ليديا أبودرغم - خاصّ الأفضل نيوز
تمثل عودة العلاقات بين الرياض ودمشق تطوراً مهماً في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الرئيس الأسد الذي نأت عنه دول غربية وعربية عديدة بعد اندلاع الثورة السورية.
فبعد نحو عام على إعلان دمشق والرياض استئناف العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت لأكثر من عقد بينهما، على خلفية الحرب التي اندلعت في سوريا وما رافقها من انقلاب في مواقف دول عديدة، أعلنت السعودية أخيراً تعيين سفير لها في سوريا، ما يعني تثبيتاً لخطوات الانفتاح التي بدأتها العواصم العربية بشكل عام، والرياض على وجه الخصوص.
وأتى هذا التعيين بعد أيام قليلة من لقاء جمع الرئيس السوري بشار الأسد، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على هامش اجتماع الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس "جامعة الدول العربية" على مستوى القمة، وبعد نحو خمسة أشهر على تعيين دمشق سفيراً لها في الرياض، ما يعني أن ثمّة إصراراً سعوديًّا على المضي قدماً في العلاقات مع سوريا برغم محاولات واشنطن عرقلة أي حل "من دون ثمن سياسي"، خصوصاً أن تلك التطورات ترافقت مع بدء لبنان تسيير قوافل النازحين السوريين الراغبين في العودة، والعجز الأممي عن توفير احتياجاتهم في ظل نقص التمويل المستمر.
ويُنظر إلى التقارب السوري - السعودي على أنه أحد أبرز عناصر فرض التهدئة والتوازن في المنطقة، بما فيها لبنان، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية لن يكون لها أي "فيتو" على إنهاء الأزمة اللبنانية في حال عقدت تفاهماً مباشراً أو غير مباشر مع "حزب الله" حول الاستقرار العسكري عند الحدود الجنوبية، وبدء استخراج الغاز قرب الشواطئ الجنوبية وشواطئ فلسطين المحتلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تعود السين - سين لتتحكم بالواقع اللّبناني بعدما فشل اللّبنانيون بإدارة شؤونهم، خاصة وأن الساحة اللبنانية كانت وستظل، من الملفات المشتركة بين دمشق والرياض التي لم تعد مهتمة بالتدخل المباشر بالأزمة اللبنانية، لأن وحول المنطقة السياسية باتت تؤثر اليوم على المشروع الإقتصادي الضخم الذي يُعِد له الأمير محمد بن سلمان، وفي الوقت نفسه لا يمكن لدولة مثل السعودية الإنكفاء الكامل عن الملفات السياسية في المنطقة، لأن ذلك يضعف نفوذها، فرأت أن الحل قد يكون عبر توكيل سوريا بعض الملفات الخلافية بين الرياض وطهران، وتحديداً الملف اللبناني، خاصة بعد تحسن العلاقات بين الخليج العربي وإيران، ما قد يساعد دمشق على لعب دور سياسي بارز بالتوازي مع تعافيها الإقتصادي، على أن تكون أولى إنجازات هذه العودة انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة اللبنانية ومعالجة ملف النزوح.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية وفق رؤيتها 2030 وموقعها العربي، لا يمكنها إلا أن تعود بقوة الى ملفات المنطقة وتحديداً لبنان، وما الإتصال الهاتفي من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأسبق سعد الحريري بعد قطيعة طويلة بدأت مع الاستقالة الشهيرة التي أعلنها الحريري من الرياض عام 2017، واستمرت مع إعلان الحريري تعليق نشاطه السياسي في لبنان، إلا دليل على رغبة سعودية بإعادة الحريري الى الحياة السياسية في لبنان لحفظ التوان السُنّي فيه بالتزامن مع التسوية الشاملة التي تتحضر في المنطقة والتي يجب أن يكون لبنان من ضمنها.