ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
في ظل الجمود السياسي الداخلي، الذي خرقته حركة السفير المصري الرئاسية المرتكزة إلى "معطيات ما"، وفي انتظار فصل الكلام من السبت والأحد من عين التينة ومعراب، يتصاعد جبل الاضطراب الأمني ليتسيّد مشهده صدارة ساحة الأحداث بقوة، من الجنوب إلى الوسط فالشمال، وبالعكس، ففي الأولى تدحرج متصاعدًا في العمليات العسكرية، كما ونوعًا وأهدافًا، وفي الثانية، تحركات واضطرابات، مذهبية الوجه طورًا ومطلبية الشعارات، بعنف، تارة، في وقت تعجز فيه السلطات المعنية عن سد الثُغرات أقله لجهة إنجاز خطة طوارئ حكومية واقعية "عا قد بساط الحكومة"، تواكب أوضاع البلاد والعباد مع ما قد تحمله الأيام المقبلة معها، بعدما تقاطعت مصالح “الأعداء”، لتترجم مزيدًا من التأزيم والتعقيدات.
مصادر سياسية على تواصل مع الإدارة الأميركية كشفت، أن الجو الأقرب إلى الواقع في واشنطن لدى الجمهوريين كما الديموقراطيين، فيما خص لبنان وملفاته بدأ "يتقاطع" عند مجموعة من النقاط والملفات الأساسية، وسط إقرار مسؤولين من الحزبين، أنه من غير الوارد أن يكون لبنان مطروحًا على الطاولة في أي مفاوضات قادمة، نظرًا لأهميته الاستراتيجية، مع عودة الصراع الدولي، والسعي الروسي والإيراني للوصول إلى مياه المتوسط، متوقفين عند أمرين أساسيين:
– التداعيات السياسية للعملية العسكرية في غزة والتي ستستمر حتى نهاية العام، وإن بأشكال مختلفة، ستكون حكمًا لمصلحة المشروع الأميركي في المنطقة، وبالتالي فإن التسوية على الأرض وشروطها في الجنوب اللبناني، ستكون نسخة طبقة الأصل عن الترتيبات التي سيشهدها قطاع غزة، من هنا فإن روحية القرار 1701 باقية، أما نصوصه التطبيقية فستتغير، وهو ما بدأ فعلًا التحضير لأرضيته في نيويورك، رغم الصيغة التي اعتمدت عند التجديد هذه المرة.
فالطريق الوحيد لإبقاء القرار 1701 نافذ المفعول، والانتقال من مرحلة "وقف العمليات العدائية" إلى "الوقف الدائم لإطلاق النار"، وفقًا لأوساط سياسية دبلوماسية لا يمكن أن يكون إلا في حال العودة إلى روحية هذا القرار ومحاضر المفاوضات التي رافقت إقراره، بعيدًا عن اللغة العربية ومفرداتها، التي صيغت لإضفاء طابع ديبلوماسي على القرار يومذاك برغبة دولية، وإلا فإن الأمور ذاهبة نحو تعديلات جذرية على صيغته إن لم يكن تطييره.
وفي هذا الإطار، تؤكد الأوساط على أن ما يطرح في أروقة مجلس الأمن لجهة حرية حركة القوات الدولية، وسحب حزب الله لمقاتليه غير الجنوبيين، وتفكيك قواعده ومراكزه العسكرية وتسليم خرائط الأنفاق، توازيًا مع انسحابه لما بعد شمال الليطاني، هي مطالب أميركية، ومنطلق لأي تسوية بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة.
– استنادًا إلى النقطة الأولى، فإن هذه التسوية الحدودية تفترض وضعًا سياسيًّا وتسوية داخلية تحفظها، أقلها توازن في الحكومة وبيانها الوزاري يسقط الثلاثيات المعهودة، وهو أمر يحتم تعليق انتخاب رئيس للجمهورية إلى حين "تستوي طبخة الحلول" على يد طباخها الأميركي، مع ما يعنيه ذلك من سقوط لأسماء كل المرشحين وانطلاق رحلة البحث عن أسماء جديدة من خارج النادي القديم، تتمتع بمواصفات تتطابق والتغييرات القادمة، فظروف المعركة الراهنة أخرجت الجميع من اللعبة، باستثناء واحد، بحكم "البروفايل" الذي يتمتع به، إذا ما أجاد الحفاظ على بقائه المسافة الكافية التي تقيه الاحتراق.
وتابعت المصادر أن لا رحلات دولية إلى بيروت لموفدين أو مبعوثين دوليين، في الوقت الراهن، بعدما أنجزت المهمات المطلوبة كلها، وبعد الاصطفاف الأوروبي والدولي والعربي، خلف الخيار الأميركي، ذلك أن لعبها في الوقت المتبقي من ولاية الرئيس بايدن من خارج العباءة الأميركية، سيعرّض مصالحها لأضرارٍ كبيرة.
واعتبرت المصادر، أن خطورة الرؤية الأميركية الجديدة، تكمن في التوحد الديموقراطي والجمهوري حولها، حيث يرى أحد أبرز الصقور الجمهوريين أن عهد أوباما في السلطة "خربط" التوازنات في المنطقة، ومنها لبنان، معتبرًا أن خروج بايدن اليوم سيسقط قواعد اللعبة القائمة، لأن توجه الإدارة الجمهورية المقبلة واضح في ما خص لبنان، إذ لن يكون لواشنطن شريك فيه، فبيروت كما كانت شريكًا استراتيجيًّا في الحرب على الإرهاب، هي ضرورية أساسية للأمن القومي الأميركي، حيث لم يفقد لبنان أهمية دوره الجغرافي رغم كل ما يقال، وبالتالي بات المطلوب "استكمال الهدم لإعادة البناء من جديد على أسس صحيحة"، على ما يردد وزير الخارجية السابق مايك بومبيو.
وختمت المصادر، بأن التصور الأميركي مبني راهنًا على أن القيادة الإيرانيّة الجديدة مضطرة بحكم الأمر الواقع للذهاب نحو مزيد من الليونة، وهو ما بدأت تعبر عنه، وفقًا لما بينته الأيام الماضية، في موازاة "فورة" اليمين الإسرائيلي، والتي أعطت إشارة الانطلاق للانتقال إلى المرحلة الثانية في الصراع الخفي الأميركي – الإيراني، والذي سيتجلى حملات عسكرية وأمنية، أبعد من حدود لبنان، مع وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض.