عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
جملة تطورات حصلت خلال الساعات الماضية تعطي انطباع بأن المنطقة ذاهبة نحو العسكرة، وإن الوقت الحالي ليس وقت التسويات أو الصفقات إنما تحسين الشروط والمواقع.
أولى التطورات جاءت من جانب حزب الله، الذي أقفل خطوطه بعيد اغتيال أحد كبار قادته العسكريين في الضاحية (الحاج فؤاد الموسوي)، وأبلغ بأنه ليس في وارد التفاوض والكلام للميدان، بما يعني أن الحزب ذاهب نحو تنفيذ رده من دون إلزام نفسه بتوقيت معين. وفي المعلومات، أن حزب الله أعاد تفعيل جميع السيناريوهات للتعامل مع التطورات، بما في ذلك الذهاب إلى توسيع الحرب حيث تبقى احتمالاً قائماً ربطاً بالرد الذي سوف يقوم به ودرجة الرد الإسرائيلي عليه إذ تسوق تل أبيب أنها ستتعامل مع أي حدث أمني.
ثاني التطورات أتى من جانب حركة حماس، التي قامت بإغلاق الفجوة التي تسبب بها اغتيال رئيسها إسماعيل هنية في طهران، من خلال تكليف رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار كي يكون قائداً عاماً. ومن اللافت أن القرار حظي بإجماع حتى من أشخاص يصنفون على أنهم من تيار آخر.
من القراءات التي كرّسها هذا التطور، ما يتصل بتقدم الحضور الإيراني داخل الحركة على حضور الأذرع الأخرى، القطرية والتركية. وانطوى القرار على رسائل بالجملة، بما في ذلك أن الحركة أصبحت تُقاد من غزة، وإن التلازم أصبح واضحاً بين المسارين العسكري والدبلوماسي، فيما التفاوض ربطاً بهذه التطورات أصبح معلقاً، على اعتبار أن السنوار يعطي الأولوية للميدان، بالإضافة إلى أنه لم يعين لغاية الآن المفاوض الرسمي باسم الحركة.
العلامة الثالثة تتصل في الموقف الإيراني حيث أن طهران معنية جداً بالحدث وبالرد.
خلال الأيام والساعات الماضية أعاد القادة الايرانيون تكرار جملة واحدة، أن الرد آتٍ وإن إيران هي المعنية بتحديد توقيته.
يفهم من هذا الكلام أن طهران سوف تشكل القائد لعملية الرد، بينما تتحدث مصادر أخرى عن أن هذا الكلام يعني الشق الردّي المتعلق في الإيرانيين وليس غيرهم، مع التشديد على التنسيق المباشر بين أفرع محور المقاومة في المنطقة.
من اللافت أيضاً الكلام الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني بالوكالة، علي باقري قني، من أن إسرائيل اغتالت هنية في طهران بدعم أميركي، وهو كلام في منزلة توجيه اتهام لوشنطن بالاعتداء على السيادة الإيرانية.
مثل هذا الاتهام يرتب رداً إيرانياً على واشنطن أيضاً، تعتقد أوساط متابعة أن تصريفه لن يكون عسكرياً بل دبلوماسياً من خلال تجميد إيران المفاوضات التي تجري مع مندوبين عن الولايات المتحدة في عمان.
تعتقد المصادر أن الوقت الحالي ليس وقتاً للتفاوض طالما أن واشنطن منغمسة إلى حدٍ كبير في التحركات الأمنية لإسرائيل، بدليل زيارة قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال كوريلا إلى تل أبيب واللقاءات التي جمعته مع قيادات عسكرية إسرائيلية، والرسالة التي أبلغها، ومن ثم انتقاله إلى غرفة العمليات التي تدير الحرب في قطاع غزة.
أيضاً، تعتبر إيران أن القيادة الديمقراطية الحالية التي يمثلها الرئيس الأميركي جو بايدن باتت من دون تأثير بفعل انسحاب الأخير من السباق الرئاسي وتسليمه بأن أصبح خارج اللعبة أو مستقبلها من أدوارها، ويثبت يوم بعد آخر انعدام وزنها السياسي. فلماذا تهرع إيران إلى توقيع اتفاقية مع إدارة بايدن، طالما أن ظروف هذه الاتفاقية غير ناجزة بعد، أو أنها على المدى البعيد لن تكون في مصلحة إيران، حيث أن أي إدارة أميركية مقبلة ستعيد طرحها على الطاولة كما سبق وفعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وإذ كان ولا بد من اتفاقية، تقوم إيران بإبرامها مع القيادة الجديدة، أو تعمل على دعم الآن على شبك تفاهمات مع الديمقراطيين علهم يصلون إلى البيت الأبيض مرة أخرى.
ما يظهر في المنطقة بشكلٍ واضح، من بينها التطورات الدبلوماسية الحاصلة في لبنان ورسائل الموفدين الذين يأتون إلى بيروت وآخرهم الوفد البريطاني، كلها تجمع على أن المنطقة دخلت في حالة الحرب نظرياً، وإن كل تصرفات الأفرقاء سواء الداخليين أو الخارجيين تنحو في هذا الاتجاه، وإن الدبلوماسية، على ما يظهر، لم تعد تؤد أي أدوار إيجابية أو ناجحة، بدليل غياب الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين عن الساحة منذ حدوث الغارة على الضاحية الجنوبية قبل أسبوعين.