حمل التطبيق

      اخر الاخبار  محلّقة إسرائيلية ألقت قنبلةً صوتية في بلدة عيتا الشعب   /   وزير الخارجية الأميركي: إلغاء تصنيف هيئة تحرير الشام في سوريا كمنظمة إرهابية أجنبية يدخل حيز التنفيذ الثلاثاء   /   حركة المرور كثيفة من ‎انطلياس حتى ‎نهر الموت بسبب تعطل شاحنة في المحلة والعمل جار على المعالجة   /   وزارة الصحة: شهيد في غارة بمسيرة إسرائيلية على بلدة بيت ليف جنوبي البلاد   /   البيت الأبيض: ويتكوف سيتوجه إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة   /   البيت الأبيض: ترامب يعتبر إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى   /   مستشفيات غزة: 42 شهيدا في غارات "إسرائيلية" على القطاع منذ فجر اليوم بينهم 22 في مدينة غزة وشمال القطاع   /   البيت الأبيض: ستجري مناقشة اتفاق وقف إطلاق النار المقترح بين إسرائيل وحماس مع نتنياهو   /   الرئيس البرازيلي: لن يطلب أحد من إيران تغيير موقفها تجاه إسرائيل ونؤمن بحل الدولتين   /   الحدث: رصد إطلاق صاروخ حوثي تجاه إسرائيل   /   القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر: نتنياهو سيبلغ ترامب أن إسرائيل لن تتنازل عن مطلب نزع سلاح حماس ونفي قياداتها   /   مصادر رئاسية للجديد: الجواب اللبناني ليس مقفلا على قاعدة "take it or leave it" بل إن كل الامور مطروحة للنقاش والاخذ والرد والاهم الوصول الى الحل فلبنان اليوم امام فرصة حقيقة يجب عدم تفويتها   /   معلومات الجديد: الزيارة فتحت نافذة ولو ضئيلة فيما يسود التكتم المقار الرئاسية الثلاثة على مضمون التعديلات التي حصلت بانتظار عودة توم باراك بعد اسبوعين على ان يتم خلال هذه الفترة استمرار النقاش مع الجانب الاميركي   /   مصادر مطلعة للجديد: باراك كان هادئا وديبلوماسيا ومستعدا للحوار والنقاش حول كل النقاط وهو سيبقى في لبنان لاستمزاج اراء القوى السياسية   /   زوار الرئيس نبيه بري لـ"الجديد": أجواء اللقاء مع توماس باراك كانت ممتازة اليوم ومتفائلون بالوصول الى اتفاق   /   وزير الخارجية السعودي: على المجتمع الدولي ضمان وصول المساعدات لغزة وحماية المدنيين   /   مصادر "الثنائي" لـmtv: الردّ الرسمي لحزب الله عبّر عنه الشيخ نعيم قاسم في كلامه الأخير بمناسبة عاشوراء أي أن "الحزب" يرفض تسليم سلاحه   /   اعلام سوري: دوي انفجار عنيف خلف مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وسط العاصمة دمشق   /   معلومات mtv: الرئيس عون قال لبرّاك إن مسألة نزع سلاح حزب الله ستُبحث بتفاصيلها في مجلس الوزراء المخوّل اتخاذ القرار   /   مصادر مقرّبة من الحكومة لـ "الجديد": أمام لبنان فرصة حقيقية لا ينبغي إضاعتها وبري جزء أساسي في النقاش   /   غارة إسرائيلية على بيت ليف   /   مصادر فلسطينية لـ"رويترز": العقبة الرئيسية بالمفاوضات هي رفض إسرائيل السماح بممر آمن للمساعدات إلى غزة   /   الحدث نقلا عمن مصادر: الرؤساء الـ3 أبلغوا برّاك استعداد لبنان الكامل للتعاون مع القيادة السورية   /   مصادر الحدث: برّاك سيعود إلى لبنان قريبا   /   الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سنفرض على ‎اليابان و ‎كوريا الجنوبية رسومًا جمركية بنسبة 25%   /   

في رحيل سيد القمني: قراءة نقدية

تلقى أبرز الأخبار عبر :


أنس الأسعد

عُرِفَ عن القمني مواجهته الدّائبة للجماعات الإسلامية. لكنّها مواجهة لم تراعِ في الخصومة قياساً مُختلفاً بقدر ما تمثّلتْ أخلاق وادّعاءات ما تنقده؛ بذا نحتَ القمني هيكلاً علمانيّاً في نقد التّراث وتقديم قراءة مختلفة لنصوصه بعيداً عن السّائد، بخاصّة في مواجهته المريرة لا مع الأصوات السّلفية فحسب، بل مع مؤسسة «Ø§Ù„أزهر» مباشرةً. بيد أنّ المؤدّى النّهائي لمنهج القمني لم يكن سوى نسخة متطرّفة تتوخّى التّهكم والفكاهة على التّاريخ، وتُحمِّل المجتمعات «Ø§Ù„مُتخلّفة» عبءَ ما ترزح تحت وطأتِهِ، وتمالئ خطابات القوّة سواء كانت في الدّاخل بالضّد من خصوم سياسيّين، أو في الخارج بالضدّ من الذّات الحضارية، والتّخلُّق بانحياز للإمبراطوريّة.

النّصوص في عالم القمني هي من تحكم، وتتغلغل في حياة البشر المحكومين بها، والمرافعة عنده تنصبّ على الدّعوة إلى فكّ ارتباط هذه المحكوميّة والانتقال بالمجتمع إلى وضعية تنويريّة. ولكنّ هذه الدعوة الثقافوية سرعان ما تُشيحُ النّظر عن الأحوال الاقتصادية لطبقات المجتمع، طالما أنّ القسمة بين «Ù…تديّن» Ùˆ«ØªÙ†ÙˆÙŠØ±ÙŠ» مريحة أكثر. أمّا التّمعن في بُنية الخطابات السياسيّة من باب الظّروف التاريخيّة التي تخلقُ النّصوص وتطوّعُها، فهذا مجلبة لتداعي الهيكل. هذه الفكرة ليست مفوّتة عند الراحل القمني عن عبث، بل هي نتيجة تحوّلات كونيّة لشريحة من المثقفين العرب تأثّروا في بداياتِهم بما للماركسية من ضوابط في هذا السياق، وحاولوا جاهدين مع التّراث بالانتساب له، فعرّفوا عن أنفسهم كمعتزلة جُدُد أو متصوّفة أو غير ذلك من فِرق إسلاميّة، قبل أن تتكثّفَ باشتغالاتهم وتصريحاتِهم في مراحل لاحقة بعد انهيار منظومة القطبين في مطالع التسعينيات، كلُّ إشكاليّات التيار العلماني التنويري على امتداد العالم العربي، فتقزّمت الأيديولوجيا وقزّمت معها حتّى «Ø§Ù„إلحاد» الذي هو أحد أهم شروط التّقدم بلا شكّ.

جاءت انطلاقة القمني أكاديميّة حيثُ حازَ على بكالوريوس في الفلسفة من عين شمس، في حين شكّلت نكسة 1967 رضّة في وعيه جعلتهُ يُفتّش في التراث عن إجابات، وهذا ما يؤكّدُ احتكامَه لعالم النّصوص، النّصوص التي ينقدها! وفي رحلته تلك اكتشفَ ما قاده صوبَ أن يجأرَ بصرخة أعلى، فلم يكتفِ بما وقع عليه من سحر الإجابة لنفسه؛ عليه صار مولعاً بالكتابة عن مرحلة بواكير الإسلام بوصفها نُقطةَ مُراكَمةٍ لكلّ مُخلّفات الهزائم التالية، وفي هذا أيضاً نزوعٌ ميتافيزيقي يشتطّ عن أدوات التّاريخ العلميّة، ولا تختلف كبير اختلاف عن الماهيّات الاستشراقية في النّظر إلى المُدوّنات العربية والإسلامية وتحليلِها. أمّا مشوارُه في الدراسات العليا فلم يخلُ من مشاكل هو الآخر، حيثُ تحصّلَ على الماستر من الجامعة اليسوعيّة في بيروت، لتبقى رسالة الدكتوراه مثار جدلٍ بين مؤيديه وخصومه الذين شكّكوا بحيازته لها من جامعة جنوب كاليفورنيا.

هذه الدعوة الثقافوية سرعان ما تُشيحُ النّظر عن الأحوال الاقتصادية لطبقات المجتمع، طالما أنّ القسمة بين «Ù…تديّن» Ùˆ«ØªÙ†ÙˆÙŠØ±ÙŠ» مريحة أكثر

 

توسّعت اشتغالات القمني في عقد التسعينيّات، وفيه طرحَ أجرأ كتبه وأكثرها صداماً مثل «Ø­Ø±ÙˆØ¨ دولة الرّسول» الذي قرأ فيه أشهر الغزوات في التاريخ الإسلامي، بدر وأُحد، ثمّ كتابه الأبرز «Ø§Ù„حزب الهاشمي وتأسيس الدّولة الإسلامية» وفيه يوضّح التّشكل التاريخي لدولة الإسلام بعيداً من المنظور الغيبي، إنّما في الحواضن السّياسيّة التي اعتملت في جسد تلك الدّولة، وما تخلل ذلك من انقسامات وحروب أهليّة قَبليّة، فقدَ فيها الدّينُ سطوته المُحرّكة لصالح الغنيمة والظَّفَر.

وعكس الانطلاقة الستينيّة التي انبنَت على ثنائية الحُلم الناصري فالهزيمة والرّضة، كانت التسعينيّات فترة المواجهة مع المارد الإسلامي الذي اكتسحَ المُدن العربية بما عُرِفَ بالصّحوة، التي سخرَ منها القمني بعنوانِه اللاذع: «ØµØ­ÙˆØªÙ†Ø§ لا بارك الله بها» فمن اغتيال فرج فودة، إلى محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّضَ لها نجيب محفوظ، وصولاً إلى دعاوى التّفريق التي نالت من زواج المفكّر نصر حامد أبو زيد من زوجته ابتهال يونس بحجّة ارتداده عن الإسلام، كلّ تلك العوامل خلقت نزعة صِداميّة تبنّاها القمني في مواجهة «Ù‡ÙÙˆÙŠÙ‘اتية» لم يبقَ فيها للنقد الماركسي أيّ ملمح. مواجهة لم تقتصر مفاعيلها على الفضاء العربي الإسلامي، بل تغذّت وانتعشت مع صعود الراديكالية النيوليبرالية على مستوى مُعولَم.

العقد التالي، الألفينيات، لم يكن أهدأ هو الآخر. فمع مفتتحه وقعت أحداث 11 أيلول، وبدأت حروب الرّجل الأبيض تفتك بالكوكب والدّول الطّرفيّة، وانقلبت تنظيمات «Ù…قاتلي الحرّية» على داعميها، واجتاحَ العالم خطاب «Ø§Ù„حرب على الإرهاب». في هذه المرحلة تنامت حدّة الخطاب العلماني التنويري وباتَ صوتُ القمني يصلُ إلى أركان قصيّة، فنالَهُ ما نالَ الكثيرين من تهديدات بالاغتيال من قبل تنظيمات قاعدية الهوى، وانهال عليه التكفير، ما دفعه لإعلان اعتزال الكتابة في مقال له نُشِر في «Ø±ÙˆØ² اليوسف»ØŒ قبلَ أن يعودَ عن قراره ذلك ويستمرّ في رحلة المواجهة.

في العقد الأخير، بدا أنّ عالم الثنائيات اللامرئية (ولو أنّها بالنسبة له شديدة الصلابة) التي أُغرمَ بها القمني راحَ يتزعزع. الإسلاميون صعدوا وهبطوا وتشظّوا، وتبيّنَ أنّ قوى أُخرى تمتلك صوتاً مختلفاً في وعي حركة التّاريخ والمواجهة، ومنظومات الحُكم بدورها تآكلتْ ولم يعد ظهورها بدور النّاظم التنويري أمراً مُقنعاً لقطاعات واسعة من الشعوب. وبالمقابل الإمبراطورية فعّلت أدوات جديدة في بثّ الهيمنة وتشتيت الانتباه مع بداية عقد الانتفاضات والحروب الأهلية، ولم تقف مُطوّلاً عند الصّلابة الكاريزمية للمثقف المُتمرد وآثرت عليه مجاميع «Ø§Ù„نّاشطين» الأكثر سيولة والأخف حركة. لتأتي آخر مواجهات القمني مع المؤسسة الدينية بُعيد اجتماع لمنظّمة «Ø¢Ø¯Ù‡ÙˆÙƒ» في بروكسل - بلجيكا دُعيَ إليه وأثار كلامُه المُنبتّ زوبعةً كالعادة، بيد أنّها زوبعة في وقتٍ ضائع.

المصدر: الاخبار