كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
فوجئ اللّبنانيّون، بالتّمديد لاتفاق وقف إطلاق النَّار، الذي طلبه رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو، من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستجاب له، بعد أن انتهت مهلة السّتينَ يومًا، في ٢٦ كانون الثاني الحالي، وهو اليوم الذي اندفع فيه أهالي القرى والمدن التي منعوا من الدخول إليها، من قبل جيش الاحتلالِ الإسرائيليِّ، تحت ذريعة البحث عن مخازن أسلحة لـ "حزبِ اللّه" ومراكز عسكريّة له، فقام بأعمال التَّدميرِ للمنازل، وتجريف للأرض، مخالفًا الاتفاق، الذي لم تكن لجنة الإشراف على تنفيذه، صادقة في ردع العدوِّ الإسرائيليِّ، من استمرار حربه المدمِّرة، من جانب واحد، في وقت التزم "حزبُ اللَّه" بالاتفاق، ولم يرد على الاعتداءات الإسرائيليّة على السِّيادة اللبنانيّة، وترك الموضوع للدولة والجيش اللُّبنانيِّ المكلَّف بالانتشار عند كلِّ انسحاب للاحتلالِ الإسرائيليِّ.
فالتَّمديد لتطبيق الاتّفاق، جاء من طرف واحد، وهو العدوُّ الإسرائيليُّ الذي أيَّدته أميركا في عهد رئيسها الجديد، وتبلَّغ لبنان من واشنطن، أنَّ الاتفاق تنتهي مهلته في ١٨ شباط المقبل، فوافق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على التمديد، وأصدر بيانًا يعلن فيه، أن موافقته جاءت بعد التَّشاور مع كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النّواب نبيه بري.
وتزامن التمديد مع الزحف الشعبي، نحو البلدات الجنوبية عند الشّريط الحدودي، الذي واكبه الجيش اللُّبناني، بالرَّغم من تحذيرات العدوِّ الإسرائيليِّ بأن لا يتقدَّم الأهالي نحو مناطق كان ما يزال فيها، لكنهم رفضوا المثول لتهديدات العدوِّ، وبدأوا بالدخول عنوة عن جنود الاحتلال، الذين أطلقوا النار على الأهالي العائدين فسقط منهم نحو ٢٥ شهيدًا وحوالي ١٥٠ جريحًا، مما أربك العدوَّ الإسرائيليَّ، وفضح لجنة الإشراف لا سيما رئيسها الأميركي الجنرال جاسبر جيفرز، الذي لم يحرك ساكنًا هو وزميله الجنرال الفرنسي، ولا الأمم المتحدة، ولاذ لبنان الرسمي بالصمت، متَّكلًا على أميركا ورئيسها ترامب أن يرفضوا استمرار الاحتلالِ الإسرائيليِّ، الذي أحرج الحكومة اللبنانية لتصريف الأعمال التي أعلنها رئيسها نجيب ميقاتي، أنه لا يعلم شيئًا عن الاتفاق الذي كانت المفاوضات حوله تجري مع الرئيس نبيه بري، وتولاها الموفد الرئاسي الأميركي السابق آموس هوكشتاين، الذي أبلغ بري أن نتنياهو وافق على وقفِ إطلاقِ النارِ لمدة شهرين، على أن ينسحب من الأراضي التي احتلها بعد وقف إطلاق النَّار، إذ لم يتمكّن خلال حرب الشهرين من ٢٧ أيلول حتى ٢٧ تشرين الثَّاني ٢٠٢٤، من إحراز تقدم على الأرض، سوى بعض الخروقاتفي الخيام ومارون الراس وكفركلا وحولا.
فالاتفاق الذي شابه الغموض، كما تفسيره، وطرح السؤال كيف تمت خديعة لبنان به، ولم يتمكن العدوُّ الإسرائيليُّ من إحراز أي هدف من أهدافه، بتدمير قدرات "حزبِ اللّه" العسكرية وإعادة مستوطني شمال فلسطينَ المحتلّة إليها، بعد إقامة "حزام أمنيّ" بعمق ٥ و٧ كلم داخل الأراضي اللبنانيةِ عند الحدودِ مع فلسطين المحتلّة، فلم يحصل العدوُّ الإسرائيليُّ على ذلك، إلا بعد اتفاق وقف إطلاق النَّار، الذي لم يأت لصالح لبنان، وأن التمديد الذي حصل عليه نتنياهو من ترامب، يعطيه فترة جديدة ليستمر في تدميره، تحت ذريعة أن الجيش اللبنانيّ لم يقم بما هو مطلوب منه في الكشف عن مخازن الأسلحة لـ "حزب الله" ومصادرتها أو تدميرها، وهو ليس موثوقًا من العدوِّ الإسرائيليِّ، كما قال مسؤولون فيه، وتحت هذا العنوان، أقنع نتنياهو الإدارة الأميركية بتمديد مهلة الاتفاق، حتى يُنهي الجيش إجراءاته في تدمير ما تبقى من أسلحة لـ "حزبِ اللّه"، وهي لا تتعدى الـ ٢٠٪، إضافة إلى أنه طلب أن يُبقي له وجودًا عسكريًّا في خمس نقاط استراتيجية، لمنع "حزبُ اللَّه" من إعادة بناء قوَّته العسكريّة، التي إذا ما استعادها، فإن مستوطني الشمال لن يعودوا إلى منازلهم، إذا لم يتأكدوا من أنَّ "حزب الله" لم يعد له وجود عسكري وحتى شعبي، ليستأنف تهديده لهم.
فتمديد الاتفاق، شكَّل نكسة للبنان الذي لم يعلن المسؤولون فيه أسباب موافقتهم عليه، وقبله على الاتفاق الذي خضعت القيادة السِّياسية في لبنان، للقبول به، في ظلِّ التّدميرِ الذي ألحقه العدوُّ الإسرائيليُّ بالجنوبِ والجزء الشَّمالي من البقاع والضاحية الجنوبية.