طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
خلاصة ما انتهت إليه مهمة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت كما حددها مصدر واكبها أن الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي وأن المؤشرات الأولية إلى إمكانية حصول اتفاق على وقف النار وتنفيذ القرار 1701 هي مؤشرات إيجابية لكن قد يتطلب الأمر بعض الوقت ربما أسبوعًا لأن المسألة ترتبط بما سيكون عليه موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكيف سيتصرف في ضوء الخشية من تصرف بالطريقة التي يعتمدها إزاء مشاريع اتفاقات وقف النار المتلاحقة مع حركة حماس في قطاع غزة.
ويقول المصدر أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر المفاوض باسم نتنياهو والمطلع على كل التفاصيل من واشنطن إلى تل أبيب وما بينهما كان أول الذين التقاهم هوكشتاين لدى وصوله إلى تل أبيب آتيًا من لبنان ويفترض أن يكون قدم له كل المعطيات قبل أن يستقبل الموفد الأميركي. لكن استمرار التصعيد الإسرائيلي في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع قصفًا جويًا تدميريًا مترافقًا مع محاولات التقدم البري على الحدود الجنوبية يطرح علامات استفهام حول مدى استعداد إسرائيل للسير في الاتفاق مع لبنان من عدمه. علمًا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وعلى رغم من مفاوضاته الشاقة مع هوكشتاين والتي أشيع قال الأخير عنها إنها "كانت إيجابية وبناءة"، وأن "الحل بات قريبًا من أيدينا"، يتعاطى بحذر شديد بالنظر إلى تجربة غزة حيث أن نتنياهو أحبط كل مشاريع اتفاقات وقف إطلاق النار التي طرحت في شأنها حتى الآن، فضلا تنصله من المبادرة الدولية العربية التي أطلقت من نيويورك في أيلول الماضي وقالت بوقف إطلاق النار في لبنان وتنفيذ القرار 1701 بعد أن وافق عليها.
ويشير المصدر إلى أن النقطة الأساسية لم تحسم بعد هي ما يطالب به الإسرائيلي من حرية حركة عسكرية ضد حزب الله في حال عدم التزامه بالموجبات العسكرية التي يفرضها عليه القرار ،1701 أو أن تقوم القوة الأجنبية التي يقترح أن تشرف على تنفيذ القرار 501 بناءً على طلب تل أبيب.
ويقول المصدر أنه ضمن البراغماتية التي يتعاطى بها حزب الله فإنه متجاوب مع مبدأ التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، لكن لا يمكنه أن يقبل بهذا الشرط الإسرائيلي الذي ينال من السيادة اللبنانية وهو في حال إصرار الإسرائيلي عليه فأن لا مشكلة لديه في أن تستمر الحرب لأنه لم يعد لديه أي شيء يخسره بعد كل ما جرى عليه ومعه، وأن الاستنزاف في هذه الحال سيكون مؤذيًا للإسرائيلي خصوصا مع الدخول في فصل الشتاء حيث سيكون الوضع العسكري في غير مصلحة تل أبيب. ولذلك فإنه المطروح على الإسرائيلي الآن هو التجاوب والتزام تنفيذ ما عليه من موجبات يحددها القرار 1701 كما هي من دون زيادة أو نقصان.
أما الموقف الأميركي، يضيف المصدر، فيفترض أن يتبلور خلال أيام في اعتبار أن مهمة هوكشتاين منسقة في ضوئه، بما يكشف مدى جدية الجانب الأميركي في الدفع إلى حصول التسوية من عدمه في الوقت الذي يبدو أن الموقف الإسرائيلي متضارب، فمع وصول هوكشتاين إلى لبنان راح الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن تسوية وشيكة مع لبنان فيما يسود داخل الكابينت أو "حكومة الحرب" غالبية تؤيد وقف الحرب والدخول في تسوية باستثناء الوزيرين المتطرفين إيتمار بت غفير وبسلئيل سموتريتش أعلنا معارضتهما لهذه التسوية مع فارق أنهما لم يهددا هذه المرة بالاستقالة من الحكومة مثلما فعلا في المواقف التي اتخذاها في شأن التوصل إلى تسوية أو صفقة مع حركة "حماس" في قطاع غزة، ما يعني، في رأي البعض، أن موقفهما هذا يعزز الحديث عن الوصول إلى تسوية مع لبنان.
ويرى المصدر أن تعاطي نتنياهو مع لبنان قد يكون مختلفًاعن تعاطيه مع غزة إذ يمكن أن يمضي في اتفاق مع لبنان على تنفيذ القرار 1701، مقدمًا مبادرة حسن نية إزاء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في مقابل أن يرد له الأخير التحية بمثلها لاحقا في موضوع غزة وفي الشرق الأوسط ومواجهة إيران تحديدًا.
وهذه القراءة يرجحها المصدر بقوة، لكن لن يصدر أي شيء نهائي عن الجانب الإسرائيلي قبل مرور أسبوع من المد والجزر وشد الحبال قبل الدخول في التسوية الموعودة ما يعني أن إسرائيل يمكن أن تسلف ترامب اتفاقا مع لبنان في مقابل أن يقدم لها الدعم في شأن استكمال عمليات التطبيع مع بعض الدول العربية، خصوصا وأن مشروع ترامب المسمى "صفقة القرن" الذي كان بدأه في ولايته السابقة سيستأنفه على ما يبدو في ولايته الجديدة، وطبيعي أن من مصلحته أن لا تدخل المنطقة في حرب مفتوحة من شأنها أن تعرقل إنجاز هذه الصفقة. ولذلك يقول المصدر أن التقديرات كبيرة بحصول اتفاق على وقف النار في لبنان وتنفيذ القرار 1701 وذلك في ضوء ما أعلنه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والذي وجد فيه البعض نوعا من "تسليف مسبق" على المستوى الداخلي اللبناني ودور حزب الله يمكن أن ينظر إليه بايجابية الأميركيون وكل العواصم العربية والأجنبية المهتمة بلبنان. وقد استدل المصدر إلى هذا التسليف من خلال النقاط الأربعة التي ختم به قاسم كلمته الأخيرة وهي الآتية:
"ـ أولًا: سنبني معًا بالتعاون مع الدولة وكل الشرفاء والدول والقوى التي ستساعد من أجل إعادة الإعمار إن شاء الله تعالى ويعود كل لبنان أجمل وأفضل.
ـ ثانيًا: سنقدّم مساهمتنا الفعّالة لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستوريّة.
ـ ثالثًا: ستكون خطواتنا السياسيّة وشؤون الدولة تحت سقف "اتفاق الطائف" بالتعاون مع القوى السياسيّة.
ـ رابعًا: سنكون حاضرين في الميدان السياسي بقوّتنا التمثيليّة والشعبيّة وحضورنا الوازن لمصلحة الوطن لنبني ونحمي في آن معًا".
ويستدل من كل هذه المعطيات أن ورشة للحل السياسي الداخلي ستنطلق فور توقف العدوان الإسرائيلي والاتفاق على تنفيذ القرار 1701 لتبدأ رحلة خروج لبنان إلى آفاق الانفراج.