كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
لا تُتابع فضيحة تكشف في لبنان، من أيّ نوع كانت، وإلى أيّ مستوى ارتفعت، إذ بات اللّبنانيّون يتساكنون مع الفضائح، ويعيشون مع الفساد، ولا يصرخون بوجه الفاسدين، فتحوّلوا إلى شعب خانع، إلّا من بعض حالات الاعتراض أو الاحتجاج، التي غالبًا ما تكون موجّهة سياسيًّا وطائفيًّا ومصلحيًّا، وإنّ ما حدث في ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، يؤكّد أنّ من حرّك الشّارع هم مموّلو جمعيّات غير حكوميّة (NGO)، لأهداف سياسيّة، أو لارتباطات بمشاريع خارجيّة، وأنّ نتائج ما انتهى إليه "المنتفضون" في الشّارع والاعتصامات في السّاحات، تدلّ على أنّ الهدف لم يكن تحقيق مطالب المواطنين المحقّة في تأمين حياة كريمة، في دولة "العدالة الاجتماعية"، وهذا ما لم يحصل، سوى أنّ "الفوضى الخلّاقة" هي الّتي سادت، وهي تدخل من ضمن المشروع الأميركي "للشّرق الأوسط الكبير".
والسّبب الأساسيّ الّذي أخرج النّاس إلى الشّارع، كان قرار الحكومة زيادة رسم على اتصالات "الواتساب"، حيث استغلّ هذا الموضوع، فتمّ تحريك طلّاب الجامعات في الأميركيّة واليسوعيّة والجامعة اللبنانيّة الأميركية، وتمّ استحضار "وكلاء أميركا" في لبنان، لدخوله في الفوضى، التي أدّت إلى انهيار ماليّ وانكماش اقتصاديّ وانحلالٍ في مؤسّسات الدّولة، والوصول إلى شغورٍ رئاسيٍّ، وخسارة الليرة اللبنانيّة من قيمتها، ممّا انعكس سلبًا على دخل المواطنين لا سيّما الموظّفين منهم في القطاعين العام والخاص، مع فقدان قدرتهم الشّرائيّة، فانتفى وجود الطبقة الوسطى التي كانت عنوانًا للاستقرار، وتحوّل اللّبنانيّون نحو الفقر بنسبة ٨٠٪ منهم، وزادت البطالة وارتفعت نسبة الهجرة.
فالحراكُ الشّعبيُّ في الشّارع، لم ينتج إلّا الفوضى، ووصول مرشّحين سمّوا أنفسهم "تغييريين" ليظهروا أنّهم "نواب أميركا" في غالبيّتهم وتحالفهم السّياسي مع قوى سياسيّة وحزبيّة، على ارتباط بمصالح ومشاريع أميركية في المنطقة ولبنان منها، إذ صوّب " التغييريّون" على "حزب اللّه" وسلاحه، وحمّلوه مسؤوليّة الانهيار الّذي صنعوه هم وحلفاء للذين حرّكوا الشّارع وغادروه بعد الانتخابات النّيابيّة الأخيرة، فأسقطوا كلّ من يدعم المقاومة أو يؤيّد سوريا، وهذا ما أعلنه الموفد الأميركي ديفيد شينكر الذي قال وقبل الفرز النّهائي لصناديق الاقتراع، بأنّ من خسروا في الانتخابات النّيابيّة هم حلفاء سوريا، وسمّاهم بالاسم، ليحلّ مكانهم نوّاب "الثّورة"، الّتي أحبطت اللبنانيّين، وكان الهدف الأميركي منها، إخراج "حزب اللّه" مع حلفائه من المعادلة السّياسيّة الداخليّة، لكنّهم فشلوا في ذلك، ونجحوا بأنّ الفساد مستمرّ ومتواصل مع استمرار ظهور فضائح ماليّة ونهب للمال العام والاستيلاء على أموال المواطنين لا سيما المودعين منهم في المصارف، حيث ما زالت المسألة دون حلّ، ويتقاذف المسؤوليّة كلٌّ من الحكومة والمصارف ومصرف لبنان.
ففضيحة الطّوابع، وهي مزمنة في لبنان، كشفت بأنّ القضاء في لبنان معطّل سياسيًّا، وما من فضيحة إلّا ويكون وراءها سياسيّون وحزبيّون، فيضعها القضاء في الأدراج مع استمرار التّحقيقات في الملفّات الّتي وضعت أمام القضاء ومنها الاعتداء الجنسيّ على الأطفال، عبر وسائل التّواصل الاجتماعي، وقبل ذلك موضوع الانفجار الذي حصل في أحد العنابر في مرفأ بيروت، حيث مضى عليه نحو أربع سنوات، وما زال السؤال "من فجّر مرفأ بيروت؟"، إلى ودائع المواطنين في المصارف،إلى فقدان جوازات السّفر، وعدم وجود دفاتر السّوق لمن يتقدّم للحصول على دفتر قيادة سيّارة، أو تجديده، ولا ينسى اللّبنانيّون الفساد الّذي ظهر في عدد من الدّوائر الرّسميّة، وأبرزها السّجلّات العقاريّة، وهيئة إدارة السّير، والتّهرّب الضّريبيّ كما الجمركي، إذ المرافئ متروكة لموظّفين فاسدين.
فمسلسل الفضائح الماليّة وصفقات التّلزيمات لمشاريع كهرباء ومياه وطرقات لا تُعدُّ ولا تُحصى، ويتعاطى معها القضاء ببطء، ويرجئ التّحقيقات ويتأخّر في إصدار الأحكام، إضافة إلى التّدخّل السّياسيّ في القضاء لحمايةِ الفاسدين.
ويُطرح السّؤال أين هم "التّغييريّون"؟ ولماذا أوقفوا الحراك في الشّارع منذ أن أصبحوا نوّابًا قبل عامين، إذ تجري لقاءات بين شباب شاركوا في الحراك، سينتفضون ضدّ من خان مبادئ الثّورة.