أنس الأسعد
Ø¹ÙØ±ÙÙÙŽ عن القمني مواجهته الدّائبة للجماعات الإسلامية. لكنّها مواجهة لم تراع٠ÙÙŠ الخصومة قياساً Ù…ÙØ®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ بقدر ما تمثّلتْ أخلاق وادّعاءات ما تنقده؛ بذا Ù†ØØªÙŽ Ø§Ù„Ù‚Ù…Ù†ÙŠ هيكلاً علمانيّاً ÙÙŠ نقد التّراث وتقديم قراءة Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ© لنصوصه بعيداً عن السّائد، بخاصّة ÙÙŠ مواجهته المريرة لا مع الأصوات السّلÙية ÙØØ³Ø¨ØŒ بل مع مؤسسة «Ø§Ù„أزهر» مباشرةً. بيد أنّ المؤدّى النّهائي لمنهج القمني لم يكن سوى نسخة Ù…ØªØ·Ø±Ù‘ÙØ© تتوخّى التّهكم والÙكاهة على التّاريخ، ÙˆØªÙØÙ…Ù‘ÙÙ„ المجتمعات «Ø§Ù„Ù…ÙØªØ®Ù„Ù‘ÙØ©» عبءَ ما ØªØ±Ø²Ø ØªØØª وطأتÙÙ‡ÙØŒ وتمالئ خطابات القوّة سواء كانت ÙÙŠ الدّاخل بالضّد من خصوم سياسيّين، أو ÙÙŠ الخارج بالضدّ من الذّات Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ©ØŒ والتّخلّÙÙ‚ بانØÙŠØ§Ø² للإمبراطوريّة.
النّصوص ÙÙŠ عالم القمني هي من تØÙƒÙ…ØŒ وتتغلغل ÙÙŠ ØÙŠØ§Ø© البشر المØÙƒÙˆÙ…ين بها، ÙˆØ§Ù„Ù…Ø±Ø§ÙØ¹Ø© عنده تنصبّ على الدّعوة إلى Ùكّ ارتباط هذه المØÙƒÙˆÙ…يّة والانتقال بالمجتمع إلى وضعية تنويريّة. ولكنّ هذه الدعوة الثقاÙوية سرعان ما ØªÙØ´ÙŠØÙ Ø§Ù„Ù†Ù‘Ø¸Ø± عن الأØÙˆØ§Ù„ الاقتصادية لطبقات المجتمع، طالما أنّ القسمة بين «Ù…تديّن» Ùˆ«ØªÙ†ÙˆÙŠØ±ÙŠ» Ù…Ø±ÙŠØØ© أكثر. أمّا التّمعن ÙÙŠ بÙنية الخطابات السياسيّة من باب الظّرو٠التاريخيّة التي تخلق٠النّصوص وتطوّعÙها، Ùهذا مجلبة لتداعي الهيكل. هذه الÙكرة ليست Ù…Ùوّتة عند الراØÙ„ القمني عن عبث، بل هي نتيجة تØÙˆÙ‘لات كونيّة Ù„Ø´Ø±ÙŠØØ© من المثقÙين العرب تأثّروا ÙÙŠ بداياتÙهم بما للماركسية من ضوابط ÙÙŠ هذا السياق، ÙˆØØ§ÙˆÙ„وا جاهدين مع التّراث بالانتساب له، ÙØ¹Ø±Ù‘Ùوا عن Ø£Ù†ÙØ³Ù‡Ù… كمعتزلة Ø¬ÙØ¯Ùد أو Ù…ØªØµÙˆÙ‘ÙØ© أو غير ذلك من ÙÙØ±Ù‚ إسلاميّة، قبل أن تتكثّÙÙŽ باشتغالاتهم ÙˆØªØµØ±ÙŠØØ§ØªÙهم ÙÙŠ مراØÙ„ لاØÙ‚Ø© بعد انهيار منظومة القطبين ÙÙŠ مطالع التسعينيات، كلّ٠إشكاليّات التيار العلماني التنويري على امتداد العالم العربي، ÙØªÙ‚زّمت الأيديولوجيا وقزّمت معها ØØªÙ‘Ù‰ «Ø§Ù„Ø¥Ù„ØØ§Ø¯» الذي هو Ø£ØØ¯ أهم شروط التّقدم بلا شكّ.
جاءت انطلاقة القمني أكاديميّة ØÙŠØ«Ù ØØ§Ø²ÙŽ Ø¹Ù„Ù‰ بكالوريوس ÙÙŠ الÙÙ„Ø³ÙØ© من عين شمس، ÙÙŠ ØÙŠÙ† شكّلت نكسة 1967 رضّة ÙÙŠ وعيه جعلته٠يÙÙØªÙ‘Ø´ ÙÙŠ التراث عن إجابات، وهذا ما ÙŠØ¤ÙƒÙ‘Ø¯Ù Ø§ØØªÙƒØ§Ù…ÙŽÙ‡ لعالم النّصوص، النّصوص التي ينقدها! ÙˆÙÙŠ رØÙ„ته تلك اكتشÙÙŽ ما قاده صوبَ أن يجأرَ بصرخة أعلى، Ùلم يكتÙ٠بما وقع عليه من Ø³ØØ± الإجابة Ù„Ù†ÙØ³Ù‡Ø› عليه صار مولعاً بالكتابة عن مرØÙ„Ø© بواكير الإسلام بوصÙها Ù†Ùقطةَ Ù…ÙØ±Ø§ÙƒÙŽÙ…ة٠لكلّ Ù…ÙØ®Ù„Ù‘ÙØ§Øª الهزائم التالية، ÙˆÙÙŠ هذا أيضاً نزوعٌ ميتاÙيزيقي يشتطّ عن أدوات التّاريخ العلميّة، ولا تختل٠كبير اختلا٠عن الماهيّات الاستشراقية ÙÙŠ النّظر إلى Ø§Ù„Ù…ÙØ¯ÙˆÙ‘نات العربية والإسلامية وتØÙ„يلÙها. أمّا مشوارÙÙ‡ ÙÙŠ الدراسات العليا Ùلم يخل٠من مشاكل هو الآخر، ØÙŠØ«Ù ØªØØµÙ‘Ù„ÙŽ على الماستر من الجامعة اليسوعيّة ÙÙŠ بيروت، لتبقى رسالة الدكتوراه مثار جدل٠بين مؤيديه وخصومه الذين شكّكوا بØÙŠØ§Ø²ØªÙ‡ لها من جامعة جنوب كاليÙورنيا.
هذه الدعوة الثقاÙوية سرعان ما ØªÙØ´ÙŠØÙ Ø§Ù„Ù†Ù‘Ø¸Ø± عن الأØÙˆØ§Ù„ الاقتصادية لطبقات المجتمع، طالما أنّ القسمة بين «Ù…تديّن» Ùˆ«ØªÙ†ÙˆÙŠØ±ÙŠ» Ù…Ø±ÙŠØØ© أكثر
توسّعت اشتغالات القمني ÙÙŠ عقد التسعينيّات، ÙˆÙيه طرØÙŽ Ø£Ø¬Ø±Ø£ كتبه وأكثرها صداماً مثل «ØØ±ÙˆØ¨ دولة الرّسول» الذي قرأ Ùيه أشهر الغزوات ÙÙŠ التاريخ الإسلامي، بدر ÙˆØ£ÙØØ¯ØŒ ثمّ كتابه الأبرز «Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الهاشمي وتأسيس الدّولة الإسلامية» ÙˆÙيه ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„ØªÙ‘Ø´ÙƒÙ„ التاريخي لدولة الإسلام بعيداً من المنظور الغيبي، إنّما ÙÙŠ الØÙˆØ§Ø¶Ù† السّياسيّة التي اعتملت ÙÙŠ جسد تلك الدّولة، وما تخلل ذلك من انقسامات ÙˆØØ±ÙˆØ¨ أهليّة قَبليّة، Ùقدَ Ùيها الدّين٠سطوته Ø§Ù„Ù…ÙØØ±Ù‘ÙƒØ© Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„ØºÙ†ÙŠÙ…Ø© والظَّÙَر.
وعكس الانطلاقة الستينيّة التي انبنَت على ثنائية الØÙلم الناصري ÙØ§Ù„هزيمة والرّضة، كانت التسعينيّات ÙØªØ±Ø© المواجهة مع المارد الإسلامي الذي اكتسØÙŽ Ø§Ù„Ù…ÙØ¯Ù† العربية بما Ø¹ÙØ±ÙÙÙŽ بالصّØÙˆØ©ØŒ التي سخرَ منها القمني بعنوانÙÙ‡ اللاذع: «ØµØÙˆØªÙ†Ø§ لا بارك الله بها» Ùمن اغتيال ÙØ±Ø¬ Ùودة، إلى Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© الاغتيال Ø§Ù„ÙØ§Ø´Ù„Ø© التي تعرّضَ لها نجيب Ù…ØÙوظ، وصولاً إلى دعاوى Ø§Ù„ØªÙ‘ÙØ±ÙŠÙ‚ التي نالت من زواج المÙكّر نصر ØØ§Ù…د أبو زيد من زوجته ابتهال يونس Ø¨ØØ¬Ù‘Ø© ارتداده عن الإسلام، كلّ تلك العوامل خلقت نزعة ØµÙØ¯Ø§Ù…يّة تبنّاها القمني ÙÙŠ مواجهة «Ù‡Ùويّاتية» لم يبقَ Ùيها للنقد الماركسي أيّ ملمØ. مواجهة لم تقتصر Ù…ÙØ§Ø¹ÙŠÙ„ها على Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¡ العربي الإسلامي، بل تغذّت وانتعشت مع صعود الراديكالية النيوليبرالية على مستوى Ù…ÙØ¹ÙˆÙ„ÙŽÙ….
العقد التالي، الألÙينيات، لم يكن أهدأ هو الآخر. Ùمع Ù…ÙØªØªØÙ‡ وقعت Ø£ØØ¯Ø§Ø« 11 أيلول، وبدأت ØØ±ÙˆØ¨ الرّجل الأبيض ØªÙØªÙƒ بالكوكب والدّول الطّرÙيّة، وانقلبت تنظيمات «Ù…قاتلي Ø§Ù„ØØ±Ù‘ية» على داعميها، واجتاØÙŽ Ø§Ù„Ø¹Ø§Ù„Ù… خطاب «Ø§Ù„ØØ±Ø¨ على الإرهاب». ÙÙŠ هذه المرØÙ„Ø© تنامت ØØ¯Ù‘Ø© الخطاب العلماني التنويري وباتَ صوت٠القمني يصل٠إلى أركان قصيّة، Ùنالَه٠ما نالَ الكثيرين من تهديدات بالاغتيال من قبل تنظيمات قاعدية الهوى، وانهال عليه التكÙير، ما Ø¯ÙØ¹Ù‡ لإعلان اعتزال الكتابة ÙÙŠ مقال له Ù†ÙØ´Ùر ÙÙŠ «Ø±ÙˆØ² اليوسٻ، قبلَ أن يعودَ عن قراره ذلك ويستمرّ ÙÙŠ رØÙ„Ø© المواجهة.
ÙÙŠ العقد الأخير، بدا أنّ عالم الثنائيات اللامرئية (ولو أنّها بالنسبة له شديدة الصلابة) التي Ø£ÙØºØ±Ù…ÙŽ بها القمني راØÙŽ ÙŠØªØ²Ø¹Ø²Ø¹. الإسلاميون صعدوا وهبطوا وتشظّوا، وتبيّنَ أنّ قوى Ø£ÙØ®Ø±Ù‰ تمتلك صوتاً Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ ÙÙŠ وعي ØØ±ÙƒØ© التّاريخ والمواجهة، ومنظومات الØÙكم بدورها تآكلتْ ولم يعد ظهورها بدور النّاظم التنويري أمراً Ù…Ùقنعاً لقطاعات واسعة من الشعوب. وبالمقابل الإمبراطورية ÙØ¹Ù‘لت أدوات جديدة ÙÙŠ بثّ الهيمنة وتشتيت الانتباه مع بداية عقد Ø§Ù„Ø§Ù†ØªÙØ§Ø¶Ø§Øª ÙˆØ§Ù„ØØ±ÙˆØ¨ الأهلية، ولم ØªÙ‚Ù Ù…ÙØ·ÙˆÙ‘لاً عند الصّلابة الكاريزمية Ù„Ù„Ù…Ø«Ù‚Ù Ø§Ù„Ù…ÙØªÙ…رد وآثرت عليه مجاميع «Ø§Ù„نّاشطين» الأكثر سيولة ÙˆØ§Ù„Ø£Ø®Ù ØØ±ÙƒØ©. لتأتي آخر مواجهات القمني مع المؤسسة الدينية Ø¨ÙØ¹ÙŠØ¯ اجتماع لمنظّمة «Ø¢Ø¯Ù‡ÙˆÙƒ» ÙÙŠ بروكسل - بلجيكا Ø¯ÙØ¹ÙŠÙŽ Ø¥Ù„ÙŠÙ‡ وأثار كلامÙÙ‡ المÙنبتّ زوبعةً كالعادة، بيد أنّها زوبعة ÙÙŠ وقت٠ضائع.
المصدر: الاخبار