ليديا أبو درغم - خاصّ الأفضل نيوز
ما إن سيطر الجيش السوداني على المزيد من الأراضي في السودان وفّك الحصار عن مقر القيادة العامة بالخرطوم، وسط مخاوف من تقسيم البلد، حتى بدأت تُطرح أسئلة اليوم التالي للحرب، وكيفية بناء مؤسسات الدولة، والعلاقة مع العالم، وتحقيق المصالحة الوطنية، بعد حرب أكملت نحو أكثر من 20 شهراً من الحرب المشتعلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي راح ضحيتها ملايين الأشخاص بين قتيل ومصاب ونازح ولاجئ، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية وبيئية وصحية ومجتمعية لم يقدر حجمها بعد.
فللصراع الذي يدور، في السودان خلفيات تاريخية، وسياسية من حيث نشأة النزاعات المسلحة، واضطراب العلاقة بين القوى العسكرية، والسياسية، وكذلك دور الأنظمة السابقة المتعاقبة؛ وكان للقوى الدولية الكبرى، والإقليمية نصيبًا كبيرًا في تأجيج، واستمرار الحرب؛ إذ تنظر هذه القوى للسودان باعتباره بوابة إلى أفريقيا، ونقطة استراتيجية رئيسة على البحر الأحمر.
فالأبعاد الجيوسياسية لهذه الحرب يؤثر عليها موقع السودان الاستراتيجي، وتأثيره على المنطقة. وبحكم الجغرافيا فإن هناك تداعيات خطيرة على المديين: القريب، والبعيد على الأمن الإقليمي، من انعكاسات على أمن القرن الأفريقي، وتأثر حركات التمرد في المنطقة بهذا الصراع، وتأثيرات النزوح واللاجئين، وكذلك انعكاسات الحرب على الأمن المائي، وملف سد النهضة، فضلًا عن إمكانية تشكل تحالفات جديدة، أو تغير موازين القوى في المنطقة.
وكشفت تلك الحرب، التي تغاضى عنها الإعلام العربي والدولي خلال فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة ولا يزال، عورةَ تعاطي دول الجوار، فلم تستوعب هذه الدول أن الاستقرار في السودان يعني استقرارًا لديها، فارتضت أن تكون أدوات تنفيذية للمخططات الدولية التي لا تستهدف في المحصلة السودان وحده، وإنما كل دول المنطقة، ليسهل الاستحواذ على مواردها وتوظيفها لصالحها.
لا شك أن الحرب سوف تنتهي قريبًا، ليس فقط لأن الجيش السوداني في وضعية أفضل، وقوات الدعم السريع مُنهكة ومُحاصرة داخليًا وخارجيًا، ولكن لأن القوى الدولية التي تتصارع على موارد الشعب السوداني أدركت أن تغذيتها هذا الصراع أضرت بالجميع، ولا يمكن لها أن تواصل في نفخ المزيد من النيران؛ لأن ذلك سوف يرتد على المنطقة برمتها.
كذلك فإن السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تقوم على محاصرة البؤر المشتعلة، أقلّه مؤقتاً، ومنح السلام فرصة في الشرق الأوسط.
يحتاج السودان إلى النظر في القضايا التي تنقله من حالة الحرب إلى السلام، عبر إيجاد نظام يتم فيه التداول السلمي للسلطة بصورة تضمن للجميع فرصاً متكافئة من أجل الوصول للسلطة، وأن تصبح السلطة بيد الشعب وليست بيد السياسيين الذين يتقاسمون الحصص والامتيازات والمصالح فيما بينهم.