ابراهيم علوش_الميادين نت
ليس من المستغرب على الغرب أن يزجّ بجورجيا ÙÙŠ أتون النار، ليتخلى عنها بعد ذلك، من أجل تخÙي٠الضغط عن أوكرانيا وتشتيت روسيا.
على الرغم من أن أدوات Ø§Ù„ØØ±Ø¨ على روسيا تبقى ÙÙŠ الأعم الأغلب، ØØªÙ‰ الآن، ذات طبيعة اقتصادية، Ø¹Ù‚ÙˆØ¨Ø§ØªÙ ÙˆØØµØ§Ø±Ø§Ù‹ØŒ وعلى الرغم من سعي الناتو إلى مزاوجة ØØ±Ø¨Ù‡ الاقتصادية على روسيا Ø¨ØØ±Ø¨ استنزاÙ٠طويلة الأمد، ØªÙØµØ عنها الشØÙ†Ø§Øª العسكرية الغربية لأوكرانيا المتكوّنة من عشرات Ø¢Ù„Ø§Ù Ø§Ù„Ù…Ù‚Ø°ÙˆÙØ§Øª المضادة للدبابات والطائرات، يبقى Ù‡Ø¯Ù Ø§Ù„ØØ±Ø¨ على روسيا، مهما كانت أدواتها، جغراÙياً - سياسياً ÙÙŠ Ø§Ù„Ù…ØØµÙ„Ø©.
لقد ÙƒÙØªØ¨ وقيل الكثير عن قضم الناتو لدول أوروبا الشرقية، منذ انهيار Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، وصولاً إلى إكمال الطوق ØÙˆÙ„ روسيا من الغرب، بضم أوكرانيا، بما ÙŠØ³Ù…Ø Ø¨ÙˆØ¶Ø¹ صواريخ متوسطة المدى على بعد بضع مئات من الكيلومترات ÙØØ³Ø¨ عن موسكو.
الموجات الثلاث لتمدّد الناتو شرقاً
جاء تمدÙّد الناتو شرقاً، بعد تÙكيك Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، على شكل موجات، كانت أولاها عام 1999ØŒ Ùيما روسيا ÙÙŠ ØØ§Ù„Ø© ضع٠شديد، وقد ضمَّ Ùيها الناتو جمهورية التشيك وهنغاريا (المجر) وبولندا. ولا ننسى ضم ألمانيا الشرقية عام 1990 إلى الناتو، بعد إعادة توØÙŠØ¯ ألمانيا ÙÙŠ ذلك العام طبعاً، Ùيما Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي ÙÙŠ طور التÙكك.
وجاءت الموجة الثانية عام 2004ØŒ وقد ضم Ùيها الناتو دولاً مثل بلغاريا وإستونيا ولاتÙيا وليتوانيا ورومانيا ÙˆØ³Ù„ÙˆÙØ§ÙƒÙŠØ§ وسلوÙينيا، Ùيما كانت روسيا تتعاÙÙ‰ من الوهن الشديد، وهي غير مهيّأة للمواجهة بعد.
وجاءت الموجة الثالثة بالتدريج، على شكل "وجبات سريعة"ØŒ ضم Ùيها الناتو دولاً بعيدة عن روسيا نوعاً ما، مثل ألبانيا وكرواتيا (التي كانت جزءاً من Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ اليوغوسلاÙÙŠ) عام 2009ØŒ وجمهورية الجبل الأسود (التي كانت جزءاً من صربيا) عام 2017ØŒ ومقدونيا الشمالية (التي كانت جزءاً من يوغوسلاÙيا أيضاً) عام 2020.
Ø§Ù†ØØµØ±Øª الموجة الثالثة لتمدّد الناتو ÙÙŠ منطقة البلقان، أي ÙÙŠ أوروبا الجنوبية، ÙÙŠ البلدان المطلة على Ø§Ù„Ø¨ØØ± الأدرياتيكي المشر٠على Ø§Ù„Ø¨ØØ± الأبيض المتوسط من الغرب، والمØÙŠØ·Ø© بصربيا، قلب Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ اليوغوسلاÙÙŠ السابق، من الشرق، الذي بات مطوّقاً بهذه الخطوة من قبل الناتو، ولا سيما أن رومانيا وبلغاريا وهنغاريا كانت قد Ø£ÙÙ„ØÙ‚ت بالناتو من Ù‚Ø¨Ù„ÙØŒ كما سبقت الإشارة. أما البوسنة وكوسوÙÙˆ (الØÙ„قة الأخيرة لإكمال الطوق ØÙˆÙ„ صربيا من الغرب)ØŒ وجورجيا، وأوكرانيا، ÙØ£Ø¹Ø¶Ø§Ø¡ مرشّØÙˆÙ† ÙÙŠ الناتو.
خطوط متوازية بين جورجيا وأوكرانيا
مثّل سعي الناتو لضمّ جورجيا إليه، بناءً على توصية مباشرة من الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، ÙÙŠ مؤتمر الناتو ÙÙŠ بوخارست ÙÙŠ نيسان/ إبريل عام 2008ØŒ وهو الأمر الذي عارضته ألمانيا ÙˆÙØ±Ù†Ø³Ø§ بقوة آنذاك، الخلÙية المباشرة Ù„Ø§Ù†ÙØ¬Ø§Ø± الوضع ÙÙŠ جورجيا عسكرياً ÙÙŠ صي٠عام 2008. وكانت جورجيا قد عاشت تجربة "ثورة وردية" Rose Revolution عام 2003ØŒ Ø¯ÙØ¹Øª بأقسام من الرأي العام الجورجي إلى ØØ¶Ù† الغرب، كما ØªÙØ¹Ù„ "الثورات" الملوّنة دوماً.
Ù…ÙÙ†ØØª جورجيا ØµÙØ© "عضو طامØ"ØŒ أو Ù…Ø±Ø´ØØŒ من قبل ØÙ„٠الناتو رسمياً ÙÙŠ عام 2011ØŒ ولا يزال وجود قوات روسية على "أراضيها"ØŒ أي ÙÙŠ جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، العائق الرئيسي أمام ضمّها إلى الناتو رسمياً.
البديل الآخر بالنسبة إلى الناتو طبعاً هو الاعترا٠باستقلال الجمهوريتين، ÙˆÙÙŠ ذلك معنىً كبير يتصل بما يجري ÙÙŠ أوكرانيا اليوم، وسعيها للانضمام إلى الناتو، بعد "الثورة البرتقالية" Ùيها عام 2004ØŒ وتتمتّها عام 2013ØŒ كما يتصل بأهمية دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين، ومعنى وجود قوات روسية Ùيهما، كعامل إعاقة لضم أوكرانيا إلى الناتو.
وكان ديميتري مدÙÙŠØ¯ÙŠÙØŒ عندما كان رئيساً لروسيا، قد خطب ÙÙŠ الجنود الروس قرب Ø§Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ الجورجية، Ø¨ØØ³Ø¨ رويترز ÙÙŠ 21/11/2011ØŒ قائلاً إن العملية العسكرية الروسية ÙÙŠ جورجيا عام 2008 هي التي منعت توسيع الناتو ضمن الØÙŠÙ‘ز السوÙياتي.
ما Ø¨Ø±Ø Ø§Ù„Ù†Ø§ØªÙˆ يطوّر علاقته مع جورجيا بكل تأكيد، وما ÙØªØ¦Øª روسيا تراقب ÙˆØªØØ°Ù‘ÙØ±. ÙˆÙÙŠ 26/9/2019 ØµØ±Ù‘Ø ÙˆØ²ÙŠØ± الخارجية الروسي سيرغي Ù„Ø§ÙØ±ÙˆÙ لوسائل الإعلام بأن ضمّ جورجيا إلى الناتو، ØªØØª بند Ø§Ù„Ø¯ÙØ§Ø¹ المشترك عن المناطق التي تسيطر عليها تبليسي (يعني ØØªÙ‰ من دون أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا)ØŒ سو٠يؤدي إلى "تقويض العلاقات" مع الناتو ومن ينضم إليه. والرسالة الروسية ÙˆØ§Ø¶ØØ©.
لا يزال هذا Ø§Ù„Ù…Ù„Ù Ù…ÙØªÙˆØØ§Ù‹ بالمناسبة، لا بل يبدو أن الناتو يسعى إلى ØªÙØ¬ÙŠØ±Ù‡ØŒ من خلال تسريع خطوات ضم جورجيا إلى ما يسمى "خطة عمل عضوية الناتو" Membership Action Plan. كما أن وزير Ø§Ù„Ø¯ÙØ§Ø¹ الجورجي ØµØ±Ù‘Ø ÙÙŠ 17/2/2022ØŒ عقب اللقاء مع الأمين العام Ù„ØÙ„٠الناتو ينس ستولتنبرغ، بأن الانضمام إلى الناتو بات الطريقة الوØÙŠØ¯Ø© للØÙاظ على "السلامة الإقليمية لجورجيا". وليس من المستغرب على الغرب أن يزجّ بجورجيا ÙÙŠ أتون النار (إذا لم تتّزن)ØŒ ليتخلى عنها بعد ذلك، كالعادة، من أجل تخÙي٠الضغط عن أوكرانيا وتشتيت روسيا.
الناتو يهدّد قلب روسيا الأوروبي
قدّمت أوكرانيا، من جهتها، طلباً رسمياً للانتساب إلى الناتو عام 2008ØŒ وقد Ø·Ùويَ الطلب ÙˆÙˆÙØ¶Ùع طيّ الأدراج عام 2010ØŒ بعد انتخاب رئيس٠موال٠لروسيا هو Ùيكتور يانوكوÙيتش. هنا دخل الناتو ÙˆÙØ¹Ù‘Ù„ "الموسم الثاني" من "الثورة البرتقالية" ÙÙŠ شهر تشرين الثاني/ نوÙمبر عام 2013. وكان اسم تلك التتمة "Ø§Ù†ØªÙØ§Ø¶Ø© ميدان الاستقلال"ØŒ Ø§Ù„Ø³Ø§ØØ© الرئيسية ÙÙŠ كييÙ. وكان يانوكوÙيتش Ø¶Ø¹ÙŠÙØ§Ù‹ØŒ Ùهرب تاركاً بلاده ÙØ±ÙŠØ³Ø©Ù‹ للطامعين. وهكذا بدأت الأزمة الأوكرانية ÙØ¹Ù„ياً، إذ جاء ØÙƒÙ…ÙŒ موال٠للناتو ÙÙŠ أوكرانيا، وكان الانضمام إلى ØÙ„٠الناتو Ø£ØØ¯ أهدا٠"الثورة" المزعومة، كما هو دأب مثل تلك "الثورات" دوماً!
لم يكن من الممكن لروسيا أن تترك القرم والمناطق الروسية ÙÙŠ أوكرانيا منطلقاً لإكمال الطوق الناتوي من ØÙˆÙ„ عنق روسيا، ÙØ¶Ù…ّت روسيا شبه جزيرة القرم (التي يتكوّن 65.3%ØŒ أي Ù†ØÙˆ الثلثين، من سكانها من الروس)ØŒ ÙˆØ§Ù†ÙØ¬Ø±Øª مشكلة الدونباس بدعم روسي ÙˆØ§Ø¶ØØŒ على غرار ما ØØ¯Ø« تماماً ÙÙŠ أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ÙÙŠ جورجيا عام 2008.
على الرغم من ذلك، لم تدخل روسيا أوكرانيا ØØªÙ‰ تسارعت خطوات ضمّ أوكرانيا إلى ØÙ„٠الناتو.
ÙˆÙÙŠ الـ 14 من ØØ²ÙŠØ±Ø§Ù†/ يونيو عام 2021ØŒ ÙÙŠ مؤتمر ØÙ„٠الناتو ÙÙŠ بروكسل، صدر بيان رسمي يؤكد ضمّ أوكرانيا إلى "خطة عمل عضوية الناتو" Membership Action Plan. ÙˆÙÙŠ الـ 28 من الشهر ذاته، بدأت مناورات عسكرية مشتركة بين الناتو والنظام الأوكراني ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¨ØØ± الأسود. ÙˆÙÙŠ 16/12/2021ØŒ رØÙ‘ب الأمين العام Ù„ØÙ„٠الناتو ينس ستولتنبرغ بالرئيس الأوكراني، الممثل والراقص الخلاعي Ùولوديمير زيلينسكي، ÙÙŠ مقر ØÙ„٠الناتو ÙÙŠ بروكسل، ØÙŠØ« عقدا مؤتمراً ØµØØ§Ùياً مشتركاً هدّدا Ùيه روسيا بصورة تعوزها اللياقة الدبلوماسية.
ÙˆÙÙŠ 11/1/2022ØŒ نقلت وسائل الإعلام عن مجموعة نواب جمهوريين ÙÙŠ الكونغرس الأميركي أنهم ينوون عرض مشروع قانون يعلن أوكرانيا عضواً ÙÙŠ الناتو - بلس (ما يعني أن ØªØµØ¨Ø Ø£ÙˆÙƒØ±Ø§Ù†ÙŠØ§ عضواً ÙÙŠ الناتو Ùˆ"ØØ¨Ø© مسك") NATO-plusØŒ ويعلن روسيا دولةً راعيةً للإرهاب... وها Ù†ØÙ† نرى النتيجة اليوم. Ùمن ÙŠØÙƒÙ… ÙÙŠ الكرملين ليس Ø¶Ø¹ÙŠÙØ§Ù‹ أو مدمناً أو مستخزياً للغرب كبوريس يلتسÙÙ† أو ØºÙˆØ±Ø¨Ø§ØªØ´ÙŠÙØŒ بل Ùلاديمير بوتين. والقصة لا تتعلق Ø¨ÙØ±Ø¯ØŒ بل بما يمثله من سعي٠روسي٠لترميم Ø§Ù„Ø¬Ø±Ø Ø§Ù„ÙˆØ¬ÙˆØ¯ÙŠØŒ ولا سيما بالنسبة إلى مكانة روسيا الدولية، بعد انهيار Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي.
ÙÙŠ الجغراÙيا السياسية لمشروع تطويق روسيا
Ø±ÙØ¨ قائلÙ: وما المشكلة ÙÙŠ انضمام أوكرانيا إلى ØÙ„٠الناتو؟ Ùهي ليست المرة الأولى التي تنضم Ùيها دولة مجاورة لروسيا إلى الناتو. ÙØ§Ù„نرويج، العضو المؤسّس ÙÙŠ الناتو منذ عام 1949ØŒ تشاطر روسيا ØØ¯ÙˆØ¯Ø§Ù‹ مشتركة طولها Ù†ØÙˆ 200 كيلومتر، من جهة أقصى الشمال الغربي الروسي، بين Ø§Ù„Ø¨ØØ± النرويجي ÙˆØ¨ØØ± Ø¨Ø§Ø±Ù†ØªÙØ³ØŒ منذ Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي. ودول البلطيق الثلاثة، إستونيا ولاتÙيا وليتوانيا، التØÙ‚ت بالناتو عام 2004ØŒ وكالينينغراد، الجيب الروسي المعزول المطل على Ø¨ØØ± البلطيق، تØÙŠØ· به بولندا، العضو ÙÙŠ الناتو منذ عام 1999ØŒ وليتوانيا. Ùلمَ الجلبة لانضمام أوكرانيا إلى الناتو إذاً؟ ولمَ معارضة روسيا Ù„ØÙ‚Ù‘Ùها ÙÙŠ أن تختار Ø§Ù„Ø§Ù„ØªØØ§Ù‚ بمن وما تريد؟
من منظور الجغراÙيا السياسية، ليست كل الدول، ولا كل Ø§Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ØŒ سواسية. ÙØ§Ù„دول الصغيرة، التي ÙŠØ±Ø§ÙˆØ Ø¹Ø¯Ø¯ سكانها بين مليون وثلاثة ملايين نسمة، ليست مثل أوكرانيا التي تزيد Ù…Ø³Ø§ØØªÙ‡Ø§ على 600 أل٠كلم مربع، ويقارب عدد سكانها 45 مليوناً. وبولندا التي لا ØªØØ¯Ù‘ها ØØ¯ÙˆØ¯ÙŒ مباشرةٌ مع روسيا Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ÙŠØ©ØŒ باستثناء جيب كالينينغراد على البلطيق، الساقط عسكرياً Ø¨Ø§Ù„ØªØ¹Ø±ÙŠÙØŒ ليست مثل أوكرانيا التي يبلغ طول ØØ¯ÙˆØ¯Ù‡Ø§ مع روسيا Ù†ØÙˆ 2300 كلم. وموضع تلك Ø§Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ الأوكرانية - الروسية، عند شغا٠القلب الروسي الأوروبي، ليس مثل موضعه البعيد مع النرويج ÙÙŠ أقصى الشمال الغربي، على المياه المتجمدة.
جورجيا صغيرة جداً بالمقارنة مع أوكرانيا (أقل من 70 أل٠كلم مربع)ØŒ ولا يزيد عدد سكانها على أربعة ملايين نسمة، ومع ذلك، ÙØ¥Ù† ØØ¯ÙˆØ¯Ù‡Ø§ مع روسيا، التي يبلغ طولها Ù†ØÙˆ 900 كلم، ربما تأتي ÙÙŠ المقام الثاني ÙÙŠ الأهمية الجغراÙية السياسية بعد ØØ¯ÙˆØ¯ أوكرانيا. كما أنها طريق روسيا البري إلى تركيا وإيران والعراق، من جهة أقصى الجنوب الغربي لروسيا وأذربيجان وأرمينيا. وهي تطل مباشرةً على القوقاز شمالاً. Ùلا Ù…Ø²Ø§Ø Ù‡Ù†Ø§Ùƒ. ولا مجال للتساهل ÙÙŠ تØÙˆÙ‘لها إلى قاعدة للناتو. وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا هما منطقتان عازلتان، من المنظور الجغراÙÙŠ - السياسي، ما دامت جورجيا قد قرّرت التØÙˆÙ„ إلى قاعدة ضد روسيا، تماماً كما أن دونيتسك ولوغانسك هما ØØ§Ø¬Ø²Ø§Ù† جغراÙيان - سياسيان ÙŠØÙ…يان القلب الأوروبي لروسيا من جهة أوكرانيا.
أض٠إلى ذلك العنصر الثقاÙÙŠØ› ÙØ¹Ù„Ù‰ الرغم من وجود نسبة من Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ù ØªØ±Ø§ÙˆØ Ù…Ø§ بين الربع والثلث ÙÙŠ جمهوريات البلطيق الثلاث، ÙˆÙÙŠ جورجيا (أساساً ÙÙŠ أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا)ØŒ ÙØ¥Ù† ثمة ÙØ±Ù‚اً جوهرياً آخر بين أوكرانيا وغيرها، وهو أنها ليست سلاÙية ÙØØ³Ø¨ØŒ بل سلاÙية شرقية ØªØØ¯ÙŠØ¯Ø§Ù‹ØŒ أي من عظام رقبة الأرومة التي ينتمي إليها الروس والروس البيض (بيلاروسيا)ØŒ وعليه، ÙØ¥Ù† ØØ³Ø§Ø¨Ù‡Ø§ØŒ بالنسبة إلى الروس، يشبه وضع صواريخ روسية، لا ÙÙŠ كوبا ÙØØ³Ø¨ØŒ بل ÙÙŠ ولاية تكساس أو كاليÙورنيا بالنسبة إلى الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© الأميركية. وهنا ÙŠØµØ¨Ø ØªØºÙ„ØºÙ„ الناتو Ùيها تعميقاً Ù„Ù„Ø¬Ø±Ø Ø§Ù„ÙˆØ¬ÙˆØ¯ÙŠ الروسي بعد تÙكيك Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي.
ÙØ§Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ الإستونية مع روسيا تقابلها مدينة سان بطرسبرغ، ثاني أهم مدينة روسية، وأهم مدينة/ Ù…Ø±ÙØ£ على Ø¨ØØ± البلطيق، أما Ø§Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ الأوكرانية مع روسيا ÙØªÙ‚ابلها موسكو ذاتها، وبالتالي ÙØ¥Ù† ØØ´Ø¯ القوات البرية للناتو، ابتداءً من عام 2016ØŒ ÙÙŠ بولندا ودول البلطيق الثلاث، أكد لروسيا خطأ انسياقها خل٠"دعاية السلام" الأطلسية، مع العلم بأن إستونيا ولاتÙيا وليتوانيا نالت استقلالها مع نهاية Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الأولى، وضمّها ستالين إلى Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي خلال Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الثانية.
خطايا يلتسÙÙ† الجغراÙية - السياسية
نقول تÙكيك Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، ولا نقول تÙكّكه، لأن النهج الذي سار عليه يلتسÙن، وغورباتشي٠من قبله، يثير الكثير من التساؤلات. على سبيل المثال، لا Ø§Ù„ØØµØ±ØŒ قيل وكتب الكثير عن تعهدات الناتو بعدم التوسع شرقاً، ولست ÙÙŠ صدد إعادة سردها هنا، لكن Ù„Ø§ØØ¸ÙˆØ§ ما يلي: خلال زيارة يلتسÙÙ† لبولندا، ÙÙŠ آب/ أغسطس عام 1993ØŒ قال يلتسÙÙ† للرئيس البولندي آنذاك، ليخ ÙØ§Ù„يسا، إن "روسيا لا تعارض عضوية بولندا ÙÙŠ الناتو، ولا تنظر إلى عضويتها ÙÙŠ الناتو كتهديد لروسيا". وبعد ضغط شديد من الداخل الروسي، Ø³ØØ¨ يلتسÙÙ† Ø§Ù„ØªØµØ±ÙŠØ ÙÙŠ الشهر الذي يليه.
Ø±ÙØ¨ قائل٠إن يلتسÙÙ† لم يكن بوعيه الكامل ربما عندما أدلى بمثل ذلك Ø§Ù„ØªØµØ±ÙŠØ (أو أن الÙودكا البولندية لم تلائمه كالروسية؟!). لكن لا! لم تكن تلك مجرد Ù‡Ùوة مخمور. ÙÙÙŠ الـ 27 من أيار/ مايو عام 1997 ØØ¶Ø± يلتسÙÙ† قمة الناتو ÙÙŠ باريس، ووقّع Ø§ØªÙØ§Ù‚ية تعاون رسمية مع الناتو، تقول تأويلات غربية (وروسية Ù…Ø¹Ø§Ø±ÙØ¶Ø© آنذاك) إن سطورها ØªØ³Ù…Ø Ø¨ØªÙˆØ³ÙŠØ¹ الناتو شرقاً بمواÙقة روسيا! (انظر مثلاً تقريري الـ CNN ÙÙŠ الـ 26 والـ 27 من أيار/ مايو 1997). وبعدها ببضعة أشهر، أصدرت روسيا "مسوّدة استراتيجية الأمن القومي" التي تعدّ توسيع الناتو شرقاً خطراً ماثلاً.
من البديهي أن ØªÙØ±ÙŠØ· الزعماء التابعين للغرب لا يلزم الشعوب والأمم بشيء، من روسيا إلى الوطن العربي إلى غيره، لكنْ من الإنصا٠الإشارة، بعيداً من إدمان يلتسÙÙ† أو تبعيته للغرب، إلى أن الجو العام ÙÙŠ التسعينيات كان جو Ø§Ù„Ø£ØØ§Ø¯ÙŠØ© القطبية الأميركية. وخلال ذلك العقد، عام 1994 ØªØØ¯ÙŠØ¯Ø§Ù‹ØŒ أطلق الناتو ما سمّاه "الشراكة من أجل السلام"ØŒ التي مثّلت توطئة لضم دول Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي السابق، ومنها روسيا، وضم الدول الأوروبية Ø§Ù„Ù…ØØ§ÙŠØ¯Ø©ØŒ التي لم تنضو٠إلى الناتو من Ù‚Ø¨Ù„ÙØŒ مثل Ùنلندا والنمسا وسويسرا، إلى ØÙ„٠الناتو على المدى البعيد، Ø¨ØØ³Ø¨ الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 1994ØŒ ÙÙŠ Ù…ØØ¶Ø± وثيقة أمن قومي أميركي تم Ø§Ù„Ø¥ÙØ±Ø§Ø¬ عنها عام 2019ØŒ أي بعد 25 عاماً.
بريجينسكي ومشروع تÙكيك روسيا بعد Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي
لعل مشكلة النخب الأطلسية٠التوجّه ÙÙŠ روسيا، كما مشكلة النخب ذاتها ÙÙŠ الوطن العربي، هي أنها لا تقرأ الجغراÙيا السياسية، إذ لا يجوز عند الأميركي أن تبقى أقطابٌ قوية، أو أن تمتلك دولٌ إمكانية التØÙˆÙ„ إلى أقطاب قوية ØªØªØØ¯Ø§Ù‡ØŒ ØØªÙ‰ ضمن دائرة Ù†Ùوذه. وذلك أن "الاستثنائية الأميركية" تتطلب عقائدياً أن يظل الآخرون غير استثنائيين، ÙØ¥Ù† أبوا، يصبØÙˆÙ† خطراً على "الأمن القومي الأميركي"ØŒ أي على مشروع الهيمنة، ولو استخزوا للأميركي، مثل نظام يلتسÙÙ† وغورباتشيÙ.
وروسيا الكتلة الجغراÙية السياسية خطرٌ موضوعي ومستقبلي، ØØªÙ‰ وهي نائمة أو تائهة. ولهذا ÙØ¥Ù† مشروع تÙكيك الجغراÙيا والديموغراÙيا يظل ØØ§Ø¶Ø±Ø§Ù‹ على الطاولة دوماً. ومشروع تÙكيك روسيا، بعد تÙكيك Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، يبرز هنا إلى المقدمة، إذ إن ما يتبع التطويق هو Ø§Ù„Ø§ØØªÙˆØ§Ø¡ والإسقاط والتÙكيك، تماماً كما ØØ¯Ø« مع يوغوسلاÙيا السابقة، ØØªÙ‰ يتØÙˆÙ„ أي عائق جغراÙÙŠ سياسي أمام الهيمنة الغربية إلى شذرات، وهذا هو معنى تمدّد الناتو موضوعياً.
من المعرو٠أن مثل هذا Ø§Ù„Ø·Ø±Ø ÙƒØ«ÙŠØ±Ø§Ù‹ ما ÙŠÙØªÙ‘هم بتبنّي "نظرية المؤامرة". ومن البديهي أننا لن نترك مثل تلك التهمة تمر مرور الكرام، لأن المؤامرة موجودة، ولكننا لا Ù†ØªØØ¯Ø« هنا عن مؤامرة بالمعنى Ø§Ù„ØØ±ÙÙŠØŒ لأن المؤامرة تتطلب السرية، والعمل من خل٠الستائر ومن ØªØØª الطاولة، Ùيما بلورة التوجهات الاستراتيجية ÙÙŠ الغرب، مثل مشاريع تÙكيك الوطن العربي أو روسيا، تجري ضمن إطار النخب Ø¨Ø´ÙƒÙ„Ù Ù…ÙØªÙˆØ ÙÙŠ أوراق ومؤتمرات ونقاشات يمكن متابعتها، أما عندما يتم تبنّي توجه٠استراتيجي٠ما، وينتقل المشروع من إطار التخطيط إلى إطار التنÙيذ، أي إلى خطة عمل بجداول زمنية وآلية إدارية إلخ... Ùهناك تنتقل ترجمة ذلك التوجه إلى ØÙŠÙ‘ز المؤامرة السرية.
ويعدّ مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبيغنيو بريجينسكي (توÙÙŠ عام 2017) Ø£ØØ¯ كبار المÙكرين الاستراتيجيين ÙÙŠ عالمنا المعاصر، وقد Ø·Ø±Ø Ø±Ø³Ù…ÙŠØ§Ù‹ مشروع تÙكيك روسيا، ÙÙŠ ورقة نشرتها مجلة "Ùورن Ø£Ùيرز" Foreign Affairs المرموقة، عدد أيلول/ سبتمبر – تشرين الأول/ أوكتوبر عام 1997ØŒ وأترجم ØØ±Ùياً:
"إن أولوية روسيا الأولى يجب أن تكون ØªØØ¯ÙŠØ« Ù†ÙØ³Ù‡Ø§ بدلاً من الانخراط ÙÙŠ جهد٠عقيم٠لاستعادة منزلتها كقوة عالمية. وبالنظر إلى ØØ¬Ù… البلد وتنوّعه، ÙØ¥Ù† نظاماً سياسياً لامركزياً واقتصاد السوق Ø§Ù„ØØ±Ø© من Ø§Ù„Ù…Ø±Ø¬Ù‘Ø Ø£Ù† يكونا الأكثر قدرةً على إطلاق العنان للإمكانيات الإبداعية للشعب الروسي وموارد روسيا الطبيعية الهائلة. إن روسيا ÙƒÙˆÙ†ÙØ¯Ø±Ø§Ù„ية ÙØ¶Ùاضة، متكوّنة من روسيا أوروبية، وجمهورية سيبيرية، وجمهورية الشرق الأقصى، سو٠تجد أن من الأسهل عليها أن تبني علاقات اقتصادية أوثق مع جيرانها. كل من تلك الكيانات المؤتلÙÙØ© سيكون قادراً على Ø§Ù„Ø§Ø³ØªÙØ§Ø¯Ø© من إمكانياته الإبداعية المØÙ„ية، التي طالما قيّدتها يد موسكو البيروقراطية الثقيلة على مدى قرون. ÙÙŠ المقابل، ÙØ¥Ù† روسيا اللامركزية ستكون أقل عرضة لتعبئة ذاتها إمبراطورياً".
الكلام ÙˆØ§Ø¶ØØŒ وهو لا يصدر من هاو٠غر٠أو Ø¨Ø§ØØ«Ù عن شهرة٠"ÙØ§ÙŠØ³Ø¨ÙˆÙƒÙŠØ©". والهد٠هو تدمير الدولة المركزية، وتقسيم روسيا إلى ثلاث دول مبدئياً (وتشجيع النزعات Ø§Ù„Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„ية ÙÙŠ Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي السابق، ÙÙŠ موضع٠آخر)ØŒ وإعاقة قدرتها على استعادة منزلتها كقوة عالمية. وما من شك ÙÙŠ أن كل منظومة العقوبات التي ÙØ±Ø¶Ù‡Ø§ الغرب مؤخراً تستهد٠ضرب الدولة المركزية الروسية، بذريعة ØÙ…اية أوكرانيا.
من البديهي أن "نقّاد نظرية المؤامرة" قد يردّون بأن بريجينسكي مجرد كاتب يعبّر عن رأيه Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙŠ Ø±Ø¨Ù…Ø§. والØÙ‚يقة أن من السهل إيجاد دراسات أخرى ØªØªØØ¯Ø« عن مشروع تقسيم روسيا، يمكن أن يقال عنها إنها "مجرد رأي الكاتب"ØŒ لكن بريجينسكي قصة أخرى. Ùهو لم يكن مشاركاً ÙÙŠ صنع القرار التنÙيذي الأميركي ÙØØ³Ø¨ØŒ بل كان من أهم من صاغوا توجّهاته الاستراتيجية. وقد وضع كتاباً عام 1970ØŒ بدا عنوانه وقتها كأنه من كوكب٠آخر، وهو "ما بين عصرين: دور أميركا ÙÙŠ الØÙ‚بة التكنوترونية"ØŒ درس Ùيه، عام 1970ØŒ كي٠يمكن أن تؤثر التكنولوجيا ووسائل الاتصال الجماهيري ÙÙŠ تشكيل دور الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© عالمياً! (هل تتبادر الثورات الملوّنة Ùˆ"الربيع العربي" إلى البال؟)
وعندما كان بريجينسكي مستشاراً للأمن القومي ÙÙŠ عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، عمل على تعزيز العلاقات مع الصين لعزل Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ السوÙياتي، وقد اقترن اسمه بالذات، كعرّاب، بأمرين ما زلنا نكابد آثارهما ØØªÙ‰ اليوم: 1) Ø§ØªÙØ§Ù‚يات كامب ديÙيد بين مصر والعدو الصهيوني، Ùˆ2) ØØ±ÙƒØ© "الجهاد Ø§Ù„Ø£ÙØºØ§Ù†ÙŠ". وقد ظل بريجينسكي مساهماً ÙØ¹Ø§Ù„اً ÙÙŠ بلورة التوجهات الاستراتيجية الأميركية الكبرى ØØªÙ‰ ÙˆÙØ§ØªÙ‡ØŒ ولا تزال رؤاه الجغراÙية السياسية تقضّ مضجع العالم ØØªÙ‰ يومنا هذا، مشروع تÙكيك روسيا أنموذجاً.