حمل التطبيق

      اخر الاخبار  ترامب: سنفرض رسوما جمركية بنسبة 30 % على الجزائر والعراق وليبيا   /   ‏رئيس وزراء مصر: شبكة الاتصالات بدأت تعود إلى العمل اليوم   /   سلطات ولاية تكساس الأميركية: عدد قتلى الفيضانات في مقاطعة "كير" يرتفع إلى 95   /   القوات المسلحة اليمنية: استهدفنا السفينة إترنيتي سي بزورق مسير و6 صواريخ ما أدى لغرقها   /   إعلام إسرائيلي: إصابة عدد من المستوطنين في عملية دهس قرب طبريا   /   ‏مندوبة الولايات المتحدة: يجب إدانة انتهاكات إيران لقرارات المجلس بحظر توريد السلاح   /   ‏العقوبات الأميركية الجديدة على إيران استهدفت 22 كيانا لدورهم في بيع النفط الإيراني   /   ‏لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع الأميركي في وزارة الدفاع الأميركية   /   ‏مندوب الصين: نطالب الحوثيين بالامتناع عن استهداف السفن التجارية   /   ‏مندوبة بريطانيا: ندين الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر   /   اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التربية أرجأت جلستها المقررة غدا إلى موعد لاحق   /   ‏قيادي في حماس: غزة مفتاح "صفقة شاملة" بين ترامب ونتنياهو   /   ‏قيادي في حماس: جميع نقاط الخلاف في مفاوضات الدوحة مازالت قائمة   /   تصادم بين مركبتين على طريق ‎بسوس باتجاه ‎الكحالة الأضرار مادية و‎حركة المرور كثيفة   /   ‏الأمم المتحدة: حالات الكوليرا في اليمن تراجعت بنسبة 70 % عن العام الماضي   /   مسيّرات إسرائيلية نفّذت غارات على الصبورة ويعفور في ريف دمشق   /   ‏الأمم المتحدة: الحل السياسي السبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل لشعب اليمن   /   حماس: الجرائم المتواصلة في الضفة تستوجب تحركا دوليا فاعلا لوقفها وإنهاء الاحتلال ومحاسبة قادته   /   الرئيس عون عاد إلى بيروت بعد زيارة رسمية إلى قبرص   /   الخزانة الأميركية: أميركا تفرض عقوبات إضافية مرتبطة بإيران   /   ‏ترامب: معدل الفائدة أعلى من الوضع الطبيعي بـ 3 نقاط   /   حماس: تصعيد الاحتلال هدم المنازل في الضفة الغربية تأكيد جديد أنه ماض في حربه الشاملة ضد الوجود الفلسطيني   /   اندلاع حريق كبير في حارة صيدا في منطقة تلة مارالياس   /   قيمة إنفيديا السوقية تصل إلى 4 تريليونات دولار   /   ‏الجيش الإسرائيلي: فرقة لواء جفعاتي القتالية بدأت تطويق بيت حانون   /   

لماذا يطلق عليه "جيش الدفاع الإسرائيلي"؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


د.علي ناصر ناصر - خاص الأفضل نيوز 

 

هل هو جيش دفاع حقاً؟

 

تعكس أسماء الجيوش في العالم ثقافة الدولة ونهجها التاريخي وتطلعاتها، وهو بالضرورة يمثل ويحقق أحد وظائف الدولة. في الواقع، يظهر اسم "الجيش العربي السوري" بصفته يعكس الاتجاهات الثقافية والانتماء العميق للعروبة التي تمثله الدولة السورية. وفي السياق نفسه يمثل "جيش التحرير الشعبي الصيني" النسق التمثيلي الشعبي للجيش، أي هو "جيش الشعب" وكلمة تحرير تحدد وظيفة الجيش الرئيسية عند تأسيسه عام 1927 وهي تحرير الصين من القوى الأجنبية. ومعظم الجيوش في العالم تحافظ على المعنى البسيط للاسم المتمثل فقط بالدولة التي ينتمي إليها مثل "الجيش المصري"، الجيش الفرنسي"، "والجيش اللبناني". يطرح اسم "جيش الدفاع الإسرائيلي" إشكالية التسمية، والاسم له دلالته الرمزية والمعنوية التي تحاول الصهيونية خلقها في الخيال العام للشعوب، والصهيونية تعمل بشكل مقصود ومباشر على الدلالات والرموز التي تؤمن بها وتخلق السرديات حولها، وهذه هي حالة الأسماء التي تطلقها على الأماكن والمؤسسات في فلسطين المحتلة.

 

الأسس الأخلاقية "للجيش الإسرائيلي"

 

لماذا تم اختيار كلمة "دفاع" ليتم لصقها بالجيش الإسرائيلي؟ وما هي الدلالات التي يحملها هذا الاختيار؟ تشير جميع المصادر التاريخية أن الجيش الإسرائيلي تأسس بفعل اندماج للعصابات الصهيونية التي كانت تعمل على ترويع الفلسطينيين، وترتكب المجازر بحقهم، وتقوم بطردهم من أراضيهم، والدفع باليهود للهجرة إلى فلسطين، وبناء المستوطنات واخطر تلك العصابات كانت "الهاغانا"، "وشتيرن"، "الأرغون"، "والبالماخ"، وتم دمجها جميعها لتشكل "جيش الدفاع الإسرائيلي" في 26 أيار/مايو 1948 بقرار صادر عن "ديفيد بن غوريون" أول رئيس وزراء إسرائيلي. في المحصلة انبثق "الجيش الإسرائيلي من عصابات مسلحة ارتكبت المجازر ونفذت جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وأسست تلك العصابات مجموعة القيم والسلوكيات الأخلاقية "للجيش الإسرائيلي والتي ظهرت واستمرت في كافة الحروب التي خاضها فيما بعد، وتظهر الآن بشكل جلي في غزة ولبنان.

 

الصهيونية والتلاعب بالمصطلحات

 

استخدمت الصهيونية اسم "جيش الدفاع الإسرائيلي" في موازاة محاكاتها للتاريخ حيث اليهود يتعرضون دائماً للاعتداء من قبل الآخرين وانهم في موقع الدفاع المستمر عن النفس، والسردية هذه في الحقيقة تحاكي المستقبل عبر توجيه تلك المفاهيم للرأي العام في العالم وخاصة الغربي. يأتي ذلك ضمن هذا السياق من التضليل وتوجيه الرأي العام والذي لم يقتصر على المضمون بل بالشكل والأسماء التي توضع لها شعارات ورموز للترسخ أكثر في الوعي الجمعي. من هنا استخدمت عبارة "جيش الدفاع الإسرائيلي" حيث كلمة "دفاع" تؤشر إلى أن إسرائيل تتعرض إلى اعتداءات وهجوم من الخارج ويفترض أن" ندافع عن أنفسنا في وجه ذلك" وعليه "يحب أن نطور قدراتنا العسكرية"، إضافة إلى ذلك، تحمل عبارة "الدفاع" سياق الظلم والعداء من قبل الآخرين، والآخرين هنا هم الفلسطينيون والعرب والآن هي المقاومة سواء في لبنان وفلسطين.

 

وفي السياق نفسه بُررت جميع الحروب الإسرائيلية واعتبرت عملية دفاع عن النفس وهذا ما تتبناه وتسوقه الولايات المتحدة وتردده الإدارة الأمريكية عند كل صفقة سلاح أو موقف سياسي بينما الحقيقة أن جميع الحروب التي شنتها إسرائيل هي حروب هجومية هدفها التوسع ومنع الدول والمجتمعات المحيطة بالكيان الصهيوني من التقدم والتطور، ورغم أن جميع هذه الحروب ارتكبت فيها إسرائيل مجازر وأعمال قتل وإبادة جماعية. والجدير بالذكر، أن الدفاع نفسه عمل مشروع تسمح به كل الشرائع الدولية، وأن الدولة، حسب الصهيونية، التي تأسست عام 1948 لا تسعى إلى التوسع والهجوم، وأن الفلسطينيين والعرب الذين اقتلعناهم من أرضهم، عندما يحاولون استعادة تلك الأراضي يقومون باعتداءات علينا، لذلك نحن في موقع الدفاع. وتقدم هذه السردية ضمن سياق إعلامي توضع له أطر أخلاقية ودعائية عالية التكلفة المهنية، ولكنها في النهاية تؤدي إلى عملية تشويه للبنى الإنسانية الأخلاقية حيث لا تتوانى الحركة الصهيونية عن التلاعب بالأسس الإنسانية من أجل تحقيق أهدافها.

 

يظهر التلاعب بالحقائق من خلال الأدبيات التي تظهر على لسان الشخصيات الصهيونية، حيث يتم قلب الحقائق من خلال الترويج أن جميع الحروب التي تخوضها إسرائيل هي دفاعية من اجل البقاء، وأن الهجوم العسكري التي تقوم به إسرائيل هو في السياق الدفاع عن النفس، وتقدم سرديتها الإعلامية على هذا الشكل تماماً كما قالت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير بأنها "لن نغفر للعرب لانهم يجبروننا على قتل أطفالهم" أي أن "غولدا مائير" تقتل الأطفال الفلسطينيين والعرب وتحملهم مسؤولية جريمتها، يعني انه يجب أن نحاكمهم هم وليس هي، تلك السردية التي لا تخطر على بال الشياطين تملك الصهيونية الوقاحة في الترويج الإعلامي لها. لقد استخدمت الصهيونية التضليل في الشكل والمضمون في الاسم والمحتوى من أجل السيطرة على الرأي العام وإدارته والتحكم به. 

 

النخبة القانونية الدولية وتعرية المصطلحات الصهيونية

 

علاوة على ذلك، إن وجود إسرائيل نفسه هو عمل "هجومي" نفذته بريطانيا عبر الحركة الصهيونية وتتبناه الولايات المتحدة الأمريكية حالياً، والحرب التي خاضها العرب عام 1948حتى عام 1949 كانت حرب دفاعية ضد مجموعات استوطنت أرضاً عربية، ونفذت اعتداءات على حدود تلك الدول وشعوبها، فضلاً أنها تحمل مشروع تاريخي وأطماع في هذه المنطقة. إن وجود إسرائيل نفسه هو اعتداء واحتلال ووصف مقاومة تدافع عن أرضها بأنها قوة معتدية، ووصف القوة التي تحتل الأرض قوة دفاع هو فعل تضليل وتبديل للمصطلحات والمفاهيم التي تجد مسوغاً لها عند الدول الاستعمارية نفسها التي أنشأت الكيان الصهيوني.

 

إن شعار "جيش الدفاع" التي ترفعه إسرائيل والحركة الصهيونية في العالم يُستخدم بصورة مقصودة من أجل تضليل الوقائع والأعمال العسكرية التي ينفذها "الجيش الإسرائيلي ويرتكب فيها جرائم الحرب وينتهك حقوق الفلسطينيين منذ عام 1948، والعمليات التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية عبر الاستيطان وهدم البيوت والعقاب الجماعي لا يتعلق بأي سياسة دفاعية بل عملية استقواء وإظهار للقوة غير مبرر ويشبه تماماً ما فعلته العصابات الصهيونية قبل قيام دولة الاحتلال وبعدها ولكن اليوم ينفذها الجيش الإسرائيلي الذي ورث تلك العصابات.

 

بدأت إسرائيل والحركة الصهيونية تنكشف أمام العالم وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرار باعتقال رئيس وزراء العدو "بنيامين نتنياهو" ووزير الدفاع الإسرائيلي "يوآف غالانت" بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها "الجيش الدفاع الإسرائيلي" والتي كانت تبرر دائماً بأنه يقوم بالدفاع عن نفسه "وأن المحكمة لا تريد لإسرائيل أن تدافع عن نفسها" كما قال "نتنياهو" نفسه في انتقاده لقرار المحكمة. في المحصلة، يدفع قرار المحكمة الجنائية إسرائيل إلى الانكشاف أمام النخبة القانونية الدولية.

 

يعطي قرار المحكمة الجنائية الدولية دفعاً إلى الأمام نحو تعرية المصطلحات الإسرائيلية وإظهار افكار وأخلاق العصابات التي يحملها ويمارسها "جيش الدفاع الإسرائيلي" منذ أكثر من ثمانين عاماً، وأن التضليل والسردية الإسرائيلية في الدفاع عن النفس بدأت تفقد مشروعيتها عند الرأي العالم العالمي.