علم موقع الأفضل نيوز بأنّ معظم سفراء الدول الكبرى غادروا بيروت لقضاء إجازة الصيف، على أن يبدأون العودة تدريجياً ابتداءً من النصف الثاني من الشهر المقبل. وحتى حلول الموعد ستبقى الملفات الداخلية الأساسية، على رأسها الاستحقاق الرئاسي معلقةً، أو خارج الاهتمام الجدّي، رغم محاولات الإحياء الجارية على مقلب بعض القوى المحلية، التي تعتقد أنه وفي ظل حالة اللا-اهتمام السياسي الخارجي لهذا البند، في استطاعتهم تعبئة الوقت وتوفير شروط من الممكن عرضها على الطاولة بانتظار استئناف النشاط المعتاد.
لعل أفضل تعبير عن حالة المراوحة القائمة وصف المشهد الحالي لدى بعض الصالونات السياسية، حيث تأخد الجبهة الجنوبية الاهتمام مقارنة بملف رئاسة الجمهورية. وتبدو بعض المرجعيات منهمكة في تتبع مآلات المفاوضات الجارية في بعض العواصم بين المقاومة الفلسطينية وممثلين عن الاحتلال الإسرائيليّ ومستقبلها وإلى ماذا ستفضي، وسط اقتناع محلي بدا واضحًا من أن الملف الرئاسي بات في حكم المؤجل. وينقل زائر دائم لمرجعية أساسيّة استياء الأخيرة من غياب الحديث الجدّي حول الملف الرئاسي، وملاحظتها أن ما ينقل أو يطلق من مواقف لا يقدم جديداً بل أنه يأتي في سياق "تسجيل الموقف"، إذ لم ترصد أي تغيير على بنود النقاش الرئاسي منذ السابع من تشرين الأول الماضي بالحد الأدنى أو حركة من شأنها فكفكة عقد الاستحقاق، رغم تلميحها أن الذي يتغير يرتبط فقط بمسألة الحوار والدعوة إليه وما استدرجته الدعوة من تعليقات. وذهبت المرجعية إلى الاعتقاد بأنها، ووفق ما تمتلكه من معطيات، يبدو الجميع ينتظر ما ستسفر عنه المفاوضات الجارية في الإقليم، والمدى الذي سوف يبلغه العدو. هل أنه ماض إلى توسيع رقعة الحرب أم أنه سيلجأ إلى البقاء على النمط ذاته من العمليات، وإلى أي نتائج سيفضي ذلك، وكيف ستكون ردة فعل المقاومة، وهل من احتمال لتوفير دعم خارجي يترجم على شكل إشارات يمكن من خلالها الذهاب إلى انتخابات رئاسية جدية في ظل هذا الجو؟
في السياق نفسه يبدو أن من تبقى من سفراء الخماسية في بيروت مقتنعون تمامًا بأن دورهم الحالي مجمّد، ربما نتيجة غياب زملائهم الآخرين، أو لكونهم باتوا مقتنعين أن دور سفراء الخماسية في الداخل ضيق نسبياً، أو تم تضييقه، وليس في وسعهم زيادة ال"دوز" بما يختلف عن مضمون بيانهم الأخير في أعقاب آخر اجتماع عقد لهم في مبنى السفارة الأميركية، الذي اعتبر منذ ذلك الوقت بمثابة إعلان انتهاء جولات السفراء تجاه المرجعيات، وأن مهمتهم الجديدة سوف تنحصر في إطارِ تتبع ردات الفعل أو تولي أدوار فردية أو ثنائية، ولم يعد في إمكانهم تجاوز المفردات التي أدرجوها في بيانهم والتي باتت تمثل خطة العمل بالنسبة إلى المرحلة القادمة، ولا يسعهم سوى التشاور فيما بينهم، أو نصح بعض القوى السياسية في السر، أو دعوتهم للمشاركة في أنشطة، تبدو مشروطة في عدم الإفصاح عن أي موقف جديد، والالتزام بالبيان الأخير نفسه.
على أي حال تجتمع كل هذه العوامل لتساهم في تأخير احتمالية تعويم الملف السياسي ببعده الرئاسي. غير أن ما يمكن الالتفات إليه، المحاولات الجارية حالياً لإنعاش الحكومة من خلال بعض المسارات التي افتتحت مؤخراً، على شكل توفير تفاهمات حد أدنى لاسيما مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بما يفضي إلى عودة تدريجية للمشاركة في جلسات الحكومة أو أتاحت المجال لبعض الوزراء من أجل توسيع تنسيقهم مع رئيس الحكومة المصرفة للأعمال نجيب ميقاتي من ضمن صيغة معينة.