كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
مرَّ شهر على اتفاق وقف إطلاق النار، بين العدوِّ الإسرائيليِّ ولبنان، وفق القرار ١٧٠١، لكن لم يطبّق من قبل الحكومة الإسرائيليّة برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يؤكِّد كما شركاؤه من الوزراء في حكومته، بأنه لن ينسحب من لبنان، ولن يفعل ذلك في غزة، وجيش الاحتلال توسَّع في الجولانِ ومحافظة القنيطرة وريفها، وسيثبت وجوده العسكري فيها.
فالاتفاق الذي أعطي مهلة ٦٠ يومًا لاختبار تنفيذه، فإنَّ "حزب الله" التزم به، وترك للجيش اللبنانيِّ أن يعالج مسألة الاحتلالِ الإسرائيليِّ، من خلال لجنة خماسية شُكِّلت لمراقبة تطبيقه، وهي لم تفعل شيئًا، وسجَّلت أمامها ليست خروقات ارتكبها العدوُّ الإسرائيليُّ، بل توغّل إضافي في الأراضي اللبنانية، دون أي رادع لا من الجيش اللبنانيِّ، ولا من القوات الدوليّة الموجودة في لبنان منذ نحو نصف قرن، ولم تمنع حصول اجتياحات لجيش الاحتلال للأراضي اللبنانيّة، أو وقف الاعتداءات على السيادة اللبنانيّة برًّا وجوًّا وبحرًا.
فالعدوُّ الإسرائيليُّ أغار فجر الأحد على بلدة طاريا في البقاعِ ودمَّر منزلًا، وسبق له أن خطف مواطنين لبنانيين، وهو مستمر في تدمير المنازل والمؤسَّسات في بلدات وقرى تقع جنوب الليطاني، ولم تتوقف عملياتِ القتل والاغتيال بحق المواطنينَ، ولم تسأل اللجنة الخماسية المندوب الإسرائيليّ في اللجنة، عن أسباب استمرار الحرب التدميرية، وإن بنسبة أقل بكثير مما كانت عليه زمن الحرب الفعلية، ويأتي جواب ممثل العدوِّ الإسرائيليِّ، بأن ما يقوم به جيشُ الاحتلالِ، هو تدمير ما تبقى من مخازن أسلحة لـ "حزبِ اللّه"، من خلال الفترة التي أعطاها الاتفاق لمراقبة ما إذا كان الجيش اللبنانيّ جادًّا في إخلاء منطقة جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين، لأن التجربة لما بعد حرب تموز ٢٠٠٦، لم تكن مشجعة لإسرائيل وفق ما يقول رئيس حكومتها إذ بنى "حزب الله" قوته العسكرية، لا سيما الصاروخية منها في فترة وقف إطلاق النار، ولم يلتزم بالقرار ١٧٠١، لأن الحكومة اللبنانية سمحت لـ "حزبِ اللّه" بأن يدخل سلاحه إلى لبنان عبر سوريا، أو من مطار بيروت بالطائرات، فكان خرق للقرار ١٧٠١، الذي فشلت الحكومات المتعاقبة في لبنان، وعبر كل العهود الرئاسية.
لذلك يلجأ العدوُّ الإسرائيليُّ إلى تكثيف عملياتِ التَّدميرِ وجرف المنازل وحقول الزيتون، واقتلاع الأشجار المثمرة، لتحويلِ مناطق جنوب الليطاني، وعند الحافة الأمامية للحدود مع فلسطين المحتلّة، إلى منطقة منكوبة بعدم عودة السكان إلى البلدات والقرى الجنوبية، وما زال العدوُّ الإسرائيليُّ يمنع أهالي ٧٢ مدينة وبلدة من العودة إليها، لأسباب تتعلَّق بأن لا يبقى وجود بشري، يستفيد منه "حزب الله" لإعادة تكوين خلايا وقواعد عسكرية وأنفاق عسكرية، تشكِّل خطرًا على وجود الكيان الصهيوني وتمنع سكان شمال فلسطين المحتلّة، المستوطنينَ، من العودةِ إلى منازلهم ومؤسساتهم وأعمالهم، فما زال عدد كبير من المستوطنينَ خارج منازلهم بالرغم من وقف إطلاق النار.
فخلال أكثر من شهر على انتهاء ولاية جو بايدن، في الرئاسة الأميركيّة، وتسلّم سلطة رونالد ترامب، فإن العدوَّ الإسرائيليَّ يماطل في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ليفرض شروطه العسكرية والسياسية، ففي الشِّقّ العسكري تريد إسرائيل، أن يكون الجيش قد استولى على كل سلاح "حزب الله"، وهذا يعكسه سلوك اللجنة اللامبالي، من مواصلة العدوِّ الإسرائيليِّ لاعتداءاته اليومية على لبنان، الذي يريد أن يأتي رئيس جمهورية له، يقوم بتطبيق القرار ١٥٥٩ الذي يجرِّد كلّ الميليشيات من سلاحها، وتحديدًا "حزب الله" ليس جنوب الليطاني، بل شماله وكل لبنان، وهذا ما يراقبه العدوُّ الإسرائيليُّ، ولن يلتزم باتفاق وقف الحرب، إلَّا إذا أعلن "حزبُ اللَّه" بأنَّه لم يعد تنظيمًا عسكريًّا، بل سياسيًّا، وهو ما تطلبه كل الدول من "حزبِ اللّه" أن يفعله بتحوله من ميليشيا عسكريّة، إلى تنظيم سياسي، لكن "حزب الله" ردَّ بأن المقاومة باقية وسلاحها موجود وسيزداد قوة عندما لا ينفذ العدوُّ الإسرائيليُّ وقف إطلاق النار، ويعطي الجيش دوره في كل مكان.
فاتفاق وقف إطلاق النار هو تضييع للوقت عند العدوِّ الإسرائيليِّ، والكرة في مرمى اللجنة الخماسية.