د. أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
تكثر التحليلات والتكهنات والتقديرات والقراءات وصولا إلى ما يُمكن تسميته "تبصيرات" من قبل البعض،حول الردود المحتملة أو المنتظرة من قِبل محور المقاومة وتحديداً الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق،وذلك على العدوان الصهيو-أميركي الذي أدى إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران،والقائد فؤاد شكر(السيد محسن) في الضاحية الجنوبية لبيروت وقصف جرف الصخر في العراق وميناء الحديدة في اليمن،وكل ذلك طبعاً في سياق المواجهة القائمة بين محور المقاومة وكيان الاحتلال منذ بداية عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 وحرب الإبادة التي يُمارسها جيش الاحتلال قي غزة.
وبمعزل عن كل التحليلات والتوقعات والتقديرات،فإن ما تم تسجيله منذ تنفيذ عمليتي الاغتيال والاستهداف لقوى وأطراف محور المقاومة وما تبعه من تحركات واتصالات واستنفارات على مستوى عالمي، يؤكد بأن الرد الآتي حكماً على هذا العدوان كما تعهد قادة المحور، هو رد متدحرج بمعنى أنه يتحرك بطريقة دائرية أو متعرجة أو مستمرة كما يتحرك بسرعة أو بطء، وفقاً للمعنى اللغوي للتدحرج.
وهناك العديد من الشواهد والأدلة والبراهين التي تدعم هذا الاستنتاج، سنكتفي بعرض البعض منها، حيث كشفت تقارير صهيونية أن رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وزوجته سارة،ونجلهما الأكبر، يائير، يخططون للبقاء في مخبأ تحت الأرض في القدس، والمخصص لكبار القادة، في حالة وقوع هجوم من إيران.
ونقل موقع "والا" الإسرائيلي،عن مصادر من بين مساعدي نتنياهو، أن سارة ويائير نتنياهو يبحثان إمكانية النوم هناك إذا هاجمت إيران، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأفاد التقرير أن المخبأ، الذي بُني منذ ما يقرب من 20 عامًا، يمكنه تحمل الضربات من مجموعة من الأسلحة الموجودة، ولديه قدرات القيادة والتحكم، ومتصل بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب.
وأضاف أنه لم يتم استخدام المخبأ،المعروف أيضا باسم "مركز الإدارة الوطني"، خلال الأشهر العشرة الماضية، من حرب إسرائيل في غزة.
وبينما وصف مكتب نتنياهو التقرير بأنه "كاذب"، أفاد التقرير نفسه بأنه تم بناء "مركز الإدارة الوطني" في تلال القدس،بتكلفة مليارات الشواكل، بعد انتهاء حرب لبنان الثانية في عام 2006، ولا يُعرف موقعه الدقيق وعمقه،وفي إمكانه استيعاب مئات الأشخاص، وهو مخصص للحكومة، وكذلك للهيئات المدنية الأساسية الأخرى.
ومن الشواهد والأدلة التدابير الاستثنائية والمشاورات الأمنية المفتوحة وحالة الاستنفار التي يعيشها كيان الاحتلال منذ تنفيذ تلك العمليات تحسباً للرد القادم من طهران وقوى المقاومة.
كذلك تحدثت وسائل إعلام صهيونية عن وثيقة وزعها جيش الاحتلال على رؤساء السلطات المحلية في الشمال تحدد سيناريوهات الحرب الموسّعة مع حزب الله.
وتتضمن الوثيقة انقطاع التيار الكهربائي لمدة 3 أيام في بعض المدن، وانقطاع إمدادات المياه التي قد تستمر لأيام، وقطع خطوط الهاتف الأرضي لمدة تصل إلى 8 ساعات،واتصالات الهاتف المحمول لمدة تصل إلى 24 ساعة، وانقطاعات محلية قصيرة في الراديو والإنترنت.
وبحسب الوثيقة، فإن نحو 40% من القوى العاملة قد لا تتمكن من العمل طوال مدة الحرب، وقد يصبح مقدمو الخدمات من خارج المناطق المتضررة غير متاحين طوال الوقت.
وبحسب الوثيقة سيتم إيواء الذين تم إجلاؤهم في فنادق، بعضها يأوي بالفعل أعداداً كبيرة من المستوطنين الذين تم إجلاؤهم من الشمال،إضافة إلى خطط لإقامة مدن خيام في الجنوب، بما في ذلك في مناطق مثل "تمناع"، شمال "إيلات" ومتنزه "إشكول" في النقب.
وفي السياق، تحدثت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية عن ترسانة حزب الله العسكرية قائلة إنّ لديه نسخة زهيدة من "الردع النووي" تتمثل في آلاف الصواريخ الأطول مدى، وأنه إذا أطلق جميع هذه الصواريخ في رشقات ضخمة فإنها ستطغى على الفور على الدفاعات الجوية الإسرائيلية،وستدمر المراكز السكانية والبنية التحتية في جميع أنحاء شمال إسرائيل بما في ذلك تل أبيب وحيفا.
هذه التقارير ،عززها كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله،خلال ذكرى أسبوع على اغتيال القائد فؤاد شكر،عندما قال:"إن الرد حتمي وسيكون قوياً وقاسياً، لأن ما جرى استهداف خطير لا يمكن أن تمر عليه المقاومة أياً تكن العواقب".
ومما قاله نصرالله في سياق الرد المتدحرج،كلامه عن الحالة النفسية والمتوترة لدى العدو على كل المستويات والوقوف على "رجل ونص أو رجل وربع" بانتظار الرد، وكذلك تركه وتلميحه إلى كل الاحتمالات حول الرد المشترك أو المنسق أو حتى المتفرق من قبل قوى المقاومة.
إلا ان النقطة ربما الأهم التي برزت في خطاب السيد نصرالله، تلك التي عدد فيها عشرات المصانع الكبرى التي بناها الاحتلال في مناطق شمال فلسطين المحتلة على مدى سنوات والتي تبلغ كلفتها أكثر من نحو 160 مليار دولار، والتي قد يتم تدميرها خلال ساعة أو نصف ساعة من قبل المقاومة.
بالموازاة، جاء انتخاب القيادي يحي السنوار خلفًا للشهيد إسماعيل هنية في رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، من ضمن الرد المتدحرج على الاحتلال، سيما وأن هذا القرار الذي اتخذ بالإجماع شكل صفعة كبيرة لقادة الكيان الصهيوني نظرا لرمزية وموقع ودور السنوار في عملية طوفان الأقصى المستمرة منذ ١٠ أشهر.
هذه بعض الأدلة التي تُشير إلى الرد المتدحرج من قبل المحور على العنجهية والحماقة التي ارتكبها الاحتلال ورئيس وزرائه الذي يبدو أنه أصيب بجنون العظمة بعد حفلة التصفيق التي شهدها في الكونغرس الصهيو -أميركي.