حمل التطبيق

      اخر الاخبار  وفد إعلامي يزور "الغد الأفضل".. ودعوة لتعميم نموذج النائب مراد في الحكومة المقبلة   /   ‏إعلام إسرائيلي: الكابينيت سيناقش عملية للجيش في مناطق تمثل مركز ثقل لحماس   /   الرئيس الفلسطيني يعفي السفير أشرف دبور من مهامه في لبنان   /   ‏هيئة البث الإسرائيلية: الوسطاء متفائلون بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة   /   هيئة البث الإسرائيلية: نتنياهو قال لبن غفير وسموتريتش إن الحرب لن تنتهي بشكل دائم دون نزع السلاح في غزة   /   ‏القناة 12 العبرية: رصد إطلاق صاروخين من خانيونس في قطاع غزة   /   هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل لم ترفض رد ‎حماس بشكل شامل وترى أن هناك ما يمكن العمل عليه   /   إعلام إسرائيلي: الكابينت سيناقش مساء اليوم رد حماس   /   لامي: شاهدت التقدم الملحوظ الذي أحرزه السوريون في إعادة بناء حياتهم وبلدهم   /   المفتي دريان: نهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه   /   المفتي دريان: لا خلاص للبنان إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي التزاما بوثيقة الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية وما زالت تواكب لبنان وشعبه ومؤسساته بعناية مخلصة   /   معلومات الجديد: الرد الرسمي اللبناني على ورقة برّاك تمت صياغته بشكل مدروس كي لا يؤدي إلى تصعيد في المرحلة المقبلة وأتى بالتنسيق مع حزب الله   /   حماس: قدمنا إلى الوسطاء ردنا الذي صيغ بالإجماع وبروح إيجابية بعد المشاورات مع الفصائل   /   حماس: الاتصالات مع الفصائل أسفرت عن توافق وطني موحد داعم لموقف قوى المقاومة الفلسطينية   /   حماس: أجرينا اتصالات مع الفصائل للتنسيق بشأن ردنا على ورقة الإطار لوقف العدوان على غزة وآليات تنفيذه   /   أكسيوس نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: من المتوقع أن يرسل نتنياهو مفاوضين إلى الدوحة لإجراء محادثات غير مباشرة مع حماس   /   عون: الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض ضرورة بقاء "اليونيفيل" من أجل تطبيق القرار 1701   /   الرئيس عون: استمرار الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب يصعب على الدولة بسط سلطتها الكاملة وحصر السلاح بيدها   /   قائد شرطة ولاية تكساس: ارتفاع عدد قتلى الفيضانات إلى 27 واستمرار جهود البحث   /   انتهاء الاجتماع بين المفتي دريان والوفد المرافق مع الرئيس السوري أحمد الشرع والذي دام حوالي الساعة   /   روسيا: الدفاعات الجوية تسقط 4 مسيرات كانت متجهة إلى موسكو   /   ‏قائد شرطة ولاية تكساس: ارتفاع عدد قتلى الفيضانات إلى 27 شخصا واستمرار جهود البحث   /   حركة المرور كثيفة على اوتوستراد ‎المدينة الرياضية ‎الكولا - نفق ‎سليم سلام   /   حركة المرور كثيفة من ‎كازينو لبنان حتى مفرق ‎الزوق   /   مصادر للتلفزيون العربي: الرد اللبناني على المطالب الأميركية يحتاج لمزيد من المشاورات خلال 24 ساعة لتسليم الرد   /   

تركيا.. على صفيح التوازنات الدقيقة وإعادة رسم الأحجام

تلقى أبرز الأخبار عبر :


إلياس المر - خاصّ الأفضل نيوز

 

 

لم تكن مفاجئة الأحداث الأخيرة التي هزّت الشارع التركي، فلا تمادي السلطة في قمع المعارضة ووصولها إلى مرحلة النشوة في الإنجازات الإقليمية الأخيرة مفاجىء، ولا الرغبة في صرفها في الداخل التركي لناحية تثبيت حكم العدالة والتنمية والتحضير لولاية جديدة للرئيس أردوغان مفاجىء، ولا الضغوطات الخارجية والرغبة الأوروبية والأميركية بتحجيم تمدد ونفوذ الرئيس أردوغان بعدما أصبح لاعبًا مشاكساً على الساحة الأخضر دولياً، الشرق الأوسط.

 

 

هي خطوة ناقصة، غير محسوبة، كانت السبب المباشر لإشعال الشارع الملتهب أساساً في الداخل التركي، وسط تنامي خط المعارضة القوي، والذي يزداد قوة مقابل غرق الحزب الحاكم في السياسة الخارجية وغياب المعالجات الحاسمة للمعضلات الداخلية، السياسية والاقتصادية.

 

عناصر قوة المعارضة 

 

يتصدر مشهد المعارضة حزب الشعب الجمهوري، الذي يمتاز بعلاقات مبنية على التنسيق مع باقي أحزاب المعارضة الأقل حجماً منه، أبرزها، تحالف الأمة الذي يجمعه مع عدد من الأحزاب، بالإضافة إلى التنسيق مع أحزاب أخرى أقل حجماً من خارج التحالف، أبرزها، حزب السعادة، وحزب الديمقراطية والتقدم.

 

استطاع الحزب المعارض الأبرز السيطرة على البلديات الكبرى في تركيا، نتيجة انتخابات العام ٢٠١٩، أبرزها وصول رئيس بلدية إسطنبول العاصمة الإدارية، أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة العاصمة السياسية، منصور يافاش، بدورهما اكتسبا شعبية كبيرة جداً لشخصيهما شكلت رافعة مهمة لتعزيز شارع المعارضة الناقم على الحكومة. 

 

الاستفادة من الأزمة الاقتصادية كان عاملاً حاسماً في نمو وتطور المعارضة التركية، إذ وسط انشغال الحكومة بالسياسة الخارجية، تعاظمت المشكلات الداخلية لا سيما الاقتصادية منها دون النجاح في الوصول بها إلى حلول جذرية، فزاد التضخم حيث وصل إلى عتبة ال ٤٨٪؜ في المرحلة الأخيرة، وزادت معه معدلات الفائدة حيث رفعها المركزي إلى عتبة الـ ٥٠٪؜، بمحاولة للسيطرة على التضخم، فأثر ذلك سلباً على الاستثمارات والطلب المحلي، تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز الـ ٢،١ في الربع الأخير من السنة الماضية، تسبب كل ذلك بإغلاق عدد كبير من المعامل، لا سيما في قطاع النسيج والملابس، وكان سبب ذلك كله ضعف الليرة التركية وعوامل استنادها، مزادت تكاليف الاستيراد بزيادة تكاليف العملة الصعبة، فتم اللجوء إلى الديون الخارجية، ويوعز الخبراء السبب الرئيسي لهذا التدهور الاقتصادي لحالة عدم اليقين السياسي الذي تعيشه البلاد وسط خطوات كبيرة تقوم بها في إطارِ السياسة الخارجية، دون الاستناد إلى عناصر قوة داخلية، تبدو الحكومة منشغلةً عن البحث عنها وإيجادها.

 

شكلت هذه المعطيات، عنصر قوة للمعارضة وازدهار ونمو لشعبيتها.

 

دور الأقليات المردية والعلوية في المشهد الداخلي

 

امتازت علاقة الحزب الحاكم ورئيسه أردوغان باعتماد سياسة العداء الأقصى، تجاه المجتمع الكردي، ومعارضته الشرسة للمنظمات والأحزاب المردية داخل تركيا وفي الإقليم، لا سيما موقفه المعروف من الملف المردي في سوريا، ومعارضته العسكرية الشرسة لإنشاء كيان كردي مستقل أو فدرالي أو حتى أي شكل من أشكال الإدارة الذاتية التي تشكل عنصر قوة ونمو للحالة الكردية التي يعتبرها تهديداً مباشراً للأمن القومي التركي يرتقي إلى مستوى التهديد الإرهابي، كل تلك المواقف عززت شعور الكراهية الكردية تجاه الحكومة والحزب الحاكم، وجعلت الأكراد الذين يشكلون حوالي ١٥ إلى ٢٠٪؜ من السكان، ويتمتعون في ثقل انتخابي واضح جنوب شرق البلاد يميلون بالأغلب إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض مما أدى إلى هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم لا سيما في إسطنبول وأنقرة. 

 

هذا العداء الأردوغاني تجاه الأكراد، لم يرتق إلى نفس المستوى مع الطائفة العلوية حيث كثيراً ما حاول استمالتهم إلى صفه، إلا أن عوامل عديدة لا سيما الخارجية منها وتحديداً الموقف من الحرب في سوريا، رمت بالطائفة العلوية التي تشكل ١٠ إلى ١٥٪؜ من عدد السكان، في أحضان المعارضة، وعزز ذلك بروز قادة سياسيين مهمين من الطائفة في صفوف المعارضة، أبرزهم كان زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق، أكبر أحزاب المعارضة، والمرشح الرئاسي ضد أردوغان في الانتخابات السابقة، كمال كليجدار أوغلو، أضف على ذلك العنصر البسيكوبوليتيكي، أن مزاج الطائف العلوية لا ينسجم والتوجهات الإسلامية للحزب الحاكم، فجنحوا باتجاه الخطاب العلماني للأحزاب المعارضة. 

 

 

التحديات الخارجية للسياسة التركية الحالية، التي استفادت منها المعارضة.

 

التحديات مع أميركا

 

ثلاث ملفات شكّلت عنصر التحدي والمواجهة الأساسي بين تركيا وأميركا تتمثل، بملف ال S400 وصفقة شراء منظومة الدفاع الروسية، التي أدت إلى وقف صفقة ال F35 الأميركية، 

الخلاف حول القضية الكردية، التي تجسد في سوريا، ووصل إلى حد الصراع العسكري، 

وملف حقوق الإنسان والحريات، بأن تمادي الحكومة التركية في اعتقال الصحفيين ومحاكمة المعارضين مما أدى إلى وضع عقوبات أثرت مباشرة على الاقتصاد التركي. 

 

التحديات مع روسيا

 

قد تكون موسكو الحليف الاستراتيجي اللدود لأنقرة إلا أن العلاقة الشائكة والمعقدة، يعروها العديد من التحديات المباشرة. أبرزها الخلاف في الموقف من سوريا، إذ بالرغم من الشراكة في منصة أستانة، كان هناك تناقض مطلق من موقف وتحالفات كلا البلدين في سوريا، حتى ما بعد سقوط النظام اعتبرت موسكو أنها تعرضت للغدر من قبل تركيا، وظهر تصريح واضح في هذا الشأن على لسان ملهم السياسية الروسية والمنظر لها ألكسندر دوغين حيث قال بوضوح في مقابلة معه منذ أيام، "لو احتاج أردوغان للمساعدة مستقبلاً سنقول له عذراً الأمر لا يعنيناً"، لم نكن نعلم أن مستقبلاً تعني عبر عدّة أيام قليلة!! 

 

التوازنات الدقيقة في الملف الأوكراني وعدم وقوف تركيا بالمطلق إلى جانب روسيا، وحفاظها على العصا من المنتصف، شكل أيضاً نقطة ضعف في العلاقات الروسية التركية، بالإضافة إلى الخلاف في منطقة القوقاز ومحاولة التزاحم على النفوذ من خلال دعم تركيا لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا، إبان الخلاف حول إقليم ناغورنو كاراباخ عام ٢٠٢٠ فيما احتفظت روسيا بدور الوسيط الذي يميل إلى عدم إهدار الحقوق الأرمنية.

 

الاتحاد الأوروبي

 

سادت العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي العديد من المراحل الضبابية، والملفات الشائكة، لم يكن أصعبها ملف الانضمام الذي سبب الكثير من التوتر مع دول أوروبية بارزة، تجسد في الصراع على الحدود مع كل من اليونان وقبرص وإصرار تركيا التنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها، كما وملف النازحين الذي اعتبر ورقة ضغط تركية ضد أوروبا واتهام الأخيرة أردوغان بمحاولة ابتزازها بهذا الملف. 

 

تحديات إقليمية 

 

ساد العلاقة التركية مع العديد من الدول الفاعلة في المنطقة، علاقات ضبابية وسياسة مزاحمة غير ودية، عجل العديد من هذه الدول تنظر بعين الحذر والريبة من سياسة أردوغان، لا سيما الدول العربية، في مقدمها المملكة العربية السعودية والإمارات، لا سيما جراء دعم تركيا لأحزاب الإسلام السياسي كحركة الإخوان المسلمين، والموقف من قضية الخاجقجي، والتمادي في النفوذ والتوغل في الملف السوري وصولاً إلى دعم وصول الشرع مؤخرًا والنجاح في قلب الطاولة، وملفات شائكة أخرى، مثل التدخل العسكري في ليبيا والعراق، أدت إلى انعدام الثقة وعدم الرغبة بالتعاون بالرغم من العمل على تحسين ظاهري للعلاقات مع عدم الحماس للدعم المتبادل لا سيما الاستثمارات العربية، في الاقتصاد التركي. 

 

 

كل هذه التحديات، شكلت عنصر ضغطٍ على الحزب الحاكم الذي دخل عامه الحادي والعشرين، في الحكم، تراوح بين الضغوط الخارجية بسبب تشعب السياسة الخارجية التركية والمحاولة الدائمة للمواءمة بين الشرق والغرب، حتى وصلت إلى خطر عدم إرضاء لا الشرق ولا الغرب، بالإضافة إلى فائض النفوذ والتوغل في سياسة الإقليم الذي تمثل بالحدث السوري مؤخراً، 

كل هذه العوامل شكلت تقاطعاً حتمياً، شرقياً، غربياً وإقليمياً، على ضرورة تقليم أظافر أردوغان، والحد من فائض قوته وجنوح طموحاته التوسعية، مقابل فراغ في مقومات وعنصر القوة الداخلية المتمثلة بالتراجع الشعبي الكبير والإفلاس الاقتصادي. 

 

فهل تكون الأحداث الجارية اليوم إثر اعتقال زعيم المعارضة، رئيس بلدية اسطنبول، أكرم أمام أوغلو، والمظاهرات الحاشدة التي عمت كبرى المدن التركية، رسالة لتحجيم أردوغان وتطويعه، أم القرار اتخذ بإنهاء حكمه، والقضاء على نفوذه الداخلي والإقليمي بشكل نهائي، وطي صفحة من التاريخ التركي الحديث، وفتح صفحة جديدة، الساعات المقبلة كفيلة بالجواب!!