ليديا أبودرغم – خاصّ الأفضل نيوز
إنَّ اتفاقية مرور الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا التي دامت 5 سنوات، ستنتهي في الأول من شهر كانون الثاني المقبل ولن تُمدّد، حيث ترفض كييف، الجلوس مع موسكو للتفاوض من جديد.
وتعقّد الأمر أكثر أن نقطة دخول خط الأنابيب من الجانب الروسي تقع في بلدة سودجا، وهي الآن تحت السيطرة الأوكرانية بعد توغل كييف في المنطقة.
هذا المشهد العبثي، الذي يتحدى الواقع السياسي المألوف، يعكس كيف أن أوروبا لا تستطيع العيش بدون الغاز الروسي، بالرغم من انخفاض الاعتماد على الغاز الروسي بعد الحرب الأوكرانية، لكن لا تذكر ذلك بصوت عالٍ، لأن لا أحد يريد سماعه، إلا أن المقلق في الأمر أن هذا الانخفاض توقف، بل وبدأ الاعتماد على موسكو في الارتفاع قليلاً. فمنذ بداية العام وحتى الآن، شكلت روسيا نحو 20% من إجمالي واردات الغاز الأوروبية.
ويعد خط الأنابيب الأوكراني محورياً لأوروبا الشرقية والوسطى، خاصةً بالنسبة لسلوفاكيا والنمسا. كما تستفيد إيطاليا، التشيك، والمجر من كميات معينة من الغاز. وتحتفظ فيينا بواحدة من أقدم وأعمق العلاقات الأوروبية مع الطاقة الروسية، وحتى اليوم تعتمد على روسيا في أكثر من 80% من وارداتها من الغاز.
من هنا يبدو أن الحل السياسي الأنسب يتطلب أن تتولى الدولة الواقعة في وسط آسيا عقد الغاز بين أوكرانيا وروسيا إلى أوروبا. لكن هناك عقبة، وهي أن أذربيجان بالفعل تضخ أقصى ما تستطيع من الغاز، ولتوفير كميات إضافية لأوروبا، سيكون عليها مقايضة الغاز مع روسيا.
أوروبا ستتكبّد تكاليف اقتصادية كبيرة في حال استغنائها عن الغاز الروسي، حيث ستؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار من الناحية الاقتصادية والسياسية، كما ستكون تكلفة التوقف التام عن استخدام الغاز الروسي الآن بالنسبة لروسيا مرتفعة للغاية أيضاً، حيث أنه نتيجة لإنهاء صفقة الغاز، فإن روسيا قد تخسر 6.5 مليارات دولار ما لم تتمكن من إعادة توجيه صادراتها إلى أسواق أخرى. وقد تشهد أوكرانيا خسارة 0.5% من ناتجها المحلي الإجمالي إذا أنهت دورها تماما كطريق عبور.
يثير التوقف كثيرًا من التساؤلات حول قدرة أوروبا على الصمود، بعد وقف كل إمدادات الغاز المنقول عبر أنابيب نورد ستريم ويامال، ما ستضطر الدول الأوروبية لشراء مزيد من مصادر أخرى مثل الولايات المتحدة وقطر وأستراليا ونيجيريا، ما سيضعها في منافسة مع المستوردين الآسيويين على إمدادات محدودة. والنتيجة ستكون تشديداً في السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال وارتفاعاً أكبر في الأسعار خلال العام 2025، لذلك على أوكرانيا البحث عن دور بديل في رقعة شطرنج الطاقة وتحاول أن تُقنع دولاً أخرى لتمرير الغاز عبرها مثل أذربيجان وكازاخستان ولكن السؤال حول جدوى ذلك يبدو كبيراً.