مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
كثرٌ من الأشخاص لا يعرفون أنّهم دخلوا مرحلة "الاحتراق الوظيفي"، لذلك جاءت بعض الحملات لتوعية الموظفين حول مخاطر الاحتراق الوظيفي وأسبابه وعلاماته.
فلماذا دخل معظم اللبنانيين في مرحلة "الاحتراق الوظيفي" وما علاقة الأزمة الاقتصاديّة بذلك؟
بدايةً، يشعر الموظّف بضعف الشّغف، والغياب المتكرّر أو التأخّر في الوصول إلى عمله. وعندما تتأثر علاقته بزملائه بالطريقة السّلبية، تتدنّى كفاءته بطريقة غير مباشرة ويصبح عاجزًا عن إتمام مهامه بالشكل الصحيح. وتتدهور أحيانًا الحالة ليصل إلى فقدانه الهمّة في تعامله بالشكل السّليم مع مديره والزبائن أيضًا.
وبشكلٍ أوضحٍ، عندما تشعر بأنّ طريق العمل أشبه بالمشنقة والموت، تكون في مرحلة "الاحتراق الوظيفي".
ما معنى الاحتراق الوظيفي؟
أدرجت منظّمة الصحة العالمية "الإجهاد النفسي الوظيفي" أو "الاحتراق الوظيفي"، ضمن قائمة التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض، حيث تم الاعتراف بهذه المتلازمة عالميًا عام 2022.
ومن أكثر التعريفات العلمية قبولًا واستخدامًا لمفهوم الاحتراق الوظيفي، تعريف "ماساك" و "جاكسون" (Maslach & Jackson, 1981) اللذان عرفاه بأنه: "إحساس الفرد بالإجهاد الانفعالي، وتبلد المشاعر، وانخفاض الإنجاز الشخصي".
وعرفه (فيدرابيسي، 1993م) (Pedrabissi et al., 1993) بأنه: "حالة تتسم باللامبالاة والانعزال والتجرد والسلبية في العلاقات الشخصية الناجمة عن الشعور بالضغوط النفسية التي يتعرض لها الفرد في عمله". (الهداب، المخلافي، 2020).
وغالبًا ما يُعدّ هذا الإرهاق متلازمة ذات أعراض واضحة مثل السلبية والشعور بالتعب وعدم الاكتراث للوظيفة وانخفاض الأداء في العمل. ويمكن أن يؤثر على حياة العمل والاقتصاد أيضًا.
وتوضّح كريستينا ماسلاش، أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنا، ومؤلفة كتاب "تحدّي الاحتراق" أنّ "الاحتراق هو رد فعلنا للضغط النفسي لضغوط العمل المزمنة. والتعافي منهُ هو المشكلة لأنّه الأصعب". وركّزت ماسلاش على انخفاض الكفاءة المهنية بما في ذلك صعوبة معالجة المعلومات واتّخاذ القرارات.
لبنان نال على المرتبة الثانية لجهة الإنهاك الوظيفي
كشف تقرير لـ"غالوب" تناول فيه حالة العمل العالمية للعام 2023 وجاء لبنان في المرتبة الثانية كأكثر بلد يكابد فيه الموظفين توترًا يوميًا وعصبية في مجال عملهم. وكأكثر بلد في الشرق الأوسط، يعاني العاملون فيه قلقًا يوميًا في نطاق الوظيفة. أمّا حالة الغضب اليومي في بيئة العمل لدى الموظّفين، فهي ثالث أعلى نسبة في المنطقة.
وارتكز التقرير على 3 مقاييس: مشاركة الموظفين، المشاعر السلبية اليومية وسوق العمل. وأشار إلى أنّ تدنّي مستوى مشاركة الموظفين في عملهم، والذي يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي، بحيث أنه يكلف 8.8 تريليونات دولار، أي حوالي 9% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وهو ما بيّن أنّ 44% من الموظّفين المستطلعين يعانون من توترات يومية في مجال عملهم. و21% هم في حالة غضب يومي، معتبرًا أنّ هذه المستويات قياسية بالرغم من أنّ العالم قد تعافى من جائحة كورونا عام 2022.
وأظهر التقرير أنّ 53% من الموظّفين للعام 2023، يبحثون عن عملٍ على مسافة قريبة من بيتهم (مقارنةً بـ45% عام 2021). في حين أنّ أكثر من 51% من الموظفين الحاليين يبحثون عن وظيفة جديدة. وتبيّن أنّ مشاركة الموظّفين في عملهم لها تأثير أكبر بـ3.8% أضعاف من أثر بُعد مسافة مكان العمل عن منازلهم.
الغضب اليومي في لبنان
تعود حالة الغضب اليومي في المؤسسات والمراكز والشركات اللبنانية إلى سببٍ أساسي يعيشه المواطن اللبناني، ألا وهو استغلال طاقة الموظّف والعمل ليلًا ونهارًا على تحطيمه. لذلك، في لبنان يقاسي الموظفون بحيث أنّ 67% منهم يعاني من هذه الحالة للأسف.
ومن المؤكّد أنّ الموظّف اللبناني لم يعد بعد اليوم، يؤمن بالعمل الجماعي والتوظيف داخل شركات لا تحترمه ولا تؤمّن له راتبًا عادلًا ولا معاملةً جيّدةً. سيّما الموظفة الأنثى التي تتعرّض يوميًا للاستغلال الجنسي من قبل مديرها، ولاستغلالٍ ماديٍ بحيث أنّ راتبها يقلّ أضعافًا عن راتب الذكور. ضف إلى ذلك الغيرة السلبية بين الموظفين، وانتشار آفة "الواسطة" في الشركات، من دون الالتفات أو الأخذ بعين الاعتبار كفاءة الموّظف.
لذلك، تحاول فئة الـgen z أن تؤسس لعملها الخاصّ ولو عن عمرٍ صغيرٍ، من دون الاعتراف بالوظيفة.