نوال أبو حيدر - خاصّ الأفصل نيوز
يعيش اللّبنانيون منذ سنوات في خضمّ أزمة خطيرة تجلّت في انهيار المداخيل، تلاشي الوظائف، فقدان المدّخرات، شحّ المستلزمات الأساسية وتدهور الخدمات العامّة، كل ذلك، إلى جانب الحرب التي اندلعت بين حزب الله والعدو الإسرائيليّ، إذ تعددت الخسائر البشرية وتعرضت الممتلكات للتدمير، جميعها أدّت إلى تفاقم نسبة الهجرة من لبنان إلى خارجه.
فالحرب على لبنان وكما يقول المثل الشهير "زادت الطين بِلَّة"، ودفعت العديد من اللّبنانيين إلى اختيار الهجرة حلاًّ مناسبًا لما يمرّ به الوطن، أمَّا التساؤلات الأهم كيف ستنعكس تداعيات هذه الهجرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والاستثماري في لبنان بعد دخولنا في مرحلة وقف إطلاق النار والتحولات؟ هل من بوارق أمل بعودة هؤلاء إلى بلدهم؟ وهل نحن أمام انفراج أم تأزّم في هذا الخصوص؟!
من هنا، رأى الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور أنيس أبو دياب، في حديثٍ خاص لموقع "الأفضل نيوز" أنّه "بحسب الدولية للمعلومات، منذ العام 2019 حتّى نهاية العام 2024، أيّ حتّى وقف إطلاق النار، هاجر من لبنان حوالي 800 ألف شخص، أي حوالي ال20% من سكّان لبنان، ممّا سيؤثر حتمًا على الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ".
مُتابًعا: "وكما يعلم الجميع أنّ من يُهاجر في ظروف الحرب يكون لديه إمكانيات في فرص عمل في الخارج ومراكز جيّدة، من حيث الطاقة العلمية والمعرفية، وبالتالي يُعدّ ذلك فقدانًا لفرصة عمل محلية وتراجعًا في القيمة المضافة".
وربطًا بذلك، أوضح أبو دياب أنّه "وبصرف النّظر عن تحويلات المُغتربين، لكن الإنتاج المحلي الذي يساهم في زيادة القيمة المضافة هو الأكثر فعالية وإنتاجية بالنسبة للاقتصاد، ولكن لبنان دائمًا يعوّل على مُغتربيه بِحبّهم له".
ومن هذا المنطلق، اعتبر أنّه "في حال كان هناك استقرار داخل البلد، وهذا ما يتمناه الجميع، أعتقد في بداية العام الجديد، وبحال نهض لبنان بانتظام مؤسساته وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وتجديد الحياة السياسية فيه، بعيدًا عن السياسات المنحرفة أو الاستنسابية في التوظيف، وقدرته على إعادة جذب المستثمرين الأجانب واللّبنانيين المغتربين، وفي حال تمكن لبنان من تأمين هذه البيئة والمناخ الاقتصادي والاجتماعي والاستثماري نستطيع أن نعيد الثقة وبالتالي يعود المغترب اللّبناني ويستثمر في لبنان، وربما يؤسس عائلته في لبنان".
ومهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فإنّهم يظلون يعتقدون أن غربتهم عن أوطانهم مؤقتة، ولا بدّ من العودة إلى مرابع الوطن ويصمدون أمام التوتّرات السياسية والأمنية والاقتصادية.
وفي الختام، شدّد أبو دياب أنّه "للهجرة انعكاس خطير جدًا على المستوى الاجتماعي، من حيث تفكك الأسرة وتفكك الترابط الاجتماعي وتفكك شجرة العائلة هو قاتل، لأنّ لبنان لا يمتاز فقط بالطبيعة الجيّدة والمناخ الجيّد والأرض الخصبة، لكنّه أيضًا يمتاز بالترابط الأُسري والعائلي والاجتماعي، لذلك نعوّل دائمًا على الاستقرار، إعادة الانفراج وإعادة من هاجر بصورة مؤقتة إلى بلده لبنان، وأعتقد أن هذا رهان قائم وموجود على أن يكون هناك انفراج في المستقبل القريب".