أكرم حمدان - خاص"الأفضل نيوز"
يبتكر كيان الاحتلال وسائل وأساليب متنوعة في ارتكاب المجازر والمذابح بحق الشعب العربي عموماً والشعبين اللبناني والفلسطيني خصوصاً، منذ وجود هذا الكيان على أرض فلسطين، وربما تكون هذه السياسة المنتهجة من قبل هذا الكيان وقادته من ضمن المخطط الرامي إلى تحويل الشهداء إلى أرقام ووفق نظرية "كي الوعي" التي يسعى من خلالها لجعل تكرار المجازر والمذابح أمراً طبيعيًا ومعتاداً يمر مرور الكرام.
ولكي لا ننسى ولأن المطلوب مواجهة هذه السياسة وتلك الأساليب الخبيثة، نتذكر اليوم 18 نيسان واحدة من أكبر المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال في العام 1996 في جنوب لبنان وتحديداً في بلدة قانا، كشاهد على التاريخ الإجرامي لهذا الكيان وقادته.
ففي ذلك اليوم وخلال العدوان الصهيوني الذي شنته إسرائيل على لبنان تحت مسمى "عناقيد الغضب"حينها، استهدفت مدفعية الاحتلال مركز قيادة "فيجي" التابع لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، في بلدة قانا الجنوبية، ما أدى إلى سقوط أكثر من مئة شهيد بينهم عشرات الأطفال، وإصابة نحو 150 آخرين بجروح مختلفة.
وقد تناثرت أشلاء الشهداء في مختلف أرجاء مقر الأمم المتحدة، وهناك من الشهداء من حمل لقب مجهول يوم دفنه.
تلك الواقعة حفرت في ذاكرة اللبنانيين والعالم الحر، حيث كان ما يزيد على 800 مواطن لبناني قد لجأوا إلى مقر قوات حفظ السلام كونه آمن، وكان معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
ولكي لا ننسى، ولكي يعرف الجيل الجديد الذي لم يُعاصر تلك الحقبة الزمنية، ولإنعاش ذاكرة بعض من يُراهن على الدبلوماسية والأمم المتحدة وما يُسمى بأصدقاء لبنان في العالم، من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض والأسرى، نُذكر بأن شمعون بيريز، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك قال بأن "الجيش الإسرائيلي لم يكن على علم بوجود مدنيين في مقر الأمم المتحدة"، إلا أن موشيه إيلون، رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية، قال: "إن ضباط الجيش الإسرائيلي علموا بوجود لاجئين مدنيين في مركز الأمم المتحدة".
والأهم أن مجلس الأمن الدولي اجتمع من أجل التصويت على قرار يدين إسرائيل على ارتكاب تلك المجزرة، لكن الولايات المتحدة الأميركية أجهضت القرار باستخدام حق النقض (الفيتو).
إن التذكير بهذه المجزرة وهذا التاريخ لا ولن يُلغي من الذاكرة أيضاً أن بلدة قانا قد شهدت على مجازر أخرى في عدوان 2006 وكذلك 2024 كما غيرها من بلدات وقرى الجنوب اللبناني التي تتماهى مع مناطق وبلدات ومخيمات فلسطينية في غزة والضفة والقدس وفي مراحل تاريخية مختلفة.
إن ذكرى مجزرة قانا الجليل ورمزيتها وحرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، تؤكد بما لا يقبل الشك بأن هذا الكيان الصهيوني الغاصب قائم وموجود لتنفيذ أجندات القتل والتدمير والإجرام، ولكي لا ننسى يجب أن نتذكر ونُذكِّر بهذا التاريخ.