كتبت هنادي السمرا في "اللواء":
نجح مجلس النواب في تجاوز القطوع السياسي لموازنة 2024 وإن بالحد الأدنى وضمن المهل الدستورية، وسط مشاركة جميع الكتل النيابية بدون استثناء، بعد سجالات بالجملة على أكثر من محور، أكان بين نواب المعارضة ونواب كتلة التنمية والتحرير، أو بين الرئيس ميقاتي ونواب «التيار» والتي وإن شهدت سقوفاً مرتفعة في الخطابات السياسية، والتي أظهرت حقيقة الانقسام العامودي على كل الملفات الخلافية، بدءاً بانتخابات الرئاسة ومرورا بالصلاحيات الدستورية وتداعيات الحرب على غزة وانعكاساتها على لبنان وبالتالي قرار الحرب والسلم، بقيت ضمن المشهد المتعارف عليه، دون أن تصل إلى حدّ تهديد الجلسة او الامن والاستقرار، حيث مارس رئيس مجلس النواب نبيه بري وكالمعتاد دوره الإطفائي والتوازني بين الجميع، متلقفا محاولات تفخيخ الجلسة بعبارات حملت أكثر من معنى غامزاً من قناة المعطلين والمعرقلين، وواعداً بأسرع وقت بتحديد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية.
أما الموازنة الهدف الأساس من مشاركة المقاطعين لجلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي، فتبرأ منها الجميع حكومة ونوابا، ويبرّر من يصوت عليها بالموافقة أنها «موازنة أفضل الممكن في ظل الظروف القائمة وبالتالي الاسراع في اقرارها كان لإبعاد شبح اصدارها بمرسوم حكومي أولاً، وعدم الابقاء على المشروع كما جاء من الحكومة والذي يعتبر كارثياً، فيما يبرّر من يصوت رفضا للمشروع وإن شارك في الجلسات ان مناقشة الموازنة واجب دستوري.
ولكن بعدما تحدث أكثر من 41 نائباً على مدى ثلاثة أيام بخمس جولات صباحية ومسائية، تمكن المجلس من اقرار الموازنة بالأكثرية وليس بالمناداة أو رفع الأيدي، بعد أكثر من اجتماع تنسيقي على هامش الجلسة الأول بين الرئيس بري ورئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان والثاني بين نائب الرئيس الياس بوصعب وعدد من النواب ، طبقا لتقرير لجنة المال والموازنة، مع اسقاط الجزء الأكبر من مواد المشروع كما جاء من الحكومة، لا سيما لجهة الضرائب والرسوم العشوائية، وسلفات الخزينة.
أما العنوان الابرز فجاء برد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على المداخلات النيابية بالوقائع والارقام، رافضاً الاتهامات التي تكال من قِبل البعض للحكومة ورئيسها بتجاوز صلاحيات رئاسة الجمهورية لتحويل الانظار عن مسؤولياتهم المباشرة بالتعطيل، لان «هناك من يعتقد أن بقاءه في المشهد السياسي يكون عبر تشغيل آلة الشتم وغياب اللياقة « ليؤكد انهم «لن يستدرجوننا الى هذه اللغة، واذ تخلل كلمته عدة سجالات مع نواب «التيار» توجه اليه بالقول «احترموا نفسكم» وختم رده بعبارة «رجاءً انتخبوا رئيسا وحلّوا عنّا».
ميقاتي قدم جردة عمل لحكومته، سواء عندما كانت كاملة الاوصاف، أو وهي في تصريف الاعمال، ليؤكّد انها «سعت لوقف الانهيار بالامكانيات المتاحة، واصفاً الموازنة بأنها غير مثالية ولكن تحاكي الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية، وادرنا الدولة بـ 800 مليون دولار، ولدينا في الحساب 36 في مصرف لبنان أكثر من 100 الف مليار ليرة نقدا، ولدينا اكثر من مليار دولار، منها 150 مليون فريش و850 مليون دولار، فنحن ورثنا المشاكل ولم نصنعها».
وعن حرب غزة والعدوان الاسرائيلي على الجنوب قال ميقاتي ملتزمون بالقرار 1701 وبابعاد الحرب عن لبنان ونطالب المجتمع الدولي بوقف الاعتداءت الاسرائيلية، ومنذ اليوم الأول لبدء حرب غزة، أعلنت أن قرار الحرب ليس بيدنا بل بيد اسرائيل، وسيعرف المنتقد والمؤيد من اللبنانيين فحوى هذه الرسالة، ونحن طلاب حلّ ديبلوماسي برعاية الامم المتحدة.