيش الإسرائيلي للحكومة: إعادة الرهائن والقضاء على حماس معا مستحيل   /   مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: معدلات سوء التغذية الحاد تضاعفت بين الأطفال وحليب الرضع يوشك على النفاد   /   ‏الجيش الإسرائيلي: اعتقال خلية تابعة لفيلق القدس الإيراني بعملية خاصة بتل قدسنا جنوب سوريا   /   إذاعة الجيش الإسرائيلي: الجيش أبلغ القيادة السياسية أن من غير الممكن حاليا تحقيق هدفي الحرب معا   /   ‏تحليق مكثّف لمسيّرات معادية في أجواء قرى قضاء بنت جبيل   /   إيلون ماسك: دعم حزبي الجديد مرشحاً للرئاسة ليس مستبعداً ولكن سنركّز خلال السنة المقبلة على مجلسي النواب والشيوخ   /   ‏إعلام أوكراني: دوي انفجارات في أوديسا   /   إعلام سوري: قوة إسرائيلية توغلت في ريف القنيطرة واعتقلت شخصين   /   ‏إعلام روسي: بوتين يقيل وزير النقل   /   مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال   /   وول ستريت جورنال عن مصدر مطلع: رئيس الأركان الإسرائيلي قال للحكومة إنه يفضل صفقة لإطلاق سراح الرهائن   /   ‏وزارة الصحة: عشرة جرحى بينهم طفلة في غارتين شنهما العدو أمس على بلدات جنوبية   /   هيئة ‏البث الإسرائيلية: ترامب أبدى استعدادا لضمان عدم عودة الحرب في غزة بعد هدنة الـ 60 يوما   /   ‏مكتب نتنياهو: رد حماس كان أقل من المأمول لكن المحادثات مستمرة   /   

"أصحاب ولا أعزّ"... حين يُغيّر "الهاتف" علاقتنا بذواتنا وبالغير

تلقى أبرز الأخبار عبر :


المصدر: بيروت- النهار العربي

"لكل كاتب ثلاث حيوات: حياة عامة وأخرى خاصة وثالثة سرية"... ما قاله غابرييل غارثيا ماركيز عن حياة الكتّاب، بات ينطبق اليوم على حياة أيّ شخص منا. صورة عامّة للمجتمع، أخرى خاصة للعائلة، وثالثة سريّة، مطمورة في هواتفنا النقّالة، ولا يعرفها سوانا.

هذه المسارات الثلاثة قد تشكّل مدخلاً أساسيًا للحديث عن فيلم "أصحاب ولا أعز" (انتاج نتفليكس، إخراج وسام سميرة). وإذا توقفنا عند الحبكة، نجد أنّ أحداث الفيلم تُختصر بسؤال واحد: "ماذا لو وضعنا هواتفنا النقّالة على الطاولة وقرأنا الرسائل الواردة بصوت عالٍ؟".

 

هذا السؤال تطرحه مي (نادين لبكي) على أصدقائها المدعوين الى العشاء في بيتها. هكذا، ينساق الأصدقاء السبعة في لعبة تقودهم الى كشف تفاصيل حياتهم المخجلة. ينقسم الأصدقاء على ثلاث ثنائيات، مي ووليد (نادين لبكي وجورج خباز)، مريم وشريف (منى زكي وإياد نصار)، جنى وزياد (ديامان بو عبود وعادل كرم)، إضافة الى صديقهم السابع ربيع (فؤاد يمّين).

لكلّ منهم مكانته العامّة وصورته الاجتماعية "البرّاقة". اجتمعوا معًا، ليلة خسوف القمر، في بيت مي ووليد، وهما أبوان لفتاة مراهقة تريد أن تعيش حياة جنسية كاملة مع حبيبها.

 

حول مائدة العشاء، نتعرف الى حياتهم الخاصة، كأصدقاء قدامى، يتبادلون النكات والطرائف والكلمات النابية. ثمّ تُفتضح أسرارهم الخفيّة على شاشاتهم الهشة.

إنّه اجتماع محصور حول المائدة، في مشهد يُذكّرنا بلوحة دافنتشي "العشاء الأخير"، التي تحمل معاني خيانة يهوذا للمسيح في عشائه الأخير. وفي ما يلي، سنتوقّف عند "الخيانة" كثيمة أساسية في هذا العمل.

 

يصوّر "أصحاب ولاّ أعزّ" الهاتف على أنّه عالم قائم بذاته، ندخله بلا أقنعة للتعبير عن فانتسماتٍ ورغباتٍ وعقدٍ نعيشها ولا نقولها. لذا، يتجاوز الهاتف مفهومنا الضيّق عنه. فلا يعود مجرّد وسيلة اتصال، وإنما مكمن الأسرار وحارسها. بل كأنّه المعادل المادّي لمفهوم "العقل الباطن"، باعتباره نقطة التخزين بالمفهوم الفرويدي.

 

 Ù…Ù† أجل فهم أوسع للفيلم وفضائه العام، نسترجع تحليلات ميخائيل باختين للكرونوتوب، بمعنى ترابط الحيّز الزماني والحيّز المكاني، علمًا أنّ المكان والزمان يُشكلّان العمود الفقري لهذا العمل.

يحصل اللقاء في بيت الزوجين مي ووليد، تزامنًا مع ظاهرة فلكية مُنتظرة: "الخسوف". ووفق قراءة زمكانية للفيلم، نجد أنّ الأحداث تدور في لحظة تحوّل فلكي "استثنائي". وفي هذه الليلة بالذات، تواجه حياتهم تحوّلاً دراميًا "استثنائيًا".

 

الداخل والخارج

يعتمد الفيلم على مقابلة الداخل والخارج. الأحداث كلّها تحصل داخل البيت، بين جدرانٍ مقفلة. الأصدقاء مجتمعون حول طاولة الطعام. كلّ واحد منهم ملتصق بالكرسيّ الخاص به. ومن المكان المحدود، ينتقلون بين حينٍ وآخر الى الخارج اللامحدود. يراقبون القمر في لحظة خسوفٍ كلّي.

وليس عبثًا أنّ عدد الأصدقاء سبعة، وهو من الأعداد التي تحمل في علم الأرقام رموزًا سريّة ترتبط بتقسيم الفلك وفي قضايا التنجيم والتبصير.

 

في الداخل يراقبون الهاتف. في الخارج يراقبون القمر. الخسوف حاضر في الفضاءين. ÙˆØ§Ù„انفتاح على أحدهما يعني متابعة "حدث" لا يتكرّر يوميًا. ومثلما يفقد Ø§Ù„قمر نوره حين تقف الأرض بينه وبين الشمس، يفقد الأشخاص "نورهم" حينما يقف الهاتف بينهم وبين أحبّائهم. أمّا الأشخاص المشاركون في "خراب" استقرارهم فهم غير موجودين. يُذكرون بأسماء وهمية ومستعارة، كأنهم أشباح تتلاعب بالأقدار من خلف ستار عازل.

 

خيانات متبادلة

 Ø±ØºÙ… محدودية المكان والزمان والأحداث، تصحّ في العمل تأويلات كثيرة، أهمّها مسألة "الشعور الاجتماعي"ØŒ التي منحها عالم النفس النمساوي ألفرد ادلر معنى الانفتاح على الذات والغير. قلّة الانفتاح على الحقيقة ترسّخ الشعور بالنقص، ومن هنا يبدأ البحث عن التعويض. أمّا التعويض عند أبطال الفيلم فمسلكه واحد: "الجسد".

 

مي (نادين لبكي) تخون زوجها مع صديقه مازن (عادل كرم)، مريم (منى زكي) تخلع جزءًا من ملابسها الداخلية لتقوم بمحادثة جنسية افتراضية. شريف (اياد نصّار) يتلصّص على أجساد النساء العاريات عبر الهاتف، مازن (عادل كرم) يخون صديقه وزوجته وعشيقته، ربيع (فؤاد يمّين) مثليّ، إنما في الخفاء.

الخيانة إذًا هي سبيلهم الأوحد للتعويض عن صراعاتهم المتكتمة، وعن نقصهم في الكلام وفي المصارحة وفي التعبير عن ذواتهم. وقد استخدم المخرج لقطات مكبرة close up Ù„لتركيز على ملامح كلّ واحد منهم، ولعلّ هذه التقنية هي الأنسب لكشف المشاعر المكنونة داخل الشخصيات. وهي ساعدت مثلاً في استخراج العمق الدرامي في أداء جورج خباز، رغم هدوئه وقلّة كلامه.

 

"أصحاب ولا أعزّ" هو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي Ø§Ù„معروف بعنوان The perfect strangersØŒ الذي صدر الى الآن في 19 لغة. ÙˆÙ…نذ لحظة عرضه على المنصة العالمية، انقسم المشاهدون بين مُعجب ومُستنكر. هذا الفيلم يشبهنا؟ أم لا يشبهنا؟

 

لا شكّ أنّ الفيلم "عالميّ" من حيث موضوعه. يطرح قضية الهواتف الذكية وتأثيرها على حياتنا. وهذه المسألة لا تتعلّق بمجتمع أو ثقافة. علاقة الانسان بهاتفه واحدة، سواء لمن يعيش في أميركا أو في لبنان. الحياة السريّة المخفية في شاشته هي أيضًا مشتركة، في فرنسا وفي مصر. وهذا ما منح الفيلم قابلية التحويل الى ثقافات متعددة ومتباعدة.

 

لكنّ الفيلم أخفق في ترجمة هذه الفكرة بروح عربية. فالتجربة موفقة من حيث جماليتها البصرية، لكنّها لم تنقل جوهر الثقافة العربية، بخصوصيتها الجغرافية والفكرية والعقائدية. فالعمل بدا "مُصنّعًا" على طريقة وجبات الفرانشايز الأميركية. مذاق لذيذ، سريع، سهل وإنما بلا بصمة. وغياب هذه الخصوصية يبدأ من "ديكور" البيت، وصولاً الى طريقة الأهل في تربية أبنائهم.

 

ويبدو أنّ انتاجات "نتفليكس" العربية لن تلتزم كثيرًا بطبيعة الثقافة العربية، وإنما هي من ستُصدّر ثقافتها، سواء أحببت أم لا. فالأفلام "النتفليكسية" لا تبحث عن جمهور. Ø§Ù„متابعون جاهزون أصلاً، والمُشاهِد بات "رقمًا"ØŒ وليس عينًا. وهذا يؤسس حتماً نسَقًا جديدًا في العلاقة بين "السينما" وجمهورها.