ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
في كلمته الأخيرة، كشف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، عن أن الحزب بدأ التحضير للانتقام، ولكن هذه المرة ضمن الدائرة الضيقة جدًّا.
عبارة كانت كافية على ما يبدو لدفع "إسرائيل" للتحرك وفقًا للسيناريوهات التي سبق لها وضعها، وتفعيل عملياتها الاستعلامية جويًّا وأرضيًّا، وهو ما أوصلها إلى رأس الخيط، الذي قادها إلى توجيه واحدة من أقسى الضربات العسكرية، فيما أعطت رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نقطة أميركية إضافية لصالحه، بدت ظاهرة في التحاليل الإعلامية الأميركية.
وفي هذا الاطار، يبدو أن "إسرائيل" تمكنت من معرفة طبيعة الانتقام، وماهية العملية التي ينوي الحزب تنفيذها، فقامت بتوجيه ضربتها لتصيب عصفورين بحجر واحد: إحباط هجوم الحزب الانتقامي، والتخفيف من قدرة الرضوان على التحرك كوحدة خاصة، في حال قررت "تل أبيب" المناورة في الجنوب اللبناني.
فما الذي كان يخطط له الحزب؟ ولماذا خاطر "الإسرائيليون" بشِّ تلك العملية في الزمان و المكان؟
وفقًا لما جرى تداوله، أوكلت قيادة حزب الله منذ فترة إلى قوات الرضوان، بوضع خطة للدخول إلى منطقة الجليل، معتمدة سياسة إعلامية مضللة من نشر لسيناريوهات وأسماء وحدات، فيما تقوم الخطة الأساسية، على خمس مراحل، على ما كشفتها مصادر استخباراتية منذ مدة:
- المرحلة الأولى تتولاها وحدات نصر وعزيز (اغتيل قائدي الوحدتين)، وهي وحدات منتشرة حاليا على طول الحدود، مهمتها التمهيد الناري من خلال استخدام صواريخ كثيفة وقذائف الهاون، فضلًا عن تحييد أجهزة المراقبة على طول الحدود باستخدام نيران القناصة، والطائرات بدون طيار الانقضاضية – الانتحارية (تحت مسؤولية الوحدة الجوية)، ونيران الصواريخ المضادة للدروع.
- المرحلة الثانية تتولاها وحدة الرضوان، من خلال اقتحام الحاجز الحدودي الفاصل في كامل القطاع، واختراقه في نقاط مختلفة وبوسائل مختلفة من العبوات الناسفة القوية، وربما حتى الأنفاق المفخخة العابرة للحدود.
- المرحلة الثالثة اقتحام مجموعات من الرضوان سيرًا على الأقدام وبمركبات، معظمها دراجات نارية ومركبات رباعية الدفع فوق الأرض، للتجمعات والقواعد العسكرية "الإسرائيلية" على طول منطقة الخرق، تمهيدًا للوصول إلى أهداف في العمق، دون إسقاط نظرية وجود الأنفاق الهجومية لاستخدامها في هذه المرحلة.
- المرحلة الرابعة السيطرة على القواعد والمواقع وتنفيذ عمليات القتل وأخذ الرهائن والأسرى، ونقلهم إلى الداخل اللبناني، مع التركيز على العسكريين.
- المرحلة الخامسة تعزيز النقاط المحتلة وتجهيزها بالمضادات للدروع والمضادات الجوية الخفيفة والقناصة، تمهيدًا لصد أي هجوم "إسرائيلي" مضاد، على أن يكون للوحدة الجوية في الحزب، مهمة مواكبة العملية واستخدام الطائرات بدون طيار، لجمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الهجمات عبر طائرات انتحارية بدون طيار، وعلى أن تبقى وحدتي نصر وعزيز، كوحدات احتياط حسب الحاجة خلال المراحل المذكورة أعلاه.
ووفقًا لما تم تداوله خلال الساعات الماضية، فإن الاجتماع الذي عقده قادة الرضوان في إحدى غرف العمليات المحصنة التابعة للقوة، كان هدفه مراجعة تلك الخطة وإدخال التعديلات عليها، بعد انكشاف تفاصيلها، تمهيدًا لتلبية نداء أمين عام حزب الله الذي تحدث فيه "عن رد تعده الدائرة الضيقة"، والذي كان سيكون عبارة عن اقتحام لنقطة معينة على الحدود، بهدف أسر جنود وتوجيه رسالة ردع في مواجهة التهديدات "الإسرائيلية"، بتنفيذ عملية عسكرية برية وخلق حزام حدودي جديد.
مصادر مواكبة أشارت إلى أن حزب الله ورغم الضربة الكبيرة التي ألحقتها الغارة "الإسرائيلية" بقيادة الرضوان، لا زال قادرًا على تنفيذ نيته بالتسلل إلى الجليل وإن بشكل جزئي. وفي الظروف الحالية، مع خلو المجتمعات السكنية وانتشار القوات "الإسرائيلية" بقوة متزايدة، فمن غير المرجح أن يحاول حزب الله تنفيذ خطة الغزو بأكملها، إلا أن ذلك لا يلغي فرضية قيام قوات أصغر من وحدة الرضوان (100-200) باختراق منطقة إقليمية أكثر تركيزاً، مستفيدة من التضاريس والتركيز على المناطق التي يجد "الإسرائيليون" صعوبة في الدفاع عنها، نتيجة وجود فجوة في انتشاره.
وتابعت المصادر أن الضربة "الإسرائيلية" جاءت أيضاً نتيجة معرفة "الإسرائيليين" بأن أي مناورات سيعتمدها داخل لبنان، ستدفع بحزب الله إلى تفعيل وحدات الرضوان بشكل كامل، باستخدام عمليات كوماندوس في عمق الأراضي اللبنانية ووراء الخط الأزرق، لدفع الجيش "الإسرائيلي" إلى معركة دفاعية بدلاً من الهجومية. من هنا كان قرار ضرب الرضوان وشل منظومة قيادتها، وهو ما قد يترك أثرًا استراتيجيًّا على مسار العمليات الإسرائيلية في المرحلة القادمة.
فهل نجحت "إسرائيل" في إبعاد كأس اقتحام الجليل؟
الأيام والليالي والأشهر وربما السنوات، ستكون لها الكلمة الفصل.